اليمن: 16 قتيلا في هجوم منسق بسيارات مفخخة وقناصة وقذائف «آربي جي» على السفارة الأميركية

لا إصابات بين الدبلوماسيين الأميركيين والمعركة دامت 10 دقائق عند حاجز كونكريتي.. وبعض المهاجمين ارتدوا زيَّ رجال أمن

جنود يمنيون في حالة تأهب أمام السفارة الاميركية في صنعاء بعد الهجوم امس، في صورة وزعتها وكالة الانباء اليمنية (ا.ب)
TT

قتل 16 شخصاً في هجوم انتحاري مزدوج منسق بسيارتين مفخختين ترافقَ مع مواجهات بالرشاشات بين حراس السفارة ومهاجمين للسفارة الأميركية بصنعاء.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات وقعت بين المهاجمين وحراس السفارة استخدمت فيه مختلف الاسلحة؛ منها الرشاشات والـ«آر بي جي» أوقعت 6 قتلى من قوات الأمن و6 من المهاجمين و4 من المدنيين. كما جرح 3 من قوات الشرطة في مكان الحادث. وقال مسؤولون اميركيون ان الهجوم كان منسقاً، ويبدو ان بعض المهاجمين كانوا يرتدون زي ملابس قوات الأمن، وان وحدات الطوارئ اليمنية التي وصلت الى الموقع بعد الهجوم تعرضت الى نيران قناصة كانوا متمركزين في الشوارع المحيطة بالسفارة المحصنة تحصيناً جيداً. ولم يُصَبْ أحدٌ من الدبلوماسيين الأميركيين في الهجوم، بينما قال بيان للسفارة الأميركية في صنعاء، ان الهجوم وقع في التاسعة والربع صباحاً بواسطة ارهابيين مسلحين، وان عدة انفجارات وقعت أمام بوابة السفارة وتبعتها انفجارات ثانوية، وقتل واصيب عدد من الجنود اليمنيين، وكذلك عدد من المدنيين كانوا في انتظار الدخول لإجراء معاملات في السفارة. واضاف بيان السفارة، الذي أدان الهجوم، ان ذلك يظهر ان المجرمين الارهابيين لا يتورعون عن قتل ابرياء من اجل اجندتهم الارهابية. وافاد البيان ان السفارة ستعمل بشكل وثيق مع السلطات اليمنية لإجراء تحقيق معمق في الحادث وجلب المخططين للعدالة. وقال مسؤول أميركي ان موظفاً محلياً في السفارة قتل في الهجوم.

وأعلنت السفارة الأميركية في اليمن ان دبلوماسييها لم يصابوا من جراء الهجوم. وقال الناطق باسم السفارة في صنعاء ريان غليها: «في حال وقوع أي حادثة امنية مثل هذه نراجع طبيعة عملنا والتأكد من سلامة الوضع هنا». وأضاف في اتصال مع «الشرق الاوسط» ان «الضرر وقع على سياج مقر السفارة ولم يوقع ضرراً بالمباني». وعن المعلومات الاستخباراتية حول احتمال وقوع مثل هذا الهجوم، قال غليها: «بشكل عام الوضع الامني في اليمن ليس مستقراً وفي هذه السنة وحدها شهدنا سلسلة من الهجمات على المصالح الاميركية والغربية». ولفت الى ان هجوما فاشلا على السفارة في مارس (اذار) الماضي ادى الى تضرر مدرسة قريبة منها. واضاف: «في ابريل (نيسان) الماضي اصدرت واشنطن امراً بمغادرة كل الدبلوماسيين غير الاساسيين من صنعاء، بالاضافة الى عائلاتهم، الا اننا رفعنا هذه الحالة قبل شهر ونصف الشهر». وشرح ان «الدبلوماسيين غير الاساسيين» عادوا الى صنعاء هذا الصيف الا ان عائلات الدبلوماسيين لا يلتحقون بهم في صنعاء من عام 2000 بعد الهجوم على المدمرة الاميركية «يو اس اس كول». واضاف: «نحن ندرك الحالة الامنية في اليمن ونعتبرها في حالة تهديد خطير في مواجهة الارهاب الدولي». واكد: «نحن نعمل مع ارفع المسؤولين اليمنيين من اجل التحقق من هذه الواقعة»، رافضاَ التعليق حول نوع هذا التعاون أو جهود السلطات الامنية في حماية السفارة.

وقال الرئيس الأميركي جورج بوش إن الهجوم على السفارة الأميركية في صنعاء يؤكد أن الولايات المتحدة تبقى في حالة حرب ضد المتطرفين الآيديولوجيين. وقال بوش أمس للمراسلين في البيت الأبيض «هذا الهجوم يذكرنا بأننا في حالة حرب مع المتطرفين الذين يقتلون الناس الأبرياء للوصول الى أهدافهم الآيديولوجية»، وأضاف يقول «من أهداف هؤلاء المتطرفين القتل وجعل الولايات المتحدة تفقد أعصابها والانسحاب من بعض المناطق في العالم». وقال إن رسالتنا هي أننا نريد مساعدة الحكومات للقضاء على المتطرفين، ونحن نريد للناس أن يعيشوا حياة عادية، ونريد للأمهات تربية أبنائهن وبناتهن في بيئة سلمية لكي يحققن الآمال والأحلام من اجل عالم أفضل».

وجاءت تصريحات بوش بعد لقائه أمس مع الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للقوات الأميركية في العراق، لشكره على الدور الذي قام به في تحقيق الأمن في العراق، وقال بوش إن بترايوس طُلب منه «القيام بعمل شاق، وقام بذلك بامتياز وشرف».

وفي واشنطن، قال غوردون جوندرو، المتحدث من البيت الابيض، ان هذا الهجوم يذكِّر بالخطر الذي نواجهه من المتطرفين الذين يستخدمون العنفَ في الخارج والداخل، وقدم تعازيه الى اسر الضحايا. وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس ان الهجوم يحمل كل العلامات الدالة على انه هجوم للقاعدة لكن الولايات المتحدة لم تحدد بعد المسؤولين عن الهجوم.

وقال المتحدث باسم الوزارة شون مكورماك عندما سئل أي الجماعات يشتبه في مسؤوليتها عن الهجوم (يبدو بعد الحديث مع المعنيين بالامن ان الهجوم يحمل كل العلامات الدالة على هجمات القاعدة حيث تفجر عبوات ناسفة متعددة منقولة في سيارات).

وذكر مصدر أمني في صنعاء أن قوات الأمن أفشلت هجومين انتحاريين بسيارتين مفخختين كانتا تستهدفان مبنى السفارة الأميركية بصنعاء. وقال المصدر الأمني اليمني إن السيارتين المفخختين حاولتا اقتحام الحواجز الأمنية التي اقيمت ضمن الاجراءات الأمنية في محيط مبنى السفارة. وتمكنت الحراسة الأمنية من تفجير السيارتين وقتل المهاجمين الستة من العناصر الارهابية. وضمن المهاجمين كان هناك شخص يحمل حزاماً ناسفاً. وقتل في ذات الحادث 6 من الجنود الأمنيين من حراسة السفارة وقتل من المدنيين 4 أشخاص. وقال البيان إن من ضمن الضحايا المدنيين رجلا يمنياً وزوجته وحارساً أمنياً مدنياً ومواطنة هندية كانت تمر في الشارع القريب من السفارة، فيما يُعتقد أن الضحية اليمني وزوجته كانا يريدان إجراء معاملة خاصة بهما. وأشار إلى أن القتلى من قوات الأمن هم من حرس السفارة كما جرح 3 منهم. وأكد أنه لم يصب أحد من العاملين في السفارة لكنه لم يشر إلى الأضرار التي نجمت عن الهجوم على بوابة السفارة، فيما أكد أن المبنى الرئيسي للسفارة لم يصب بأية أضرار. وقال المصدر إن أجهزة الأمن تجري حالياً تحقيقات مكثفة لمعرفة المزيد من ملابسات الحادث الذي وصفه بالارهابي المشين. وأكد أن الأمن اليمني لن يتوانى في ملاحقة العناصر الارهابية وتقديمها للعدالة. فيما أكد شهود عيان في منطقة الحادث لـ«الشرق الأوسط» أن جميع المهاجمين وعددهم 6 عناصر قتلوا في الاشتباك مع قوات الأمن من حراس السفارة، مشيرة إلى أن من اصيب من المهاجمين كانوا يفجرون أنفسهم خشية أن تقبض عليهم قوات الأمن. وقال مسؤول طبي ان 7 مصابين؛ بينهم اطفال نقلوا الى المستشفى العام بصنعاء امس بعد اصابتهم.

وحسب مصادر اخرى، فان الهجوم بدأ بسيارة مزودة بالـ«إر بي جي» وأسلحة رشاشة على نقطة تفتيش خارج السفارة ثم تقدمت سيارة اخرى محملة بانتحاريين، مقتحمة الحاجز الى النطاق الثاني الامني لحماية السفارة المحصن بكتل من الكونكريت، وفجروا انفسهم واندلعت معركة بالرصاص، استمرت 10 دقائق عند الحاجز الكونكريتي. وحسب مسؤول في واشنطن، فان أولى سيارات الاسعاف اليمنية التي وصلت الى المنطقة تعرضت الى نيران كثيفة من قناصة اتخذوا مواقع في الشارع المؤدي الى مبنى السفارة. وتعرضت منازل مجاورة لأضرار نتيجة الانفجارات التي وقعت خلال الهجوم، والتي قدرها مسؤولون اميركيون بخمسة انفجارات. ويوجد في حي السفارة مجمع يعيش فيه الكثير من الاجانب المقيمين بصنعاء. وفرضت أجهزة الأمن منطقة أمنية حول محيط السفارة الواقعة في حي شيراتون شرق صنعاء بمنطقة نقم. وتبنت مجموعة تطلق على نفسها «الجهاد الاسلامي في اليمن»، مسؤولية الهجوم الا انه لم يكن ممكنا التأكد من دقة هذا لادعاء خاصة ان الجماعة غير معروفة ولم تظهر هذه المجموعة الا مرة واحدة في السابق عندما تبنت هجوما، الا ان الهجوم نفسه تم تبنيه في ما بعد من قبل الفرع المحلي لتنظيم القاعدة.

وهدد بيان المجموعة بتنفيذ «بقية السلسلة من التفجيرات حسب الخطة (ضد) بقية السفارات التي تم الابلاغ عنها سابقا».

وتشير المجموعة على ما يبدو الى بيان سابق هددت فيه بـ«تفجير» سفارات السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة والامارات وطالبت فيه بالافراج عن «اخواننا من السجون» دون تحديد اسماء هؤلاء.

يذكر أن عدد هجمات القاعدة ضد المصالح الغربية والحكومية في اليمن قد ازداد منذ سنة بشكل ملحوظ. وقد أدانت جامعة الدول العربية بشدة الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في اليمن. وأعرب عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية في تصريحات للصحافيين أمس الأربعاء، عن انزعاج الجامعة الشديد لهذا الهجوم، وقدم العزاء في الضحايا، مؤكدا أنه سيجري اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي حول هذا الشأن.