قائد القوات اللبنانية يحمل بعنف على عون وحزب الله ويعلن «الثوابت التاريخية للمسيحيين» نقطة ارتكاز لوحدتهم

جعجع ثاني قائد ميليشيا لبناني يعتذر عن تجاوزات الحرب الأهلية

قائد حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، مخاطبا امس الحشد الذي تجمع في بلدة جونيه لاحياء ذكرى «شهداء» الحزب الذين سقطوا في الحرب اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

أصبح رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، سمير جعجع، ثاني قائد ميليشيا في الحرب الأهلية اللبنانية يعتذر عن تجاوزات ارتكبتها عناصر قواته، إذ تقدم أمس باعتذار عن «كل جرح أو ضرر غير مبرر تسببنا به خلال ادائنا واجباتنا الوطنية في الحرب الماضية».

وكان النائب اللبناني، وليد جنبلاط، قد سبقه الى تقديم مثل هذا الاعتذار قبل أكثر من سنة.

جاء اعتذار جعجع في كلمة ألقاها في احتفال حاشد اقامته «القوات» لمناسبة «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» شن فيه هجوماً عنيفاً على حزب الله ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون من دون ان يسميه. وأقيم الاحتفال تحت شعار «كنا إخوة في الشهادة.. لنكن إخوة في الحياة» في مجمع فؤاد شهاب في جونيه (شمال بيروت). ورعاه البطريرك الماروني نصر الله صفير ممثلاً بالمطران رولان أبو جودة الذي دعا في كلمته «الجميع الى مصالحة عامة جامعة شاملة بملاقاة الآخرين للمصالحة والمسامحة أو طلب المسامحة».

استهل جعجع كلمته بالقول: «سلام على من يحب السلام، وسلام أيضاً وأيضاً على من لا يحب السلام. فالسلام إرادة الله وغاية التاريخ. منه انطلقنا وإليه نعود. سلام عليك يا رفيقي بيار اسحق (قتل في حادث بصرما مع عضو من تيار المردة الأربعاء الماضي) شهيد الحرية والالتزام والوفاء، شهيد الكورة، شهيد الشمال، شهيد القوات اللبنانية. سلام منا كلنا نحملك إياه إلى رفاقنا الشهداء الذين سبقوك، على مدى السنين على مدى الحنين». وأضاف موجهاً كلامه الى منتقدي القوات اللبنانية من دون ان يسميهم: «ليست الشهادة بحد ذاتها ما يوجع الشهيد او أهله أو أقرباءه أو رفاقه أو مجتمعه، إنما الوجع في محاولات إنكارها وتشويهها وتقزيمها وتحويرها والازدراء بها، سعياً إلى ضرب خصم أو لربح صغير... يتهمونكم بشتى التهم، يحولون بطولاتكم إلى جرائم، يرمونكم في مقابرهم الجماعية الوهمية، يصورون رفاقكم، زورا وتزويرا، يطلقون النار على مدنيين، يهزأون من أدائكم للواجب يوم عز الواجب، ومن مساعدة المحتاجين عندما غاب الجميع».

واضاف: «في هذه المناسبة الجليلة، وبقلب متواضع صاف، وبكل صدق وشفافية، أمام الله والناسن أتقدم بإسمي وباسم أجيال المقاومين جميعاً، شهداء وأحياء، باعتذار عميق، صادق وكامل، عن كل جرح أو أذية أو خسارة أو ضرر غير مبرر تسببنا به خلال أدائنا واجباتنا الوطنية طوال مرحلة الحرب الماضية. كما أطلب من الله عز وجل السماح، وممن أسأنا إليهم السماح والتعالي والمحبة، وللمارقين الطارئين المتاجرين بآلامنا وآلام الناس وأوجاعهم اقول: كفى متاجرة واستغلالاً لدماء ودموع الناس. كفى تزويراً للتاريخ. اتقوا الله فهو وحده الحاكم الديان».

وتناول الأوضاع المسيحية، قائلاً: «تطلبون من الله، ليل نهار، أن يلهمنا كي نتفق، كي نتوحد. نحن جميعا نتوق إلى الوحدة المسيحية لأهميتها بحد ذاتها، ولأنها المقدمة الطبيعية لوحدة لبنان. ولكن قولوا لي بربكم حول ماذا نتوحد؟ هل نتوحد حول الإقرار بمبدأ بقاء حزب الله مسلحا على حساب الدولة اللبنانية، الى حين تحرير كامل فلسطين واسترجاع القدس وكامل الأراضي العربية المحتلة وحل مشكلة الشرق الاوسط برمتها؟ ام نتوحد حول المطالبة بالتحقيق مع قيادة الجيش لماذا أرسلت الطوافة العسكرية التي استشهد فيها النقيب سامر حنا، إلى سجد؟ أم نتوحد حول صوابية حرب تموز 2006 المدمرة وحول مفهوم الحرب المفتوحة وتكريس لبنان جبهة يتيمة للصمود والتصدي، بينما أهل الصمود والتصدي يفاوضون إسرائيل؟ ام تريدوننا أن نتوحد حول اعتماد سورية كأم حنون جديدة لنا؟ او حول محاربة الإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط والعالم كله، حتى النصر؟ ام نتوحد حول ضرورة تعديل الدستور ليعاد انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب؟ ام حول الاعتصام في قلب الوسط التجاري وقطع الطرقات بالحجارة والحديد والنار، وسيلة للإصلاح والتغيير؟». وشدد على «أن نقطة ارتكاز أي وحدة مسيحية هي الثوابت التاريخية للمسيحيين في لبنان التي كانت دائما محرك الوجدان الجماعي المسيحي، كما كل التحالفات المسيحية العريضة... نعم، ضروري أن نتوحد، بل لزام علينا أن نتوحد. فهل يوافق الآخرون على أن نتوحد حول هذه الثوابت، فيناضلون ونناضل معا من اجلها ومن اجل تركيزها وتثبيتها؟ أم أنهم استبدلوا نهائيا، شعار وطني دائما على حق بشعار «سورية وحزب الله دائما على حق؟».

واعتبر انه: «للوصول الى الوحدة، يجب استبعاد عوامل الفرقة بيننا. وهل من عامل فرقة أشنع وأبشع وأكثر إيلاما من ذاك الذي ينبش قبورا غير موجودة وينكأ، وبشكل ملتو، جراحا ما زالت ملتهبة؟ هل من عامل فرقة أكبر من الذي يتناسى اعداء لبنان، لا بل يدافع عنهم بشكل مستميت؟ وبالمقابل، ينقض ليل نهار، على الشهداء الأبرار والمناضلين الأحرار والخارجين منتصرين من سجون التعذيب والاضطهاد؟ هل من عامل فرقة أقسى من الذي انقض على بكركي وما زال، مع كل ما تمثله، وصور سيدها على انه موظف صغير عند سفارة أجنبية أو عند سياسي محلي؟ حتى العثمانيون، رغم جورهم، لم يصلوا الى هذا الحد».

وتوجه جعجع إلى المسيحيين قائلاً: «سأكون كالعادة صريحا معكم. مصير لبنان برمته، كما مصير اولادكم واحفادكم، بين ايديكم اليوم، من خلال الانتخابات النيابية المقبلة. وتطرق الى موضوع الاستراتيجية الدفاعية الواجب اعتمادها في لبنان، فرأى ان «بذورها وخطوطها العريضة موجودة في اتفاق الدوحة وفي البيان الوزاري الاخير. فاتفاق الدوحة نص على حصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة، بما يشكل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي». ولاحظ أن «بالرغم من ذلك، لم يجد البعض حرجا في القول: يجب ان نبقى مسلحين على ما نحن عليه لأن الدولة ليست قادرة بعد. ونقول لهذا البعض: طالما انتم باقون على ما انتم عليه، فلن تصبح الدولة يوما قادرة. وكيف تصبح قادرة وأنتم تصادرون قرارها واستراتيجيتها وسلطتها وهيبتها؟ وكيف تصبح قادرة، وانتم تدوسون كل يوم على رجلها وأحيانا على رأسها؟ وكيف تصبح قادرة وأنتم لا تعترفون بأكثرية مكوناتها؟».

وقال: «نحن اليوم أمام فرصة جديدة، مع رئيس جديد للبلاد، العماد ميشال سليمان، فلنترك جميعا خططنا الفردية ورؤساء وزعماء ما وراء الحدود، ولنتكوكب من حوله، لتقوم الدولة وتصبح فعلا قادرة».