البحرين تستدعي سفيري إيران والعراق وترفض التدخل في شؤونها الداخلية

جمعية محلية شيعية توجه بيانا للمرجعيات الشيعية عبر سفارتي البلدين

TT

رفضت البحرين تدخل السفارتين الايرانية والعراقية في الشؤون الداخلية لها، مؤكدة عدم رضاها عن إقحام هاتين السفارتين تحديدا «في مشاكل وقضايا محلية بحتة»، على خلفية توجه جمعية محلية للمراجع الشيعية عبر هاتين السفارتين.

واستدعت الخارجية البحرينية سفيري ايران والعراق، حيث التقى الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية أول من امس مع كل من حسين أمير عبد اللهيان السفير الايراني، وغسان محسن حسين السفير العراقي، وبحث معهما قيام جمعية التجديد الثقافية بتوجيه بيان الى المرجعيات الدينية والفقهية في كل من ايران والعراق، وذلك عبر السفارتين.

ويأتي الرفض البحريني الرسمي، في أعقاب جدل كبير أحدثه توجيه جمعية التجديد الثقافية البحرينية خطاباً  للفقهاء والمجامع الفقهية في كل من إيران والعراق، حول ما أسمته «الانتهاكات الصارخة للدستور ولحقوق الإنسان، التي تعرض لها أعضاء الجمعية وعوائلهم من جانب أنصار جمعية الوفاق الإسلامية خلال الأسابيع القليلة الماضية».

وتقول مصادر حكومية، إن «العتب البحريني على السفارتين كان في موافقتهما على استقبال مثل هذه الخطاب، على الرغم من أنه شأن محلي بحت، ولا يجوز للسفارتين أصلا القبول باستقبال أو إرسال مثل هذه الخطابات».

ونقل عن الوزير البحريني خلال لقائه بالسفيرين الإيراني والعراقي، طرحه لاهمية التزام الجمعيات الاهلية «التي تجهل بعضها اصول واختصاصات ومهام السفارات بالقوانين المعمول بها في الدولة، التي تكفل حرية الرأي والتعبير وفض المشاكل والاختلافات عن طريق القضاء في البحرين والسلطات المعنية في المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية  في المملكة». وأكد وزير الخارجية البحريني «عدم إقحام السفارات في مشاكل وقضايا محلية بحتة».

وتقول المصادر الحكومية بأن السماح للجمعيات الأهلية بمخاطبة السفارات والتعاون معها، «سيفتح الباب مستقبلا أمام تدخل هذه السفارات وغيرها في الشؤون الداخلية، وهو أمر غير مقبول إطلاقا في البحرين».

ومنذ توجيه جمعية التجديد الثقافية البحرينية خطابها للمراجع الشيعية في ايران والعراق، والجدل لا يتوقف حول توجه الجمعية إلى هؤلاء العلماء عبر السفارات، فيما توقعت مصادر أن تصدر عقوبات ضد الجمعية من قبل وزارة التنمية الاجتماعية المشرفة على عمل جمعيات النفع العام في البحرين.

غير أن غالبية الشيعة في البحرين لا يؤيدون هذه الجمعية. وتسبب خلاف في إحدى الندوات الجماهيرية قبل أسابيع في تلاسن ومعركة بالأيدي بين مؤيدين للجمعية ومعارضين لهم، وهو ما تسبب في توجيه جمعية التجديد الثقافية خطابا للمراجع الشيعية الكبرى في ايران والعراق تشتكي فيه عدم قبولها في المجتمع البحريني.

وكان الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة هجوم ضار من جانب رجال دين وناشطين شيعة، خصوصا في جمعية الوفاق الإسلامية كبرى الجمعيات الشيعية في البحرين، ضد جمعية التجديد الثقافي، وصل إلى حد تكفير أعضائها والدعوة إلى استئصالهم من المجتمع، بحجة الضلال والانحراف عن الدين  ويطلق هؤلاء على الجمعية تسمية جماعة «السفارة»، حيث أشيع بأنهم سفراء الإمام المهدي وعلى اتصال به، إلا أن التجديد نفت هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة.

وتسبب الجدل الذي أشعلته الجمعية البحرينية بتوجهها للسفارات الأجنبية، إلى رفض قوي من قبل وزارة الداخلية التي هددت بإيقاف نشاط الجمعية. والتقى رئيس الأمن العام فيها اللواء الركن عبداللطيف بن راشد الزياني مع عدد من أعضاء جمعية التجديد الثقافية، الذين تم استدعاؤهم بشأن البيان الذي أعلنت الجمعية أنها وجهته إلى الفقهاء والمجامع الفقهية في إيران والعراق عبر سفارات هذه الدول.

وأوضح رئيس الأمن العام للأعضاء أن ما قامت به الجمعية هو «أمر مرفوض وغير مقبول ويعد مساساً بسيادة الدولة الداخلية، باعتبار أن الخلافات التي حدثت هي شأن داخلي بحريني لا يجوز دعوة أي أطراف خارجية للتدخل فيه».   وأكد رئيس الأمن العام أن على الجميع البعد عن «مثل هذه التصرفات والأفعال غير المسؤولة التي تؤثر على الوحدة الوطنية التي أرساها النهج الإصلاحي للملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي منح الفرصة للجميع داخل المجتمع البحريني لممارسة حريتهم في التعبير في إطار من احترام الميثاق الوطني والدستور والقوانين واللجوء إلى مؤسسات المملكة الداخلية».

كما اشار إلى أن مثل هذه التصرفات تؤدي إلى إثارة الفتن الداخلية وتنعكس سلباً على السلم والأمن الأهلي، داعياً إلى ضرورة نبذ عوامل الإثارة والتحريض والتمسك بروح التسامح والحوار الايجابي، وأن استمرار أي نشاط من هذا القبيل قد يؤدي إلى ان نطالب بإيقاف نشاطات الجمعية.

وأوضح رئيس الأمن العام أن وزارة الداخلية سبق ونبهت إلى خطورة هذا الموضوع في تصريحات سابقة ودعت إلى تجنب آثاره السلبية على الشأن الداخلي، مؤكدا أن البحرين «دولة القانون وان حماية الناس والممتلكات يكفله القانون الذي نعمل ونحرص على تطبيقه وإذا كان أي أمر يهدد سلامة الناس فإنه يجب عليهم أن يحتكموا إلى القانون في البلد الذي يعيشون فيه والذي يكفل حريتهم ويحميهم».