ترجيج فوز ليفني برئاسة حزب «كديما» بعد فرز أولي للأصوات

المتطرفون من المستوطنين يهددون بإقامة «دولة يهودا المستقلة» في الضفة الغربية

تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية لدى وصولها إلى مقر الاقتراع في تل أبيب أمس (رويترز)
TT

فازت وزيرة الخارجية الاسرائيلية، تسيبي ليفني، برئاسة حزب «كديما» الحاكم، وذلك حسب استطلاعات رأي وفزر اولي بعد اجراء الانتخابات امس، لتصبح وريثة لرئيس الحكومة الحالي، ايهود أولمرت، بعد ان هزمت منافسيها الثلاثة، وزير النقل والشؤون الاستراتيجية، شاؤول موفاز، ووزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، ووزير الداخلية، مئير شطريت. وظهرت هذه النتيجة في صناديق اقتراع نموذجية وضعتها قنوات التلفزيون الثلاث في اسرائيل ولا تعتبر نهائية، ولكن المراقبين أشاروا الى انها الأقرب الى الواقع. أما النتائج الفعلية، فهي التي ستعلن في صبيحة اليوم. وحذر منفذو الاستطلاعات من خطر اعتماد هذه النتائج، حيث انه في تجارب سابقة، جاءت النتائج الحقيقية على عكس نتائج الاستطلاعات. ففي سنة 1996، فاز حسب استطلاعات الرأي شيمعون بيريس برئاسة الحكومة، ولكن النتائج الفعلية التي أعلنت في الصباح دلت على فوز منافسه من الليكود، بنيامين نتنياهو. وفي الانتخابات الداخلية في حزب العمل سنة 2005، تكرر الخطأ نفسه مع بيريس نفسه، حيث دلت الاستطلاعات على فوزه بينما كان الفائز الحقيقي عمير بيرتس. وكان أعضاء حزب «كديما»، الذين يبلغ عددهم 74680 عضوا، قد توجهوا للاقتراع في 114 صندوقاً منتشراً على 93 بلدة، لينتخبوا واحدا من المرشحين الأربعة، ليفني أو موفاز أو ديختر أو شطريت. وبدت المشاركة في التصويت ضعيفة، فطلبت ليفني تمديد فترة التصويت بساعة. فوافقت لجنة الانتخابات، لكن بقية المرشحين اعترضوا، فتراجعت اللجنة ثم مددت فترة التصويت الى نصف ساعة. وفي نهايتها أعلنت نتائج الاستطلاع المذكور. وتشكل النساء 45% من أعضاء هذا الحزب. ويشكل الشباب (من جيل 18 ـ 29) نسبة 20% منهم، وأبناء جيل 30 ـ 44 حوالي 34%. وتبلغ نسبة الأعضاء العرب 18%. أما اليهود فيتوزعون وفقاً للأصول التالية: 38% يهود شرقيون (7% من القادمين من اثيوبيا). 28% يهود أشكناز (ربعهم من القادمين الجدد من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً). و16% من مواليد البلاد. وبسبب هذه التشكيلة، بدت استطلاعات الرأي غير واقعية، حيث ان غالبية أعضاء هذا الحزب (حوالي 57%)، من الأعضاء العرب والاثيوبيين والروس والشرقيين لا يصوتون بشكل مبدئي، بل بدافع المصالح وتأثير مقاولي الأصوات. من هنا، فإن الاستطلاعات لا تعتبر دقيقة. والنتائج الفعلية التي تعلن صباح اليوم، هي المقياس الواقعي. وستحاول ليفني، إذا تأكد فوزها تشكيل حكومة بتركيبة الأحزاب الحالية. لكن صعوبات جمة تواجهها. وحتى تتمكن من هذه المهمة، سيبقى أولمرت رئيسا للحكومة. وسيقدم استقالته الشكلية في غضون ايام قليلة، لكنه سيصبح رئيساً لحكومة انتقالية. وأعلن أولمرت للصحافيين الذين رافقوه وهو يدلي بصوته في مستوطنة «بسجات زيف» في القدس، ظهر أمس، انه لم يقل الكلمة الأخيرة بعد، وانه سيعود الى الحياة السياسية حتماً. ورفض أولمرت الكشف عن اسم المرشح الذي صوت له، إلا ان المقربين منه قالوا انه صوت لصالح أقرب المرشحين الى قلبه، وزير الداخلية مئير شطريت، الذي يعتبر أقلهم حظا في الفوز بالمنصب.

إلى ذلك, هدد أحد أبرز رجال الدين اليهود في مستوطنات الضفة الغربية، الحاخام ديفيد دودكوبتش، بإقامة «دولة يهودا المستقلة» والتمرد على إسرائيل وذلك لمواجهة خطر إجلاء المستوطنين في إطار التسوية الدائمة للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

وقال دودكوبتش، وهو رئيس الكنيس في مستعمرة يتسهار القائمة على أراضي نابلس وقراها، إن «الحكومة الإسرائيلية بسياستها المهادنة للفلسطينيين تتمادى في حرمان اليهود من حقهم في العيش على أرض الميعاد، وبهذا تخرج نفسها من حلقة الانتماء للشعب اليهودي والتوراة. فإذا واصلت سياستها هذه، سيكون على اليهود المستوطنين في المنطقة (يقصد الضفة الغربية) أن يتولوا مهمة الدفاع عن أنفسهم وتشكيل دولة مستقلة خاصة بهم». وادعى ان المستوطنين قادرون على حماية أنفسهم من الفلسطينيين إذا تخلت عنهم الدولة العبرية.

وكان دودكوبتش يتكلم في حديث صحافي رد فيه على خطة الجيش لإخلاء البؤر الاستيطانية المقامة في السنوات الأخيرة من دون تصريح الحكومة وبطرق تعتبر غير قانونية حتى بالمقاييس الإسرائيلية. فقد كان من المقرر أن يخلي الجيش، الليلة قبل الماضية بؤرة الاستيطان المعروفة باسم «يد يائير» المقامة في منطقة رام الله. وعندما شوهدت قوات الجيش والشرطة وهي تتقدم نحو المستوطنة ترافقها الجرافات، هب مئات المستوطنين من مختلف المناطق وتمترسوا طوال الليل في المكان معلنين أنهم سيمنعون الإجلاء بالقوة.

وتراجعت قوات الجيش عن المهمة وعادت فجر أمس الى قواعدها. وذكرت مصادر مقربة من الشرطة أن الأمر بالانسحاب جاء بهدف تفادي الصدام الدامي في هذا الوقت بالذات، حيث تجري الانتخابات الداخلية لحزب «كديما» الحاكم. وأكدت ان التراجع مؤقت وان القوات ستعود وتنفذ مهمتها في وقت قريب. واستغل مستوطنو يتسهار، وهم من غلاة المستوطنين المتطرفين، هذا الحدث ليظهروا التضامن والاستعداد لمقاومة الإجلاء بكل الطرق الممكنة، وفي مقدمتهم الحاخام دودكوبتش، الذي قال ان مقاومة الإجلاء هي واجب ديني وأخلاقي. وعلى المستوطنين ألا يتخلوا عنه إذا كانوا يريدون حماية مشروعهم التوراتي. ودعاهم لأن يبدأوا في اتباع نهج مستوطني يتسهار في الدفاع عن وجودهم.

وقصد بهذا النهج، ما فعله المستوطنون في يتسهار نهاية الأسبوع الأخير، عندما قام فلسطيني بطعن طفل يهودي في المستوطنة. فرد المستوطنون بهجوم مسلح دام على قرية عصيرة المجاورة وحطموا نوافذ البيوت والسيارات واعتدوا على المواطنين وأطلقوا الرصاص الحي والقنابل فأصابوا ستة مواطنين بجراح وعادوا الى المستوطنة، من دون أن تتدخل قوات الجيش الإسرائيلي الموجودة في المكان.

وقال دودكوفتش ان «يتسهار هي الوحيدة في الضفة الغربية التي ترفض وضع سياج حولها وترفض اقامة أسوار، والسبب في ذلك إنها لا تخاف الفلسطينيين وتجد الوسائل التي تجعلهم يفهمون ان الاعتداء عليها يكلف ثمنا باهظا». وأضاف ان المستوطنة هي من أقل المستوطنات عرضة للاعتداءات، لأنها وجدت مبكرا الوسيلة لمنع الفلسطينيين من الاقتراب اليها. وهاجم دودكوفتش قوى اليسار الإسرائيلي التي تتضامن مع الفلسطينيين واتهمهم بالخيانة. وقال انهم يتحملون مسؤولية عن معظم الصدامات بين اليهود والفلسطينيين «لأنهم يأتون اليهم ويشجعونهم علينا».

وتشير مصادر في الشرطة الإسرائيلية الى أن أقوال دودكوبتش تعبر عن تنامي أجواء عدوانية بين المستوطنين في عدة مستوطنات، خصوصا في الأشهر الأخيرة عندما بدأ نائب رئيس الوزراء، حاييم رامون، في إعداد قانون جديد لإغراء المستوطنين بالرحيل عن المستوطنات مقابل تعويضات سخية. فقد تبين أن 18 في المائة من المستوطنين مستعدون للرحيل فورا، ومثلهم يفكرون باتجاه ايجابي في المسألة. ويجد هؤلاء في الاعتداءات على الفلسطينيين، متنفسا لسخطهم على الحكومة. وحسب مصادر رسمية في الشرطة فإن الاعتداءات زادت بشكل بارز في السنة الأخيرة. ففي حين سجلت 366 شكوى حول اعتداءاتهم طيلة سنة 2007، فإن العدد ارتفع الى407 اعتداءات حتى نهاية أغسطس (آب) الماضي. وبحساب بسيط يظهر أن نسبة الارتفاع تبلغ 50 في المائة.