سماسرة: العيش في جيوب طائفية وراء انتعاش سوق العقارات ببغداد

قالوا إن الأسعار ارتفعت حتى في الأحياء الساخنة.. وفي الآمنة هي الأعلى

منزل معروض للبيع في أحد أحياء بغداد (رويترز)
TT

بث التراجع الكبير في أعمال العنف الحياة من جديد الى سوق العقارات في بغداد الذي كان يحتضر ذات يوم رغم أن البحث عن منازل في الجيوب السنية والشيعية لا يبعث على التفاؤل فيما يتعلق بالمصالحة الطائفية في العاصمة العراقية.

ويقول سماسرة كانوا حتى العام الماضي عاطلين عن العمل من جراء جرائم القتل الطائفي التي شهدتها المدينة، إن أسعار العقارات في بعض المناطق في بغداد تضاعفت في الشهور الاخيرة والكثير من الممتلكات تباع أو تؤجر بمجرد أن تنزل الى السوق.

وقال عبد الله جاسم من وكالة النور للعقارات «في العام الماضي كان هناك العديد من العقارات المطروحة للبيع، ولكن لم يكن هناك مشترون. ولكن الآن العكس صحيح؛ إذ هناك عقارات كثيرة وإذا عرض أي منها للبيع فانه يباع على الفور».

وتحث الحكومة الملايين من العراقيين على العودة الى ديارهم، بل أنها في بعض الاحيان تقوم برعاية رحلات لإعادتهم بعد تراجع أعمال العنف الى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام خلال الشهور الماضية.

ولكن السماسرة يقولون إن الدوافع وراء العديد من صفقات العقارات تلقي بظلالها على جهود المصالحة بين الشيعة والعرب السنة الذين تعد رغبتهم في العيش في جيوب طائفية منعزلة دافعا قويا وراء انتعاش سوق العقارات.

وقال السمسار محمد المختار إن المناطق الآن محجوزة لكل من الطائفتين؛ فإذا ذهب أحد الى منطقة ما فهو ينتمي الى هذه الطائفة وإذا ذهب لمنطقة أخرى فهو ينتمي للطائفة الثانية.

وقال أحد السماسرة «الآن على سبيل المثال يريد الشيعة الذين فروا من حي الكرخ في بغداد العيش مع اخوانهم الشيعة في الرصافة. ولأن مساحة الرصافة تقريبا ضعف مساحة الكرخ فقد ارتفعت أسعار الممتلكات هناك مع تزايد الطلب».

ولكن مناور الزبيدي، المستثمر في سوق العقارات، أشار الى أنه حتى في الكرخ التي يوجد بها شارع حيفا الذي كان تنظيم القاعدة ينشط فيه ذات يوم تضاعفت الاسعار خلال الشهور الستة الماضية.

وقال ان شقة سكنية فاخرة هناك مؤلفة من ثلاث غرف ومساحتها 150 مترا مربعا يصل سعرها الآن الى 130 ألف دولار. وتسجل الاحياء القليلة المختلطة التي تقل بها أعمال العنف الطائفية بعضا من أعلى الاسعار.

وقال طالب القانون عمر الدليمي البالغ من العمر 22 عاما والذي عاد الى العراق بعد أن عاش في سورية، انه يبحث عن منطقة مختلطة يقطنها سنة وشيعة يزيد الوعي بين سكانها ولا يفكرون في الطائفة والعنف. وتابع أنه صدم بارتفاع الاسعار، ولكنه مستعد لدفع ثمن أكبر مقابل التمتع بالأمن.

وقال الزبيدي ان العراقيين الذين يعودون من المنفى الاختياري بالخارج يمثلون نحو 20 في المائة من الطلب على المنازل في بغداد. ولكن المختار أضاف أن القفزة الكبيرة في الأسعار فاجأتهم. وتابع أن العراقيين العائدين من الخارج لا يصدقون الاسعار عندما يعرض عليهم بعض المنازل ويسألونه كيف يمكنهم دفع مثل هذه الاسعار. وأضاف أنهم يقولون ان بامكانهم شراء فيلا بنفس هذا السعر في تونس.

ويقول سماسرة ان المراهنة على أن السنة والشيعة لن يعيشوا معا كما كان الحال من قبل، تعد استراتيجية استثمارية جيدة. وقال الزبيدي إن هناك سنة يشترون منازل الشيعة في المناطق السنية والعكس صحيح كاستثمار لأنهم يعلمون أن السنة يريدون العيش مع اخوانهم السنة والشيعة يريدون العيش مع اخوانهم الشيعة.

وبحسب تقرير لوكالة رويترز، فقد حاولت بعض العائلات العودة الى ديارها الاصلية ولكن اكتشفت أن أشخاصا سيطروا عليها بوضع اليد. وأطلقت الحكومة الاسبوع الماضي حملة لطرد هؤلاء المغتصبين وأعلنت عدد العائلات التي ساعدتها على العودة الى ديارها. ولكن الفائدة لا تعود على الجميع.. استمرار انعدام الاستقرار في حي الجامعة الذي تقطنه أغلبية سنية والذي كان من قبل أحد أفخم أحياء بغداد، ما زال يؤدي الى انخفاض الاسعار.

وقال المختار ان عائلة شيعية عادت الاسبوع الماضي الى حي الجامعة لتتلقى مذكرة تبلغها بأن أمامها 72 ساعة لمغادرة المكان. وأضاف أن الجيش غير قادر على السيطرة على هذه الممارسة التي أشار الى أن المتشددين كانوا يستخدمونها من قبل لإرغام العائلات من طوائف مختلفة على مغادرة الحي.

وفي الكاظمية الحي المكتظ بشمال بغداد الذي تقطنه أغلبية شيعية من الطبقتين الدنيا والمتوسطة، سجلت أسعار العقارات معدلات قياسية. وتتناقض المنازل الصغيرة والأزقة الضيقة بحي الكاظمية مع الشوارع الواسعة والمنازل الانيقة في حي الجامعة الهادئ الذي يقيم فيه دبلوماسيون. والورقة الرابحة في الكاظمية هي مرقد الامام الكاظم أحد أئمة الشيعة ومجموعهم 12 إماما. ويجذب مرقد الإمام الكاظم عشرات الآلاف من الزوار الشيعة كل عام.