مسؤولون في البيت الأبيض علموا بالتعذيب منذ 2002

أول اعتراف من كوندوليزا رايس بمناقشات حول الإيهام بالغرق

TT

اطلع مسؤولون رفيعو المستوى في البيت الأبيض في أوائل عام 2002 على إجراءات قاسية كانت تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي ايه) لاستخلاص معلومات من أشخاص مشتبه في تورطهم مع «القاعدة» في معتقلات الوكالة السرية. وتم الكشف عن هذه المعلومات في بيان سلمه مكتب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لمحققين في الكونغرس.

لقد تمت مناقشة تفاصيل برنامج مثير للجدل في اجتماعات متعددة عقدت داخل البيت الأبيض طوال عامين، حيث أثيرت مخاوف بين العديد من المسؤولين الذين شعروا بالقلق من أن أساليب الوكالة ربما تكون قانونية أو أنها تنتهك معاهدات مناهضة التعذيب، هذا ما جاء في بيانين منفصلين وقعتهما رايس وكبير مستشاريها القانونيين.

قال جون بلينغر المستشار القانوني لرايس في وزارة الخارجية ومساعدها القانوني السابق في مجلس الأمن القومي، في إجابات مكتوبة على أسئلة للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ: «أعربت عن قلقي حول التزام أساليب «سي أي أيه» في التحقيق بالقانون المطبق في الولايات المتحدة، والتزاماتنا الدولية».

وبينما وصفت التقارير الصحافية مناقشات البيت الأبيض الداخلية حول برنامج «سي أي ايه»، إلا أنه من المعتقد أن بياني رايس وبلينغر أول اعتراف بمثل هذه المناقشات يدلي به مسؤول في إدارة بوش.

وتذكر الشهادة المكتوبة على وجه التحديد اسم النائب العام جون آشكروفت، ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد كمشاركين في المناقشات، وفقا لنسخ من البيانين أصدرها مسؤولو اللجنة قبل جلسة الاستماع التي كان من المقرر أن تعقد أمس. ولم تذكر الأسئلة تحديدا ما إذا كان أي من الرئيس بوش أو نائبه تشيني قد حضرا هذه الاجتماعات.

في إجاباتها المجمعة في مذكرة مكونة من سبعة صفحات، أشارت رايس إلى أنها طلبت من آشكروفت «مراجعة المشورة القانونية» التي قدمها محامو إدارة بوش الذين أعلنوا أن برنامج السي أي أيه قانوني.

وقال كل من رايس وبلينغر إنهما يتذكران إجراء مناقشات متعلقة بالأمر داخل البيت الأبيض حول برنامج تدريبي غامض للبقاء في الجيش، يتعرض فيه المتدربون العسكريون للإيهام بالغرق، وهو الأسلوب الذي يولد شعورا بالغرق، وأساليب أخرى لإعدادهم لظروف قد يواجهونها إذا ما تم أسرهم. كان برنامج البقاء الذي يعرف باسم البقاء والمراوغة والمقاومة والهرب (SERE) مصدرا لاستلهام العديد من أساليب التحقيق التي استخدمت فيما بعد في «سي أي ايه» ومعسكرات اعتقال وزارة الدفاع.

قالت رايس إنها تذكر اجتماعات كان يجري فيها مناقشة أساليب برنامج البقاء، ولكن تمت طمأنتها بأن هذه الأساليب «يعتقد بأنها لا تسبب ضررا ماديا أو معنويا كبيرا».

يحقق كارل ليفن رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ (وهو ديمقراطي من ميشيغان) في أصل قرار يسمح باستخدام أساليب تحقيق قاسية مع المعتقلين المهمين الذين يقعوا في قبضة البنتاغون والسي أي ايه. وقد اعتبر العديد من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين في الكونغرس بعض هذه الأساليب تعذيبا. ويجد ليفن علاقة بين استخدام أساليب برنامج البقاء والتعذيب الذي حدث في سجن أبو غريب في العراق.

قال ليفن في حوار: «لقد أجريت هذه المناقشات على أعلى مستوى في البيت الأبيض» وأضاف أن الوثائق تكذب ادعاءات الإدارة بأن تعذيب المعتقلين قامت به قلة فاسدة. وأشار ليفن إلى أن وسائل برنامج البقاء ذاتها، والتي لم تتضمن الإيهام بالغرق فحسب بل والتعرض لدرجات حرارة قصوى، والإجبار على خلع الملابس، والحرمان من الإحساس، وضعها الشيوعيون الصينيون من أجل الحصول على اعترافات من الجنود الأميركيين المعتقلين. وصرح ليفن: «إنهم لم يهتموا بصحة هذه الاعترافات، كل ما كانوا يريدونه هو الاعترافات ليتمكنوا من إذاعتها عبر التليفزيون».

في شهادتيهما أشارت رايس وبلينغر إلى أن العديد من المسؤولين رفيعي المستوى لم يشعروا بارتياح حيال البرنامج، حتى بعد أن أقر كبار الخبراء القانونيين في السي أي ايه ومكتب المستشار القانوني في وزارة العدل هذه الأساليب رسميا على أنها قانونية.

وذكر بلينغر طلبات بروس سوارتز، نائب مساعد النائب العام في القسم الجنائي بوزارة العدل، المتكررة حول إدعاءات بوجود تعذيب في معتقل غوانتانامو العسكري في كوبا. وقال إنه مرر الشكاوى إلى وزارة الدفاع، وتلقى ردا بأن هناك تحقيقا يجرى بالفعل. وكما قال بلينغر لم يكن مصدر القلق الأساسي هو مدى مشروعية أساليب التحقيق، بل ما إذا كانت «فعالة واحترافية وتستخدم بأفضل طريقة ممكنة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»