وكالة الطاقة توزع وثائق وصورا تظهر مشروع «مانهاتن» نوويا إيرانيا.. وطهران ترد: غير معقول

مصدر مطلع بوكالة الطاقة لـ«الشرق الأوسط»: الوثائق والصور بحوزتنا منذ فترة وتعرض لأول مرة

عناصر من الحرس الثوري الإيراني خلال مسرحية قاموا بتمثيلها في قاعدتهم العسكرية بشمال شرق طهران تدور حول الأحداث من بدء الخليقة الى الحرب العراقية الإيرانية (رويترز)
TT

قال دبلوماسيون غربيون إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة عرضت وثائق وصورا تشير الى أن إيران حاولت سرا تعديل الرأس المخروطي لصاروخ ليستوعب قنبلة نووية، وطالبت طهران بتوضيحات، رغم نفي طهران ووصفها تلك المستندات بأنها مزيفة.

وقال مصدر عليم بوكالة الطاقة الذرية لـ«الشرق الأوسط» إن الوثائق والصور حول مساعي إيران تطوير رأس نووي تعرض لأول مرة داخل مجلس أمناء الوكالة، رغم أنها لدى الوكالة منذ فترة. وتابع المصدر: «الوثائق والصور تظهر لاول مرة، مع أنها لدى الوكالة منذ فترة من الزمن، وقد تم استخدامها في اجتماع سفراء الدول الاعضاء لتوضيح الوثائق والصور التي لدى وكالة الطاقة الذرية حول برنامج إيران». وحول رد إيران على الاتهامات، قال المصدر ان الجانب الإيراني كرر ما قاله من قبل بخصوص عدم صدقية هذه الوثائق، وذلك خلال جلسة مغلقة لسفراء دول مجلس أمناء الوكالة، قبل اجتماع كامل مجلس الامناء الاسبوع المقبل. وأوضح المصدر، وهو قريب من الملف الإيراني ومن مكتب مدير الوكالة محمد البرادعي، أن الصور والوثائق لم يكن من المفترض أن يتم التحدث عن عرضها على مجلس الأمناء علنا، وأنه كان من المفترض ان تكون مناقشتها بين سفراء الدول الأعضاء أمرا غير معلن، إلا ان احد الدبلوماسيين، في اشارة الى سفير اميركا لدى وكالة الطاقة الذرية جريجوري شولت، تحدث عنها للصحافيين في مؤتمر صحافي امس. وكان شولت قد قال إن هرمان ناكيرتس رئيس عمليات التفتيش في منطقة الشرق الاوسط بوكالة الطاقة الذرية اطلع اجتماعا مغلقا لمجلس أمناء الوكالة على ما تضمنه التقرير المتعلق بإيران قبل اجتماع للمجلس الذي يضم في عضويته 35 دولة سيعقد الاسبوع المقبل ويرجح أن يزيد الضغط على إيران من أجل دفعها الى التعاون.

وقال شولت ان ناكيرتس عرض صورا ووثائق لنشاط إيراني (وصف بأنه «مشروع مانهاتن» إيراني على غرار مشروع «مانهاتن» الاميركي لتطوير برنامج نووي) لاعادة تصميم الصاروخ شهاب 3 «ليحمل ما قد يبدو أنه سلاح نووي». وتابع شولت «أبلغتنا أمانة وكالة الطاقة الذرية أن المعلومات الموجودة لديها قابلة جدا للتصديق بنص كلماتها وأنها طلبت من إيران تقديم ردود مثبتة»، موضحا ان ناكيرتس أبلغ الاجتماع المغلق أن إيران رفضت طلبات الوكالة بإجراء مقابلات مع مهندسين مشاركين في هذا العمل وزيارة ورشهم التي يزعم أنها مدنية والموجودة في الصور. وقال دبلوماسيون آخرون في الاجتماع إن ناكيرتس شدد على ان المعلومات ما زالت غير محققة. وقال دبلوماسي آخر لرويترز طلب ألا ينشر اسمه «كان العرض الذي قدمه متقنا ومتوازنا». وقال دبلوماسي اخر ان بعض الدول الاعضاء في مجلس المحافظين سألت عن تفويض وكالة الطاقة الذرية للحكم على معلومات للمخابرات متصلة بالصواريخ الذاتية الدفع والمتفجرات الشديدة.

من ناحيتها، قالت إيران إن المعلومات مزورة أو لا تتعلق الا بأسلحة تقليدية. وذكرت انها تواجه ضغطا غير عادي وغير مقبول لاثبات عدم صحة مزاعم غير محققة وذلك بالكشف عن معلومات حيوية لأمنها القومي. وقال سفير إيران لدى وكالة الطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، «لا يستطيع أي بلد أن يقدم معلومات عن أنشطته العسكرية التقليدية» وأضاف «قلت في هذه الافادة.. من في العالم يمكن أن يصدق أن ثمة مجموعة وثائق بالغة السرية عثرت عليها المخابرات الاميركية في كومبيوتر محمول بخصوص برنامج مماثل لمشروع مانهاتن النووي لصنع القنبلة في إيران، ولا تحمل أي من تلك الوثائق أختام ـ سري للغاية ـ أو ـ سري ـ.. هذا ببساطة أمر غير قابل للتصديق. هذا الموضوع انتهى بالنسبة لنا». وتؤكد طهران أن تحقيقا أجرته وكالة الطاقة الذرية بخصوص عسكرة برنامجها النووي وصل الى طريق مسدود لان الوكالة تطالب طهران بالكشف عن أسرار عسكرية تقليدية ليست لها أبعاد نووية، وهو ما ترفضه طهران نهائيا، محملة وكالة الطاقة مسؤولية حالة الجمود الحالية، على اساس ان الوكالة لا تطلب من طهران مطالب «قانونية ومنطقية». وكانت وكالة الطاقة الذرية، ومقرها فيينا، قد قالت في تقرير يوم الاثنين الماضي ان تسويف الإيرانيين أوصل تحقيقا تجريه بخصوص ما اذا كانت طهران قد أجرت أبحاثا سرية لطرق صنع قنبلة ذرية الى هذا الطريق المسدود، موضحة ان هناك قضايا تبعث على قلق المجتمع الدولي لم ترد عليها طهران، ومن بينها اجراء تفجيرات شديدة القوة تشبه تفجيرات نووية. ودعت الوكالة طهران الى السماح بإجراء مزيد من عمليات التفتيش داخل إيران، ومقابلة العلماء الإيرانيين الذين يقفون وراء هذه الابحاث، والاطلاع على مزيد من الوثائق. وتزايد قلق الغرب بسبب ما ورد في تقرير الوكالة عن احتمال استعانة إيران بـ«خبرة أجنبية»، في تجارب خاصة بجهاز تفجير يمكن استخدامه في انفجار نووي من النوع الداخلي على ارتفاع كبير. وقال دبلوماسيون مطلعون ان الخبرة لم تقدمها فيما يبدو حكومة دولة مثل كوريا الشمالية ولا أي من بقايا شبكة التهريب النووي السابقة التابعة للخبير النووي الباكستاني عبد القدير خان، والتي أمدت إيران في السابق، بل لاعبون اخرون لا يمثلون دولا، وطالبت الوكالة إيران بتفسير.

واتهمت بريطانيا إيران بالاستهانة بوكالة الطاقة الذرية وتعهدت مع الولايات المتحدة وفرنسا بالسعي لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران لرفضها مطالب الأمم المتحدة بالافصاح الكامل وتعليق تخصيب اليورانيوم. ويأتي ذلك فيما وزع البرادعي على مجلس امناء وكالة الطاقة الذرية تقريره الأخير حول إيران، والمتوقع ان يكون محور المناقشات طوال اجتماعات الاسبوع المقبل. ويتركز التقرير حول تطورات الملف النووي الإيراني منذ مايو (آيار) الماضي.