إيران تكلف الحرس الثوري مسؤولية الأمن في الخليج.. وواشنطن ترد: لم نتبلغ ولا نريد مواجهة

طهران: صواريخ الحرس تغطي مياه الخليج بالكامل * قيادة الأركان المركزية لـ«الشرق الأوسط» : لن نغير طريقة عملنا وخطوات لتقليص التصعيد مع طهران بالخليج

الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يستمع إلى قائد الحرس الثوري السابق العميد يحيى رحيم صفوي (أ.ب)
TT

أعلنت إيران أن المرشد الاعلى للبلاد آية الله علي خامنئي اتخذ قرارا بتحويل مسؤولية أمن الخليج من قوات البحرية التابعة للجيش الإيراني النظامي الى قوات الحرس الثوري الإيراني «للدفاع عن الخليج ضد اي هجوم للعدو»، وذلك في خطوة تشير الى تعزيز قبضة قوات الحرس الثوري على مفاصل جوهرية في الهيكل العسكري والسياسي والاقتصادي الإيراني، إذ باتت قوات الحرس الثوري مسيطرة على أهم العمليات الحساسة العسكرية والاستخباراتية في إيران، وإعطاؤها مسؤولية أمن الخليج يشير الى رغبة آية الله خامنئي في تعزيز سيطرتها، ومنحها صلاحيات أكبر كثيرا من الصلاحيات الممنوحة للجيش النظامي الإيراني. وأثار القرار قلقا إذ ان كل المواجهات التي تمت في الخليج بين زوارق إيرانية وزوارق غربية او خليجية تمت مع زوارق تتبع للحرس الثوري الإيراني. ويقول عسكريون اميركيون ان سلوك قوات الحرس الثوري أكثر عدوانية من القوات النظامية الإيرانية. وقال المستشار العسكري للمرشد الاعلى لإيران يحيى رحيم صفوي لوكالة «آرنا» الإيرانية إن إيران قادرة على السيطرة على الخليج حيث تبقى السفن في مرمى اسلحتها المتطورة، موضحا أن قوات الحرس الثوري، أو قوات النخبة كما تسمى، كلفت الدفاع عن الخليج في مواجهة اي غزو اجنبي وأنها لن تتردد في الدفاع عن أمن الخليج في «مواجهة القوات الاجنبية». وتابع صفوي في تصريحاته: «مسؤولية الدفاع عن الخليج الفارسي عهد بها الى القوات البحرية لحراس الثورة» مشددا على ان صواريخ حراس الثورة تغطي مياه الخليج بالكامل و«لا يمكن لأي سفن العبور بدون ان تكون في مرماها».

وقال رحيم صفوي، الذي كان يتولى في السابق قيادة الحرس الثوري، ان خامنئي أعطى سلطة كاملة للحرس الثوري ليكون القوة العسكرية الوحيدة المناط بها الدفاع عن الخليج. وقال «بعد أن علم الاميركيون بهذا القرار أبلغوا سفنهم الحربية بعدم الاقتراب من الاراضي الايرانية لأن الحرس الثوري لن يتردد في ان يواجه على الفور القوات الاجنبية». وأوضح رحيم صفوي أن الجيش النظامي الإيراني سيبقى مسؤولا عن بحر قزوين وبحر عمان. وكرر الجنرال صفوي التأكيد على أن القوات المسلحة الايرانية «قادرة بواسطة صواريخها وبحريتها وغواصاتها.. على السيطرة على مضيق هرمز» الذي تعبر منه 40% من الصادرات العالمية النفطية.

وأوضح صفوي أن «القوات المسلحة في الجمهورية الاسلامية بما فيها الحرس الثوري و11 مليون عنصر من الباسيج (ميليشيا المتطوعين) بكامل الجهوزية للتصدي لأي اجتياح».

كما وجه تحذيرا الى القوات المسلحة الاميركية المنتشرة في المنطقة، مؤكدا انها ستواجه «خطرا كبيرا» في حال نشوب حرب، لكنه رأى ان واشنطن «لن تفتح بالتأكيد جبهة رابعة بعد مواجهات افغانستان والعراق وجورجيا».

ولدى ايران بالاضافة الى الجيش النظامي التقليدي، قوات الحرس الثوري التي ينظر اليها على انها حامية لنظام ولاية الفقيه إذ اسسها قائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني لحماية النظام الاسلامي بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979. وقوات الحرس الثوري لها قيادة منفصلة وتتبعها قوات جوية وبحرية وبرية خاصة بها. ويتم نشر هذه القوات في المناطق الحدودية الحساسة وتتولى حراسة المؤسسات الرئيسية وتشمل ترساناتها صواريخ شهاب ـ 3 التي اشارت تقارير الى انها يمكنها ان تصل الى اهداف في اسرائيل. كما ان الحرس الثوري يتولى حصريا مسؤولية البرنامج النووي الإيراني. وقال مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط» إن الحرس الثوري بات القوى الاساسية في إيران اليوم، موضحا: «صعود الحرس الثوري تم تدريجيا، حتى بات مسيطرا على كل القرار السياسي والعسكري لإيران. لا يجب أن ننسى ان احمدي نجاد هو أول رئيس لايران يأتي من قلب الحرس الثوري. هذا مؤشر على القوة الكبيرة للحرس الان». واستبعدت واشنطن أن يؤثر القرار على عملياتها في الخليج العربي. وقال الملازم وليم سبيكس المتحدث باسم قيادة الاركان المركزية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان العسكريون الاميركيون قد يغيرون طريقة عملهم بعد تولي الحرس الثوري مسؤولية أمن الخليج تحسبا لزيادة الحوادث او المواجهات، موضحا: «لا.. لن نغير شيئا. القرار لن يؤثر علينا. لا أستطيع الكلام عن الحكومة الإيرانية بخصوص الطريقة التي يديرون بها قواتهم البحرية، واي قوى عسكرية يعطونها المسؤولية. مياه الخليج مياه دولية، وقد أدرنا عملياتنا في مياه الخليج لفترة طويلة الان. وحديثا اتخذنا خطوات من شأنها تقليص إمكانيات تصعيد الموقف مع القوات الإيرانية في الخليج. وسنواصل عمل هذا». وامتنع سبيكس عن الخوض في ما إذا كان لدى اميركا معلومات حديثة ومكتملة حول قدرات الحرس الثوري الإيراني، موضحا أن هذا النوع من المعلومات الاستخباراتية لا يمكن الكشف عنه. كما رفض سبيكس الحديث حول مغزى القرار الإيراني وما إذا كانت خطوة طهران تعد تصعيدية موضحا: «لا استطيع الحديث عن النوايا الإيرانية. لكننا سمعنا مثل هذه التصريحات من قبل، على غرار إعلانهم عن قدراتهم الصاروخية والتجارب الصاروخية التي قاموا بها، والتي اتضح لاحقا انها تضمنت مبالغة. لا استطيع ان اصف قرار طهران تولي الحرس الثوري مسؤولية الامن في الخليج، بأنه خطوة دعائية، لكننا ليس لدينا رد على الخطوة. لدينا مهمة، وهي تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة، وسنواصل عمل هذا بغض النظر عن البيانات التي تصدر عن الجانب الإيراني». من ناحيته، قال العقيد ناثان كريستينز المتحدث باسم قوات البحرية بالاسطول الخامس الاميركي لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الخطوة تؤثر على عمليات الاسطول الخامس في الخليج، موضحا: «هدفنا الأساسي في المنطقة هو الحفاظ على مضيق هرمز مفتوحا للتجارة الدولية. هذا هو الشيء المهم بالنسبة لنا. لا نريد اي مواجهة في الخليج. ونتوقع من كل القوات البحرية في العالم أن تظهر مسؤولية واحترافية في الطريقة التي تتصرف فيها في الخليج او بحر عدن او مضيق هرمز». وحول ما إذا كان الاسطول الخامس يتحسب لحوادث تصعيد في الخليج بسبب تولي الحرس الثوري المسؤولية في الخليج، قال كريستينز: «ما أستطيع أن أقوله هو أن قرار طهران لن يؤثر على الطريقة التي نعمل بها في الخليج، او في شمال بحر العرب. لا يهمنا ما هي القوات البحرية الموجودة في الخليج، او من اي جهة اتت، ما يهمنا هو السلوك المسؤول الاحترافي لهذه القوات». ونفى كريستينز ابلاغ الجانب الايراني للاسطول الخامس الاميركي في الخليج بقرار إحلال قوات البحرية التابعة للحرس الثوري محل قوات البحرية الإيرانية التقليدية، موضحا: «لم أتلق مثل هذه المكالمة. نعمل كل يوم في الخليج بجانب القوات الإيرانية النظامية، واتصالاتنا معهم روتينية. وأكرر أننا لا نريد المواجهة في الخليج، ما يهمنا هو مواصلة تدفق التجارة، وإبقاء الملاحة مفتوحة، وهذا امر ليس مهما فقط لاميركا، بل للعالم كله، فـ 40% من بترول العالم يمر بمضيق هرمز».

وثارت تساؤلات حول كيف يؤثر القرار على القدرات الإيرانية, وفي هذا الصدد قال المصدر الإيراني: «قدرات الحرس الثوري بقواته المختلفة غير قدرات الجيش النظامي الإيراني. لديهم خيارات أوسع قد يقومون بها عند الحاجة». ويعتقد على نطاق واسع أنه في حالة الهجوم على إيران، فإن احد اشكال الرد الإيراني المحتمل في الخليج ستكون عبر القيام بتفجيرات للزوارق وعمليات انتحارية واختطاف. ويعتبر المرشد الاعلى لإيران مسؤولا مباشرا عن قوات الحرس الثوري للثورة الاسلامية (سباه باسداران انقلاب اسلامي). ومن أهم وحدات قوات الحرس الثوري القوات الجوية والبحرية والمشاة ووحدة الاستخبارات. ايضا يتبع للحرس الثوري فيلق القدس الذي يقوم بعمليات خارج حدود إيران، وعدد عناصره غير معروف على وجه الدقة، غير أنه يعتقد انه يبلغ نحو 50 الف عنصر. كما يتبع قوات الحرس الثوري، التي يرأسها حاليا محمد على جعفري، قوة الباسيج التطوعية التي يبلغ عدد المنضمين لها نحو 11 مليون شخص. وبالرغم من ان قوات الباسيج تطوعية الا ان فيها 90 الف جندي نظامي ثابت، و300 الف جندي احتياطي. وبالرغم من ان قوات الحرس الثوري يبلغ عددها نحو 125 الفا، اي اقل بنحو 200 الف من القوات النظامية الإيرانية، الا ان تسليحها وتدريبها وإعدادها افضل. ويبلغ عدد عناصر القوات البرية والجوية التابعة للحرس 100 الف جندي وضابط، فيما يبلغ عدد عناصر القوات البحرية 20 الفا. ويأتي الاجراء الإيراني وسط تكهنات متزايدة بشأن هجوم اميركي أو اسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الايرانية. كما يأتي القرار الإيراني غداة تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الايراني اكدت فيه ان طهران تواصل تخصيب اليورانيوم على الرغم من اربعة قرارات اصدرها مجلس الامن الدولي بحقها، وبانها لا تتعاون في توضيح خفايا مثيرة للقلق في برنامجها النووي من ضمنها تفجيرات شديدة تشبه التفجيرات النووية لا تستطيع طهران ان تفسرها، بالاضافة الى تجارب حول تحويل صواريخ شهاب ـ 3 الى صواريخ قادرة على حمل رأس نووي. ايضا يأتي التغيير وسط مناورات جوية إيرانية أعلن عنها قائد مقر «خاتم الانبياء» للدفاع الجوي.