«بيروت منزوعة الصور والشعارات» في مهب المقايضات السياسية

بعدما شكّلت فتيل الاضطرابات الأمنية المتنقلة

TT

وضع قرار اعلان بيروت منزوعة الصور والشعارات على نار حامية منذ أن عادت المشكلات الأمنية الى الساحة البيروتية اثر وقوع مواجهات بين مناصري المعارضة والموالاة على خلفية الدعوة لاحياء ذكرى اخفاء الامام موسى الصدر قبل أسبوعين. لكن اعلان النيات ازاء هذا القرار لم يكف لنزع الفتيل، بل كرّت السبحة في مشكلات صغيرة الى أن انفجرت الأمور في أحداث بصرما في الشمال وأوقعت قتيلين من القوات اللبنانية وتيار المردة، ايضا على خلفية تعليق صور في مناسبة احياء ذكرى شهداء القوات اللبنانية. وفي حين يكثر الكلام عن هذا الموضوع من دون اي قرارات فعلية على الأرض بعدما اصبح الموضوع في مهب المقايضات بين طرفي النزاع ولاسيما تيار المستقبل وحزب الله، يرمي كل طرف الكرة عند الطرف الآخر محملا اياه المسؤولية. فمن جهة أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريحه الاربعاء الماضي الى أنه «تم الاتفاق على ازالة الصور والشعارات من بيروت بحضور ممثلي قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي على اساس أن يبدأ العمل في بيروت وينتقل بعد ذلك الى كل المناطق اللبنانية. لكن الأخوة في تيار المستقبل طلبوا وقتا اضافيا، وحتى الآن لم ينته هذا الوقت الاضافي». يحاول من جهته، تيار المستقبل اجراء اتفاق كامل يشمل طريق المطار، حيث تكثر اللافتات والصور الخاصة بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله والمقاومة الاسلامية، على اعتبار ان هذه المنطقة هي الواجهة الوطنية للبلد. بين هذا الرأي وذاك تتفاقم المشكلات يوما بعد يوم، لتتحوّل بذلك الصور والشعارات التي تغزو المناطق اللبنانية الى اسلحة في ايدي مناصري الفريقين وسببا لاشعال نار الفتنة. لكن الوصول الى هذا الاتفاق لا يعني أن شوارع بيروت بشكل خاص ولبنان بشكل عام لن تصيبها لوثة «طقوس الانتخابات النيابية» المتمثلة بـ«غزوة صور المرشحين وشعاراتهم» التي ستجتاح جدرانها قبيل الانتخابات ما سيعيد المشكلة الى نقطة الصفر، وبالتالي الى نشوب مواجهات بين مناصري هذا المرشح أو ذاك، كما جرت العادة. الأمر الذي سيضع التيارات السياسية والقوى الأمنية أمام تحد آخر يتطلّب اتخاذ قرارات مسبقة لتفادي وقوع المشكلات.

في تعليقه على ما سيؤول اليه قرار تيار المستقبل بشأن الموافقة على تحويل بيروت مدينة منزوعة الصور والشعارات وعلى ما صرّح به رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال النائب في تيار المستقبل عمار حوري لـ «الشرق الاوسط»: «كلام الرئيس بري ليس دقيقا. هم طرحوا أن تقتصر عملية نزع الصور على بيروت الادارية فقط، ونحن نرى أن الأمر يجب ان يشمل بيروت الكبرى، لأنه ليس منطقيا أن يأتي السائح الى لبنان ونستقبله بصور خامنئي والرئيس الايراني احمدي نجاد. لذا يجب درس الموضوع وتطبيقه على مراحل، فاذا وافقنا اليوم على البدء بنزع الصور والشعارات من بيروت الادارية، لا بد أن تكون المرحلة التالية نزعها من بيروت الكبرى ومن ثم المناطق الأخرى الى ان نصل الى اتخاذ قرار جعل العاصمة كلها مدينة منزوعة السلاح». ولم يوافق حوري على أن «تنظيف بيروت من الصور والشعارات» لن يطول كثيرا نظرا الى أن الانتخابات النيابية اصبحت على الأبواب، وقال «هذه مهمة البلديات التي توكل اليها مهمة تطبيق القانون والتقيّد بعدد الصور المسموح به، ولكن بالنسبة الينا، نحرص على الالتزام بالقانون، حتى أننا نضع الاعلانات وندفع ثمنها».

من جهته، استغرب النائب في كتلة الوفاء والمقاومة أمين شري ربط نزع الصور من طريق المطار بالموافقة على ازالة الصور والشعارات من بيروت على اعتبار ان لبيروت خمسة مداخل، حيث الصور السياسية منتشرة على طول الطرق، وليس مدخلا واحدا، أي مطار بيروت. وقال لـ «الشرق الأوسط» «منذ ان طرح علينا الموضوع في مجلس الأمن المركزي ابدينا استعدادنا لتنفيذه وأوكلنا مهمة التفاوض باسمنا الى الرئيس بري. مع العلم ان مطلبنا الأساسي كان ولايزال أن تكون بيروت الادارية مدينة منزوعة السلاح نظرا لكونها تمثّل حساسية سياسية ومعقل المشكلات الامنية التي تحصل يوميا. ولا مانع لدينا أن يتخذ القرار مرة واحدة على صعيد لبنان كله». وفي حين قال شري «نحن في حزب الله من الأحزاب اللبنانية القليلة التي لا تطبع صورا لمرشحيها في الانتخابات»، أكد أن لجنة الادارة والعدل التي هو عضو فيها في صدد البحث في موضوع الاعلام والاعلان الانتخابيين ولاسيما ما يتعلّق بتوزيع صور المرشحين على أن يصدر قانون يلزمهم باتباعه تحت طائلة المحاسبة القانونية».