فرنجية: الدم لا يجر إلا الدم.. ومستعدون لكل الحوارات والتفاهمات

دعوات للتهدئة في لبنان بعد «موجة» المصالحات

TT

تركّزت خطابات الساسة اللبنانيين أمس، على السير في مساعي التهدئة وإشاعة جو من المصالحات، خصوصا بعد حادث بصرما في الشمال اللبناني. فأمس جدد رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية اعلانه حول استعداده لـ«كل الحوارات والتفاهمات وقد وضعنا القضية بيد القضاء»، مؤكدا ان «الوفاق يأتي ضمن كرامة كل فريق، وضمن مراعاة جو المصالحة».

في المقابل، اعتبر نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان ان اتهام سليمان فرنجية النائب «القواتي» فريد حبيب بالوقوف وراء الحادث، «يتعارض كليا مع الشق الأول لكلام فرنجية، الذي ارتضى فيه اللجوء إلى القضاء».

وفي سياق التعليق على حادث بصرما، رأى وزير الاقتصاد والتجارة النائب محمد الصفدي ان «الاحتكام الى القضاء وتسليم الأمر للقوى الأمنية الشرعية هو الطريق الصحيح لتفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر»، مبديا ارتياحه لـ«الحكمة التي أظهرها القادة السياسيون المعنيون بالحادث». وفي تفاصيل التصريحات، قال عدوان إن «الأحداث الأمنية المتنقلة ناتجة عن فقدان هيبة الدولة وسيادتها على أرضها». ورأى أن «إحدى وسائل تدارك الأحداث الأمنية تتمثل بالمناخ الذي يجب ان يسود من القوى الفاعلة، وترجمة الأقوال أفعالا وليس خطابات سياسية». وطالب الحكومة اللبنانية بـ«اتخاذ قرار بمنع الشعارات والصور التي تؤدي إلى كثير من الفتن، والتزام كل القوى السياسية ذلك». وعن اتهام سليمان فرنجية حبيب بأنه يقف وراء الحادث في الشمال، اعتبر أن «هذا الشق يتعارض كليا مع الشق الأول لكلام فرنجية الذي ارتضى فيه اللجوء إلى القضاء»، لافتا إلى أن «المعطيات المتوافرة تشير إلى أن الحادث لم يكن عن سابق تصور وتصميم، إذ ان القوى الأمنية كانت موجودة لحظة حصول الحادث، ما يدل على ان الحادث اتخذ منحى متدرجا». واعتبر انه «في الظروف الاقليمية غير المستقرة، هناك مخططات لضرب الاستقرار في لبنان، ولكن هذا لا يبرر عدم قيام الدولة بمسؤوليتها. وفي المقابل، لا يمكن إقناع اللبنانيين في هذا الجو بأن الأطراف السياسية والأحزاب غير قادرة على ضبط مناصريها أو شارعها». في المقابل، قال فرنجية بعدما استقبل وفدا من الهيئة التنفيذية للرابطة المارونية برئاسة جوزف طربيه: «الدور الذي تقوم به الرابطة هو دور وفاقي، ونحن لا نرفض اي وفاق، لكننا نقول ان هذا الوفاق يأتي ضمن كرامة كل فريق وضمن مراعاة جو المصالحة. وما اقوله اليوم اما ان نلغي بعضنا بعض او ان نجلس معا»، وأضاف: «ما نراه ان الدم لا يجر الا الدم. والقتل لا يجر الا القتل. وبامكاننا، ان نكمل الطريق هكذا ويسقط من عندنا مائة شهيد ومائة شهيد من الآخرين لنصل الى إلغاء بعضنا. وهذا ما لا اراه ناجحا ومفيدا. نسمع اليوم الكثير عن المصالحات عند الآخرين بعد سقوط العديد من الضحايا منذ السابع من ايار (...) وعاد المتحاورون الى الطاولة وتفاهموا والشهداء ماذا حل بهم؟ اتكلم مع عناصر القوات اللبنانية قبل ان اتكلم مع شبابنا واخواتنا، واسأل لأي سبب تموتون او تقتلون؟».

وتابع فرنجية: «نحن مع الرابطة المارونية في مسعاها هذا برعاية فخامة الرئيس، ونحن على استعداد لكل الحوارات والتفاهمات وقد وضعنا القضية بيد القضاء، ليس لأننا ضعفاء، بل لأننا نعتبر ان عندنا حقا معينا، وحتى لو كان عندنا هذا الحق فكل شيء قابل للحوار والتفاوض، ولكن لتلعب الدولة دورها وان لمرة واحدة». وقال: «نريد المصالحة من موقع يتفاهم عليه كل الافرقاء بكرامة وبوجود كل الممثلين الحقيقين على الساحة المسيحية المارونية. واعتقد ان هذا ليس تعجيزا، وموقع رئاسة الجمهورية نريده راعيا لهذا الحوار، واذا كان الطرف الآخر لا يريد رئاسة الجمهورية راعية للحوار، فإن أي موقع يتفق عليه الأطراف ليس عندنا مشكلة معه».

ورأى النائب بطرس حرب ان «هناك من يسعى إلى تأجيج الصراع في لبنان، لأن لا مصلحة له بحصول مصالحة»، معتبرا أن «عدم تحسن الوضع الأمني رغم المصالحات السياسية التي تبشر بالخير، يدل على انه لا يزال في لبنان قوى ظاهرة أو مستترة لا مصلحة لها بتقارب اللبنانيين». وإذ استغرب «تزامن التفجيرات الأمنية مع حصول مصالحة ما أو مع انعقاد طاولة الحوار»، لفت الى أن «حادث بصرما لم يأت صدفة»، وأشار الى «ان فريقي القوات اللبنانية وتيار المردة ربما كانا ضحية فريق ثالث يريد ان يوتر. والمطلوب ممارسة التهدئة بجدية أكبر لأن النار لا تزال تحت الرماد، ومن الممكن اشتعالها إذا لم تبذل مساع جدية لإبقائها تحت الرماد». وأمل في «ان يشهد الشمال مصالحة مسيحية على غرار المصالحة السنية ـ العلوية. وفي نيتي القيام بجهد في هذا الإطار، وقد باشرت محاولات تهدئة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولكن الدم لا يزال حاميا ومن الصعب التوصل الى نتيجة الآن. حاليا هناك تواصل بيني وبين بعض الأطراف، وما اسجله إيجابا هو ان الدكتور سمير جعجع والوزير السابق سليمان فرنجية، توجها نحو التهدئة ولملمة الموضوع عبر تركه للعدالة». وأكد ان «معركة اللبنانيين اليوم هي معركة الصراع للبقاء على قيد الحياة، في انتظار حصول انفراج خارجي»، وقال: «لبنان أمامه سنة خطرة جدا، وسيبقى في غرفة الانتظار شاء أم أبى، لأننا نمر بمرحلة فراغ على مستوى القرار في الإدارة الاميركية، والسياسيون اللبنانيون سيرتكبون خطأ كبيرا إذا ظنوا أنفسهم لاعبين كبارا متناسين أنهم قد يداسون بين الأرجل، إذا دخلوا ملعب اللاعبين الكبار». ووصف كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن بقاء سلاح المقاومة، سواء تحررت مزارع شبعا أو لم تحرر، بأنه «مقلق وسيكون موضع بحث على طاولة الحوار، التي أستبعد توسيعها». وقال: «لست أكيدا من أن كل الجالسين حول الطاولة نياتهم واحدة. الزعماء على المحك، وهم أمام الامتحان فإذا خرج الحوار بنتائج إيجابية تكون هناك نيات صادقة لإنجاح الحوار. وبالنسبة إلى المخاوف من انفراط عقد 14 آذار وعودة الحلف الرباعي، قال: «إذا عاد الحلف فسيكون خماسيا لا رباعيا، ووليد جنبلاط سيأخذ نفسه، ولن يأخذنا ولكن إذا كان سعي جنبلاط لتهدئة الحال، فهذا لا يعني انه سيخرج عن تحالف الرابع عشر من آذار». من جهة أخرى، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن «أن أمتنا استطاعت ان تهزم عدونا في أكثر من حرب، في حرب تموز، وفي تبادل الأسرى ومن قبل في أيار 2000 وخلال حرب تشرين عام 73». واعتبر في كلمة له في إفطار أقامته هيئة دعم المقاومة الإسلامية في مدينة حمص في سورية «أن الحلف والخط الذي يجمع لبنان المقاوم وسورية وإيران، هو محور الخير والإرادة وسورية عرين العروبة التي استطاعت أن تهزم كل المؤامرات التي أرادت النيل منها. وإنجاز لسورية أن تستقبل بعد سنوات، وفوداً أجنبية على أعلى المستويات رغم التعكير المتعمد».