بريطانيا: دعوات لتهدئة السجال حول تصريحات القرضاوي بشأن «الغزو الشيعي»

الهلباوي: لا نستطيع أن نحل مشاكل قائمة منذ 1300 سنة بمقال بصحيفة أو مؤتمر في فندق

TT

تفاعلت المواجهات الكلامية بين شخصيات ومرجعيات دينية شيعية، وأخرى سنية، على خلفية التصريحات التي ادلى بها الداعية الاسلامي الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والتي اتهم فيها الشيعة، وعلى الاخص الايرانيين، بنشر مذهبهم في العالم السني، وخصوصاً في مصر. ورغم ان الشيخ القرضاوي دافع عن تصريحاته تلك بالقول إن «ما قلته عن محاولات الغزو الشيعي للمجتمعات السنية، أنا مصرٌّ عليه، ولا بد من التصدي له، وإلا خنَّا الامانة، وفرطنا في حق الامة علينا، وتحذيري من هذا الغزو هو تبصير للأمة بالمخاطر التي تتهددها نتيجة هذا التهور» حسب وصفه. الا ان علماء سنة وشيعة في بريطانيا مؤسسين لمنتدى الوحدة الاسلامية أصدروا بيانا امس حصلت «الشرق الاوسط» على نسخة منه اكدوا على ضرورة احتواء الازمة وتهدئة السجال حول تصريحات الشيخ القرضاوي بشأن «الغزو الشيعي». ووقع البيان الشيخ الدكتور كمال الهلباوي، المتحدث الاسبق باسم «الإخوان في الغرب»، والرئيس المؤسس للرابطة الاسلامية في بريطانيا، والدكتور سعيد الشهابي، وهو مفكر وكاتب شيعي من كوادر الحركة الاسلامية العالمية. وقال البيان: «ان هناك اعترافاً ضمنياً بين كافة المسلمين بوجود اختلافات بين المدارس الفقهية، وليس هناك جديد في ذلك. فقد استمرت تلك الاختلافات قرونا، وتعايش المسلمون معها باستيعاب ومرونة، فتعاونوا تارة وتراشقوا أخرى، ولكن سلوكهم بقيَّ ضمن الأطر الاسلامية». وأوضحَ أن تعاطي العلماء والمفكرين مع قضايا الاختلاف المذهبي، هو الآخر، لم يخرج عن القيم والأخلاق، وربما أثرى أطروحة التقريب في بعض المحطات التاريخية كتلك التي تمخضت في الاربعينات والخمسينات، في اطار دار التقريب بمصر. وطالب البيانُ علماءَ المسلمينَ ومثقفيهم الترفع عن التراشق المذهبي في شتى الظروف. وقال «ان الاختلاف الفقهي يجب ان يتم التعاطي معه على مستوى البحث العلمي وبأساليب عصرية وفي حلقات تخصصية جادة، هدفها استيضاح المواقف، بعيدا عن  الرغبة في الانتقام او التكفير». واضاف «ان وحدة المسلمين ضرورة تفرضها مصلحة الأمة ويجب ان يتعالى دعاتها على محاولات تفتيت الامة وتمزيقها. واعتبارها أحد أصول العمل للاسلام ومنطلقاته».

من جهته، قال الدكتور الهلباوي «اني ارى ان الوقت غير مناسب لإثارة مثل هذا الموضوع، ثم ان التعميم يخرج الامر عن دائرة الفقه ودائرة الشرح المناسب، كذلك ان الاعلام يلعب دورا سيئا في هذا الامر بالتحريف، كما جاء في بيان الشيخ القرضاوي من ان صحيفة «المصري اليوم» لم تنقل كلامه حرفياً بل تصرفت فيه، كما جاء في جوابه الاصلي». واضاف ان هذه المسائل الدقيقة لا ينبغي ان تخرج الى العلن ويفتي فيها من يعلم ومن لا يعلم، من يحب ومن يكره، ولكن يجب ان تظل في دائرة العلماء والنزوات والحوارات الدقيقة. واوضح الهلباوي الذي يشغل ايضا منصب مستشار مركز دراسة الحضارات العالمية بلندن، ورئيس مركز دراسات الارهاب من وجهة النظر الاخرى، «انه لا ينبغي ان يكون هناك حرج بين المسلمين جميعا فما يعتنقون ويتبعون مذاهب فقهية، وان الجميع في الاصل مسلمون ولا ينبغي ان نعود الى عصور الانحطاط، حيث كان يسأل المتبع للمذهب الشافعي عن جواز التزوج من الحنفية، وياتي الرد أسوأ من السؤال، نعم يجوز بجواز الزواج من اهل الكتاب او الذميين». واشار الى ان القضايا المشتركة تحتاج الى امة يقظة واعية متحدة. وقال الهلباوي: «ان الردود يجب ان تكون من أيٍّ من الاطراف علمية وموثقة بالاسانيد او الادلة وبعيدة عن أي إسفاف، ولا تركز على السلبيات دون الايجابيات. نحن لا نستطيع ان نحل مشاكل قائمة منذ 1300 سنة بمقال في الصحف او تصريح في جريدة او مؤتمر في فندق، بل نحتاج الى حوار صريح مستمر، وعلماء متفرغين لهذا الامر، يضعون وحدة الامة على رأس الاولويات». وكان علماء الدين الشيعة قد أكدوا أن ردة الفعل الغاضبة التي واكبت تصريحات القرضاوي الأخيرة حول «الغزو الشيعي» للمجتمعات السنية كانت قوية على قدر مكانته كونه «عالما عابرا للمذاهب».

ونسب موقع «إسلام أون لاين» للشيخ حسن الصفار تفسيره لرد الفعل الشيعي بالقول «كانت ردود فعل علماء الشيعة على آراء الشيخ القرضاوي الخاصة بالشيعة في العالم العربي بهذا الحجم على قدر مكانته وتأثيره». وأبدى الصفار ارتياحه لاشارة القرضاوي في بيانه التوضيحي «بأن الأكثرية الساحقة من الشيعة لا يعرفون قرآنا غير قرآننا»، لما انطوى عليه من ازالة التباس خاطئ بخصوص تحريف الشيعة للقرآن. وأكد الشيخ الصفار أنه يتعين علينا أن «نعترف بوجود اختلافات سنية ـ شيعية وخلافات تاريخية كبيرة.. والأهم أن ندرك أن حل هذه الخلافات التي عمرها نحو 14 قرنا لا يكون في يوم وليلة».