عبد العظيم مرافق السياح.. والداه لا يعرفان خبر اختطافه.. وزوجته وصديقه يتكتمان

جمع أحلامه ونثرها في الصحراء.. ثم فوجئ بها مقيدة في كهف بالعوينات

TT

التوجس والحذر والحرص على الدعاء بتفريج الكربة كانت هي المشاهد المشتركة بين أقارب محمد عبد العظيم عبد الحق، مرافق شركة «إجيبتوس» المختطف بقريتهم الصغيرة كفر الشيخ عطية التابعة لمحافظة الدقهلية بشمال مصر، وبين أسرته الصغيرة التي كونها بعد زواجه في منطقة مدكور بالهرم جنوب القاهرة. الأيدي المرتعشة تتنقل بين الفضائيات ومواقع الانترنت بعصبية لمعرفة أي جديد عن مصيره مع الرغبة الصارمة في كتم المشاعر والحفاظ على ثبات ملامح الوجه خوفا من ملاحظة والديه المسنين لأي تغير.

يعيش المحيطون بمحمد وأصدقائه هذه المشاعر المختلطة ويبقى حزنهم مدفونا في القلب إلى أن يأذن الله بزواله بالإفراج عنه. يقول صديقه أحمد كمال عيد: «شاهدت خبر اختطاف السائحين في قناة فضائية.. وللوهلة الأولى خشيت أن يكون محمد بينهم لمعرفتي أنه متخصص في سياحة السفاري، وحاولت الاتصال به ولكن هاتفه كان خارج الخدمة فزادت شكوكي ومخاوفي.. إلى أن تأكدت من حقيقة اختطافه بعد ورود اسمه بين المختطفين».

وتابع: «كنت خائفا للغاية ولم أجرؤ على إخبار أهله بالواقعة لأن معرفتهم لن تضيف لهم شيئا سوى القلق والحزن فلزمت الصمت. لأول مرة أشعر بالعجز تجاه صديق.. لا أملك إلا الدعاء له بالرجوع». يقول نبيل عبد الحق، ابن عم مرافق شركة «اجيبتوس انتر ترافل» المختطف، إنه اتصل به هاتفيا قبيل الرحلة بثلاثة أيام، بعد عودته من رحلة سفاري قصيرة وأخبره أنه بصدد الذهاب إلى رحلة لمنطقة الجلف الكبير لمدة أسبوعين وطالبه بعدم القلق لو لم يتمكن من مهاتفته أثناء الرحلة نظرا لخلو تلك المنطقة من محطات تقوية الهاتف المحمول.

وشدد نبيل على أن والد محمد عبد العظيم ووالدته لا يعرفان شيئا عن حادث الاختطاف إلى الآن. كما ان بقية أفراد الأسرة لايعرفون شيئا عن أخبار الحادث إلا من الصحف. وامتنع الجميع عن إخبار الوالدين حرصا على سلامتهما. في حين أكدت زوجته أنها علمت بالخبر من التلفزيون لأن آخر مكالمة مع زوجها كانت يوم 16 سبتمبر (ايلول) الجاري وهو يستعد للتحرك من الفندق بمنطقة الواحات. وأكد لها أن شبكة الإرسال ستعود يوم 26 سبتمبر ومن الممكن الاتصال بها في هذا التوقيت.

وعما إذا كان قد اتصل بها منذ وقوع الحادث عن طريق هاتف الثريا قالت: «لم يتصل بي إلا في اليوم إياه وهو يستعد للرحلة». تنقل عبد العظيم بين مهن مختلفة بعد حصوله على ليسانس الآداب قسم إنجليزي، فعمل لسنوات في السياحة بمدينة دهب بسيناء ثم هجرها للتدريس بالقاهرة لعام واحد، بعد تعرض السياحة لهزة الإرهاب، وسرعان ما عمل في ترجمة التراث لسنوات أخرى، قبل أن يعود للسياحة ويحصل على دبلوم الإرشاد السياحي و«كورسات» في اللغة الألمانية، بجانب تعمقه في رحلات السفاري.

ذهب عبد العظيم في رحلته الأخيرة وهو يستعد للانتقال الوظيفي من مندوب للشركة يرافق المجموعات السياحية إلى مرشد سياحي عبر اجتيازه ما يؤهله لعضوية نقابة المرشدين. ذهب للصحراء يحدوه الأمل قبل أن يجد آماله وأحلامه وخططه للمستقبل مقيدة في كهف بالعوينات تتوسل خاطفيه النجاة. مزيج ثقيل من الحزن والقلق يتجرعه الآن أقاربه وأصدقاؤه ويزداد مقداره بمرور الساعات والأيام ربما لم يخففه إلا مكالمة «كريستينا» زوجة مالك شركة «إيجبتوس انتر ترافيل» إلى زوجته وأخبرتها فيها أن الرهائن يعاملون معاملة جيدة، وأن زوجها إبراهيم أكد لها ذلك عبر الهاتف.