قائد القوات الأميركية الجديد في العراق: الوضع لا يزال هشا رغم المكتسبات

الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية لـ«الشرق الأوسط»: غيتس وعدنا بالحصول على معدات عسكرية متطورة

وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس يقلد قائد القوات الاميركية في العراق الجديد نجمة رابعة حيث ترقى ليصبح جنرالاً امس (أ ف ب)
TT

حذر الجنرال ريموند اوديرنو الذي تسلم قيادة القوات المتعددة الجنسية في العراق امس من الجنرال ديفيد بترايوس، من ان النجاحات الأمنية التي تحققت في البلاد لا تزال «هشة ويمكن ان تزول». وتسلم اوديرنو مهامه من الجنرال بترايوس الذي يخدم تحت قيادته 146 ألف جندي خلال مراسم رسمية في احد قصور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قرب مطار بغداد الدولي.

واقر اوديرنو بأن أمامه مهمة صعبة على الرغم من انخفاض العنف الى مستوى غير مسبوق منذ اربعة اعوام نتج عن استراتيجية زيادة العديد من القوات التي طبقتها الولايات المتحدة. وقال: «العراق راهنا بلد يختلف عن المرة الاولى التي زرته فيها، لكن نقر بأن هذه المكتسبات لا تزال هشة ويمكن ان تزول». وتابع: «لا يزال امامنا الكثير من العمل لنقوم به».

وشارك وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ورئيس اركان الجيش الاميركي الادميرال مايك مولن في مراسم التسلم والتسليم قبل مغادرتهما عصر أمس.

وقال غيتس: «نحن نسير اكثر باتجاه نهاية اللعبة هنا، وأنا متأكد من انه (اوديرنو) سيتخذ قرارات صعبة لكنها ضرورية لحماية مصالحنا الوطنية». وقال اوديرنو في مؤتمر صحافي عقب المراسم، ان السلطات العراقية ينبغي ان تتولى مسؤولية اكبر في مجال الامن مستقبلا. وأضاف: «الأوضاع تتغير، والسلطات العراقية ستتسلم المزيد من المسؤوليات الامنية (...) آمل ان أرى انتقالا من الاستراتيجية العسكرية الى استراتيجية سياسية واقتصادية ودبلوماسية».

وبدوره، قال الجنرال بترايوس الذي تسلم منصب القيادة العسكرية الاميركية الوسطى، ان اوديرنو هو «الرجل المناسب للمهمة». وكان العراق ينزلق الى حرب اهلية عندما تسلم بترايوس مسؤوليته في فبراير (شباط) 2007، بعد حوالى اربع سنوات من سقوط صدام حسين. وقال غيتس ان بترايوس تسلم مهامه عندما «عم الظلام هذا البلد». واضاف: «بترايوس تسلم المهام في الوقت الذي كانت الفوضى تزداد، والموت كان حالة مألوفة، وعمت العالم تساؤلات عما اذا كانت الاستراتيجية الجديدة او أي استراتيجية، يمكن ان تحدث فرقا فعليا».

ووجه كلامه الى بترايوس قائلا: «لقد وجهت لاعداء الولايات المتحدة والعراق، ضربة هائلة ان لم تكن قاضية، والتاريخ سينظر اليك على انك أحد أبطال معارك أمتنا العظيمة». يذكر ان بترايوس يلتقي بالرئيس الاميركي جورج بوش اليوم لبحث مهامه الجديدة. وان كان بترايوس الذي يتولى مهامه الجديدة في رئاسة العمليات العسكرية الاميركية في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى هو الذي اشرف على استراتيجية التعزيزات الاميركية، فان اوديرنو هو اول من عرض هذا الاقتراح في ديسمبر (كانون الاول) 2006 على البنتاغون الذي كان مترددا آنذاك. ثم أشرف اوديرنو على الحملة التي شنت ضد المتمردين بكل تفاصيلها في بغداد مستندا الى استراتيجية التعزيزات الاميركية، فاخرج مقاتلي «القاعدة» من ضواحي العاصمة العراقية وتصدى للمتطرفين الشيعة.

ويتسلم اوديرنو مهمته في الوقت الذي تمر القوات الاميركية بوضع انتقالي مع خفض عديدها وتسليم العراقيين المزيد من المحافظات على ما قال وزير الدفاع الاميركي. وقال غيتس: «التحديات بالنسبة لاوديرنو هي كيف نعمل مع العراقيين لحفظ المكتسبات التي تحققت ونضيف عليها، حتى مع تقليص عديد القوات الأميركية».

ويتولى الجيش العراقي السلطة الامنية في 11 من المحافظات العراقية الـ18 بينما اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش عن سحب ثمانية آلاف جندي اميركي بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل. وقد اكد الجنرال اوديرنو على الدوام معارضته لخفض عديد القوات في العراق بشكل كبير، معربا عن خشيته من حدوث تراجع على الارض. لكن ثمانية آلاف جندي من اصل الـ 146 الفا سينسحبون بحلول يناير المقبل مع مغادرة بوش البيت الابيض. وقال اوديرنو ان هذا الخفض «سيستبدل أوتوماتيكيا بقوات عراقية»، موضحا ان أي تخفيض اضافي سيتم بالتنسيق مع بغداد. ودلل البنتاغون على تحسن الاحوال الأمنية في العراق باستعمال وزير الدفاع امس طريقاً برياً لأول مرة منذ غزو الاميركيين للبلاد قبل خمس سنوات للانتقال من منطقة الى اخرى. وقال البنتاغون إن غيتس انتقل من «معسكر النصر» الى المنطقة الدولية في طريق المطار لحضور حفل التسليم أمس. وأوضح في تقرير نشره البنتاغون امس، ان عاصفة رملية هبت على المنطقة حالت دون انتقال غيتس بطائرة هليكوبتر، وهو ما شكل تحدياً لوجستيا للقيادة العسكرية المحلية، حيث كان من الضروري حضور غيتس مراسيم تسليم القيادة في المقر الرئيس لقوات التحالف. وقال البنتاغون إن الخيار الذي تم اللجوء اليه لم يكن وارداً في الحسبان خلال الزيارات السبع التي قام بها غيتس للعراق في أوقات سابقة. واستعمل المسؤول الاميركي حاملة جنود، ترافقه سيارات اخرى مضادة للالغام والكمائن. وكان حضور غيتس ومولن حفل نقل المهام من بترايوس الى اوديرنو فرصة للقاء المسؤولين العراقيين وبحث المستجدات الامنية في البلاد. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال استقباله امس رئيس اركان الجيش الاميركي: «عندما نرجع الى الاوضاع في الفترة الماضية نجد أنفسنا اليوم فخورين، لأننا حققنا انتصاراً للقيم والمبادئ، وأصبحت لدينا ثقة بقدرتنا على مواجهة الارهابيين والخارجين عن القانون، وتمكنا من بسط سلطة الدولة وفرض القانون». والتقى غيتس أثناء زيارته العراق بوزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي، مما دعا الى استفسارات حول اتفاقية اسلحة اميركية الى العراق. ونفى محمد العسكري، الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية، ان تكون هناك صفقة جديدة مع الولايات المتحدة لتجهيز العراق بمعدات وأسلحة حديثة للجيش. وقال العسكري لـ«الشرق الاوسط» «بشأن الاتفاق مع وزير الدفاع الاميركي حول تجهيز الجيش العراقي بأسلحة ومعدات عسكرية حديثة، هذه ليست صفقة جديدة بل ان كل ما جرى هو ان وزير الدفاع الاميركي تحدث عن امكانية دعم الجهود والمساعي العراقية والخطط التي وضعوها لتسليح الجيش بمعدات حديثة جدا منها طائرات ودبابات براونز التي سبق لوزارة الدفاع العراقية ان خاطبت الحكومة الاميركية للحصول على هذا النوع من الدروع والدبابات».

وأكد العسكري أن غيتس أبدى دعمه الكامل للخطة الموضوعة من الدفاع العراقية من اجل اقتناء اسلحة دفاعية تحمي العراق وتقوي دفاعات الجيش العراقي. وأكد ان صفقات الاسلحة او الطلبات التي تقدم بها العراق للولايات المتحدة الاميركية كانت قبل أكثر من شهر.