القادري: «الأصالة والمعاصرة» حزب لا مستقبل له.. ولا أنتظر من عالي الهمة أن يقنعني

أمين «الوطني الديمقراطي» المغربي لـ«الشرق الأوسط»: لم يعد لدي أي طموح شخصي

عبد الله القادري، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي المغربي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

خلق عبد الله القادري، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي المغربي (معارضة برلمانية ) اخيرا الحدث السياسي في المغرب بإعلان تراجع حزبه عن الاندماج ضمن حزب الأصالة والمعاصرة، الحديث النشأة، الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في الداخلية.

وقال القادري، وهو عقيد سابق في الجيش، قبل أن يحترف العمل السياسي، إن الاندماج لا يكون بالقوة، ولكن بالتفاهم ولم الشمل، مشيراً إلى أن التسرع طبع عملية توقيعه على قرار الاندماج إلى جانب الأحزاب الأخرى. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ان قتل الأحزاب من أجل إدماجها في حزب آخر يعد سابقة خطيرة في تاريخ الديمقراطية في المغرب، مؤكدا أن الشروط التي طالب بها مسؤولو الحزب الجديد لم تتم الاستجابة لها، ولذلك قرر التراجع عن مشروع الاندماج.

وفسر القادري هذا التراجع بأنه كان «لأسباب وعوامل موضوعية هي التي حتمت علي ذلك، ولست في حاجة إلى من يوجهني بعد 30 سنة من الممارسة السياسية، وخوفي كان هو أن يقال عني غدا: إن القادري باع الحزب أو قتله، خاصة أنني لم استشر مناضلي الحزب. وقال القادري إن هذا الموقف اتخذه عن قناعة، ولم يكن يتطلع إلى منصب. ونفى القادري أن يكون له أي طموح شخصي، فقال: «لا أفكر في أية كعكعة، ومستقبلي بقي ورائي. أنا كنت عقيدا في الجيش، وتقلدت منصب وزير السياحة، وأنا الوزير المغربي الوحيد الذي تخلى عن الحقيبة الوزارية بطلب مني، واستقبلني العاهل الملك الراحل الحسن الثاني، وقال لي إنك رجل نظيف وجدي، ولم يسبق له أن قالها لأي وزير آخر».

وأشار القادري إلى أن حزبه مازال يكتسب صفته القانونية، ولم يتم حله، وسوف يواصل نشاطه السياسي كما كان في السابق.

وأعلن القادري أنه لن يترشح للأمانة العامة للحزب في المؤتمر الوطني المقبل، احتراما منه للقانون الأساسي للحزب الوطني الديمقراطي، الذي يمنع الترشح لولاية ثالثة. كما نفى القادري كل ما راج من كلام عنه بشأن إدلائه بتصريحات، قيل إنها فجرت غضب قيادة حزب الأصالة والمعاصرة عليه. وفي ما يلي نص الحديث.

* ما هو حساب الربح والخسارة في عملية الانسحاب من حزب الأصالة والمعاصرة؟

- الخسارة هي التي كان الحزب الوطني الديمقراطي سيتكبدها، لو ظل مندمجا في مجال لا علاقة له به، ومع أناس لا شيء يجمع بيننا وبينهم، أفكارنا ليست هي أفكارهم، واختياراتنا ليست هي اختياراتهم، وليس هناك أي انسجام بين أهدافنا وأهدافهم. فوارق كثيرة تفصل بيننا وبينهم.

أما الربح فمن المؤكد أنه لن يكون لصالح أي أحد من الطرفين، لو بقينا مع بعضنا البعض، علما بأن الحزب الوطني الديمقراطي، هو الوحيد الذي كان بمقدوره القيام بعمل ما ضمن الحزب الجديد، أما بقية الأحزاب فلا تملك مقرا تستوطن فيه.

* هل تعتبرون أنكم وقعتم في الفخ حينما قبلتم الاندماج في حزب الأصالة والمعاصرة؟

- ليس فخا بالمعنى الصحيح للكلمة، ولكن النوايا لم تكن سليمة من طرف الآخرين، والهدف كان هو التخلص منا بعد تكوين حزب الأصالة والمعاصرة، وخاصة من لدن أولئك الذين صرحوا بعدم الجلوس معنا، باعتبارنا من رموز الماضي.

* الا تعتقدون أنكم بانسحابكم من الحزب الجديد دخلتم بالحزب الوطني الديمقراطي إلى منطقة الاضطرابات والنفق المسدود؟

- أبدا، ليس هناك أي نفق مسدود في وجه الحزب، وطريقنا سيبقى هو طريقنا، ومعاملاتنا ومواقفنا هي هي، لا تغيير فيها.

* طيب، ألم يتم حل الحزب الوطني الديمقراطي بعد اندماجه في «الاصالة والمعاصرة»؟

-إطلاقا، وقانون الأحزاب واضح، ولكنهم (يقصد مؤسسي الأصالة والمعاصرة) اعتمدوا فقط على المادة التي تقول إن الاندماج يترتب عنه حل الحزب، بيد أن الحل لن يصبح ساري المفعول إلا بتطبيق القوانين الأساسية للأحزاب، والقانون الأساسي للحزب الوطني الديمقراطي واضح في هذه المسألة، إذ يؤكد نظامه الأساسي على أنه لا يمكن حل الحزب الوطني الديمقراطي إلا بمقرر يصدره المؤتمر الوطني بأربعة أخماس أعضائه.

* ما قمتم به هل هو مجرد جرأة وشجاعة، أم قناعة، أم أنكم مسنودون بمراكز قوى أخرى؟

- تراجعي عن الاندماج في حزب الأصالة والمعاصرة، كان لأسباب وعوامل موضوعية هي التي حتمت علي ذلك، ولست في حاجة إلى من يوجهني بعد 30 سنة من الممارسة السياسية، وخوفي كان هو أن يقال عني غدا: إن القادري باع الحزب أو قتله، خاصة أنني لم استشر مناضلي الحزب وأعضاءه في الأمر قبل الاندماج.

* كيف تنظرون إلى الحزب الجديد، ما القيمة المضافة التي سيأتي بها، أم أن انسحابكم منه تعبير عن عدم وجود أية قيمة مضافة؟

- لا وجود لقيمة مضافة، وهو حزب لا مستقبل له، ولن يحسن أي شيء في المسار الديمقراطي للبلاد، وشعاراته فارغة ولا تتلاءم ومصلحة البلاد العامة، وانسحابي منه راجع لكونهم كانوا يريدون أن يفرضوا علينا الاندماج بالقوة، رغم أن تحديد المبادئ والأهداف يكون بالاتفاق والتفاهم والأخوة والمحبة ولم الشمل، وليس بالإكراه.

* هناك من يقول إنكم انسحبتم من الحزب الجديد بعدما تأكد لكم أنكم لن تحصلوا على حصتكم في الكعكة المنتظرة؟

- لم يعد لدي أي طموح شخصي، ولا أفكر في أية كعكة، ومستقبلي بقي ورائي، وأنا كنت عقيداً في الجيش، وتقلدت منصب وزير السياحة، وأنا الوزير المغربي الوحيد الذي تخلى عن الحقيبة الوزارية بطلب مني، واستقبلني العاهل الملك الراحل الحسن الثاني، وقال لي إنك رجل نظيف وجدي، ولم يسبق له أن قالها لأي وزير آخر. وسوف أتخلى عن الأمانة العامة للحزب في المؤتمر الوطني المقبل، احتراما لقانونه الأساسي بعد استنفادي لولايتين اثنتين، وعمري الآن سبعون سنة، وطيلة ممارستي للمسؤولية السياسية والحزبية، كنت منشغلا عن أولادي، وكذا عن مصالحي الخاصة التي ذهبت ضحية السياسة والحزب الذي رافقته منذ نشأته حتى الآن.

* بعض التكهنات تقول إن إعلانكم الانسحاب من الحزب الجديد هو بمثابة إعلان وفاة للحزب الوطني. ما رأيكم؟

- الحزب لم يمت، وهو قائم قانونيا.

* أعلنتم عقب الانتخابات الأخيرة عن عزمكم حل الحزب الوطني الديمقراطي احتجاجاً على الظروف التي مرت فيها الانتخابات، فما الذي حصل حتى تراجعتم عن ذلك، هل لوجود ضغوط، أم أن فؤاد عالي الهمة أقنعكم بالتراجع، أم ماذا؟

- أنا لا أنتظر من عالي الهمة أن يقنعني. وأكرر هنا أن انتخابات سبتمبر 2007، زورت ضد حزبنا، ولذلك صرحت بالقول: إذا ظلت الانتخابات على ما هي عليه من تزييف، فمن الأفضل الانسحاب من الساحة السياسية. لم أدع الى تجميد الحزب أو حله، لأن ذلك ليس بيدي، ولست أنا من يقتله او يحييه، والحزب الوطني الديمقراطي ملك للمغاربة جميعا. لقد أردت آنذاك المضي إلى حال سبيلي، فتدخل بعض الناس، وأثنوني عن ذلك، هذا كل ما في الأمر.

* فسرتم تراجعكم عن قرار الاندماج في حزب الأصالة والمعاصرة بضرورة العودة إلى القواعد الحزبية، لماذا لم تقوموا بهذه الخطوة قبل الاندماج؟

- السبب راجع إلى السرعة القياسية التي تمت بها عملية الاندماج، الذي جرى في ظرف ثمانية وأربعين ساعة، ولم يتوفر لنا الوقت الكافي لإجراء المشاورات اللازمة التي كنا سنقوم بها، بعد ذلك، مع هياكلنا وتنظيماتنا في مختلف المناطق والجهات في المغرب، قبل أن نكتشف أن الاندماج غير صالح لحزبنا، فكان التراجع بموافقة المكتب السياسي للحزب.

* اذن، ساوركم إحساس بالتسرع على قرار الاندماج؟

- هذا صحيح، أعتقد أننا تسرعنا في التوقيع، وكان ذلك خطأ منا، فقد كان الظن أن التعامل يتم مع أناس يعملون من اجل المصلحة العامة للبلاد، واتضح لنا انتفاء أي شيء من هذا القبيل، فقلنا: «ما درنا في الطاجين ما يتحرق» (لم نضع أي شيء في الطاجين قابل للاحتراق)، فكان الانفصال، كما يحدث في المجتمع من زواج قد يعقبه طلاق.

* رفاقكم القدامى وصفوك بأنك مزاجي. هل ينطبق عليكم هذا الوصف، وما ردكم عليهم؟

- المغرب كله يعرفني، فقد كنت عسكريا يوجد تحت امرتي ومسؤوليتي 2500 ضابط وضابط صف وجنود على امتداد 12 سنة، لم يسجل علي فيها أبداً أنني أدخلت أي واحد من هؤلاء للسجن، بل كانت العلاقة بيننا تتم على أساس الاحترام المتبادل. ليقل هؤلاء ما شاءوا، لقد أكلوا وشربوا في بيتي طيلة 30 عاما، كانوا خلالها صامتين، واليوم فقط أصبح القادري مزاجيا. إنهم مدفوعون بالتطلع لجني بعض المكاسب، ولكنهم في الأخير لن ينالوا أي منصب.

* ماهي الشروط التي قلتم إن مسؤولي حزب الأصالة والمعاصرة لم يفوا بها، في حين أن زملاءكم في الحزب ينفون وجود أية شروط؟

- الشروط مكتوبة وممضى عليها، وتوجد نسخة منها في وزارة الداخلية، وتتعلق في مجملها بمكانة الحزب، وضرورة أخذها بعين الاعتبار، وكذا وضعية أعضاء مكتبه السياسي وتنظيماته وفروعه في الأقاليم والجهات، ومصير العاملين في صحافته، وفي مقره المركزي، وهناك أيضاً رسالة موجهة إلى حسن بنعدي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، تتضمن جرداً كاملاً لمسلسل مشروع الاندماج، والكثير من النقاط والأفكار والمبادئ والمقتضيات العامة والحيثيات والملاحظات المتعلقة بظروف تأسيس الحزب الجديد، وكل الجوانب المرتبطة به.

* ما هو أصل المشكلة الحقيقية التي أدت بكم إلى التخلي عن قرار الاندماج؟ أنباء صحافية تحدثت عن تصريحات لكم حول تحرك «الأصالة والمعاصرة« بتوجيهات عليا، هي التي أثارت غضب مسؤولي الحزب عليكم في احد الاجتماعات الأخيرة. ما مدى صحة هذه الأخبار؟

- هذه أمور كلها لا أساس لها من الصحة نهائيا، وأنفيها نفياً قاطعاً.

* اتهمكم بعض أعضاء المكتب السياسي لحزبكم أخيرا في مؤتمر صحافي بارتكابكم لمجموعة من الأخطاء في العديد من المراحل. ما هي الأخطاء التي تتصورون أنهم يقصدونها تحديدا؟

- يتعين عليهم، هم أنفسهم، الإفصاح عن هذه الأخطاء، رغم إقراري بأن الخطأ البشري وارد، وأنا لست ملاكا. ولكن هذه الأخطاء لماذا لم يلحظوها إلا اليوم، حين قرروا الالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة.

* بعد إعلانكم الانسحاب من الأصالة والمعاصرة، ألم يتصل بكم أحد من مسؤولي الحزب؟

- لم يتصل بي أي أحد، وكل ما أطلبه منهم هو أن يتركونا في سلام. لقد قبلنا الاندماج ثم تخلينا عنه، بعد اطلاعنا على الحالة كما هي. وهذه سابقة خطيرة في تاريخ الديمقراطية في بلادنا، وهي قتل الأحزاب. لقد فوجئت عند رجوعي أخيراً من العطلة بوضع اسمي كأحد نواب حسن بنعدي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ضمن لائحة أعضاء المكتب المسير، من دون استشارتي، وجرى ذلك بالتعيين، وليس بالانتخاب.

وفي الانتخابات الجزئية الأخيرة لم يرشحوا أي واحد من الحزب الوطني الديمقراطي، وكل المرشحين تم اختيارهم من المنتمين إلى جمعية «حركة من اجل كل الديمقراطيين».

* ما هي طبيعة علاقتكم الآن بفؤاد عالي الهمة وحسن بنعدي بعد التراجع عن الاندماج؟ هل هناك تواصل بينكم أم انقطع حبل الود نهائيا؟

- لم أعد أرى أحدا، ولم يتصل بي أحد. التواصل مقطوع. وحسن بنعدي ليس لديه ما يقوله لي. وفؤاد عالي الهمة يمكن التذاكر معه.

* إذا طلبت منكم أن تصفوا لي فؤاد عالي الهمة في سطور، فماذا تقول عنه؟

- صديقنا وأخونا، وصديق أولادي، أعرفه منذ مدة.

* وما رأيكم فيه كمسؤول سابق في وزارة الداخلية؟

- الرأي العام المغربي هو المخول لأن يحكم على تجربة كل أحد.

* هل جرى بينك وبين عالي الهمة نقاش وحوار قبل إعلان القطيعة والانسحاب؟

- كان هناك نقاش بيننا داخل المكتب المؤقت لحزب الأصالة والمعاصرة، حاول الهمة أن يثنيني عن الانسحاب، وقال لي إن شروطكم سوف نقبلها، فكان جوابي حاسما: لم يعد الآن مجال للقبول، وأخبرته بالواقع، كما عايشناه من خلال تجربتنا معهم. وبعد ذلك اجتمعت بالمكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي الذي قرر التراجع عن الاندماج.

* ماهي خطوتكم المقبلة؟ تتحدثون عن إمكانية عقد مؤتمر وطني للحزب. متى، وكيف، وأين؟

- نحن في الحزب الوطني الديمقراطي لسنا في عجلة من أمرنا، والآخرون هم المستعجلون لعقد مؤتمر حزبهم، وعدم مشاركتنا إلى جانبهم يلغي مكانتنا معهم في مشروع الاندماج.

* بأي صفة بقي بعض أعضاء من حزبكم في حزب الأصالة والمعاصرة، بصفة شخصية أم حزبية؟

- من؟

* ميلودة حازب والطاهر شاكر، مثلا؟

- ميلودة حازب موظفة عندهم في البرلمان تتقاضى راتبها الشهري، والطاهر شاكر وغيره أحرار في الانضمام إلى أي تنظيم سياسي يتماشى وقناعاتهم، هذا شأنهم الشخصي.

* قبل اندماجكم في حزب الأصالة والمعاصرة، هل تشاورتم مع حليفكم السابق في الوفاق الوطني «الاتحاد الدستوري»، أم أن هذا التحالف لم يعد له وجود هو الآخر؟

- تحالف الوفاق الوطني مازال قائما، وبيننا اتصال دائم، ولكننا لم نتشاور مع أعضائه قبل الاندماج مع «الأصالة والمعاصرة»، ولم يكونوا موافقين عليه، وسجلوا علينا مآخذ بخصوصه.

* رغم اختلاف الظروف والمعطيات والحيثيات، ألا يذكركم ما وقع أخيرا من التحاق أعضاء من حزبكم بالأصالة والمعاصرة، بما قمتم به أنتم شخصياً رفقة الراحل محمد أرسلان الجديدي وآخرين من انفصال عن التجمع الوطني للأحرار في أوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي؟

- قد تكون هناك أوجه للتشابه، غير أن انسحابنا من حزب التجمع الوطني للأحرار أملته اختلافات في الرؤى والتصورات حول بعض المبادئ والأهداف السياسية، التي كانت متباعدة بيننا وبين مجموعة أحمد عصمان، رئيس الحزب آنذاك.

* تعتزون بجذوركم البدوية، وتروجون في أدبيات حزبكم السياسية لخطاب الدفاع عن البادية، ومع ذلك فإن حضوركم السياسي منعدم في القرى، فما مرد ذلك؟

- لدينا حضور قوي في القرى، وفي جميع المناطق والجهات، خصوصا في منطقة الشاوية ورديغة، حيث ينتمي كل المنتخبين للحزب الديمقراطي، وكذلك في جنوب المغرب وشماله، وشرقه مثل مدينة وجدة وغيرها.

* من المآخذ المسجلة عليكم أثناء رئاستكم للمجلس البلدي لمسقط رأسكم في برشيد، أنكم لم تحاولوا النهوض بها إلى مصاف المدن الكبرى رغم ما تتوفر عليه المدينة من مؤهلات كقطب صناعي كبير؟

- برشيد نموذج للعمل الجماعي المحلى الناجح، لم يسبق لأي مجلس بلدي أن فرض وجوده، وانطلق بشكل جدي مثل مدينة برشيد. ما أن تسلمت رئاسة بلديتها حتى سارعت إلى تغيير وجهها بوجه جديد، ذي تنظيم حضري متميز، وحركة السير فيها غدت بدون ازدحام على محاور الطرق الكبرى، بل أصبحت تعرف انسيابية وسهولة ويسرا، وفي عهدي تم القضاء نهائيا على دور الصفيح، حتى غدت برشيد هي المدينة المغربية الوحيدة التي تخلو من أحزمة دور الصفيح.

وكان المشغلان الوحيدان لليد العاملة في برشيد هما السوق الأسبوعي، ومستشفى الأمراض العقلية والعصبية، فتوزعت الأنشطة في المنطقة الصناعية من خلال استقطاب الاستثمار، مما أدى إلى خلق العديد من فرص الشغل. كذلك أولينا عناية خاصة لجانب التطهير، بعد أن كانت برشيد غارقة في الوحل صيفا وشتاء.

* ما هي خلفيات تعيينكم وزيراً للسياحة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ثم الاستغناء عنكم أو إقالتكم بعد مضي شهور قليلة على تعيينكم، رغم أن علاقتكم في تلك الفترة كانت جيدة مع ابن منطقتكم الرجل القوي آنذاك، الراحل إدريس البصري، وزير الداخلية؟

- لم أمكث في وزارة السياحة سوى ثمانية شهور فقط، وغادرتها بطلب مني، وباستقالة وليس بإقالة، وذلك احتجاجاً على تدخلات إدريس البصري، وزير الداخلية آنذاك في شؤون تتعلق بتسييري لوزارة السياحة، ولم يعجبني الحال فعبرت عن رفضي لسلوكه. صحيح لقد كانت علاقتي جيدة معه في الأول، ثم طالها التغير من جانبه، فور أن تم تعييني في منصب وزارة السياحة، باقتراح من حزبي، خلفا للوزير السابق موسى السعدي، وغضب البصري علي بدعوى انه كان يريد اقتراحي في منصب وزير الفلاحة. واستقبلني العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني في الأخير، وأثنى علي، وأبرز رضاه عني وعن عملي.

* في ضوء ما حدث أخيرا، كيف تتصورون مستقبلكم السياسي؟ هل انتهى عمركم الافتراضي في الساحة السياسية؟

- لن أتوقف أبداً عن ممارسة السياسة في إطار الدفاع عن المبادئ السياسية والثوابت الكبرى للبلاد، وسوف أدلي برأيي دائما داخل الحزب، واضعا نفسي رهن إشارة أعضائه، إذا احتاجوني، وسأبقى مناضلا حتى الموت.