الانتخابات الأميركية: جدل حول مناظرة اليوم بعد طلب ماكين تأجيلها وإصرار أوباما على إجرائها

المرشحان يشاركان بمشاورات في البيت الأبيض حول خطة الجمهوريين المالية.. ويصدران بيانا مشتركا

جو ليبرمان يستقبل جون ماكين أمام مبنى الكابيتول هيل في واشنطن (أ.ب)
TT

أدخلت الازمة الاقتصادية، التي تعصف بالولايات المتحدة المرشحان للرئاسة الاميركية باراك اوباما وجون ماكين معا الى البيت الابيض، كما أدخلتهما بمناظرة حول المناظرة الاولى التي من المفترض ان يجرياها مساء اليوم، بعد طلب ماكين تأجيلها واصرار اوباما على اجرائها. وأعلن المرشح الجمهوري جون ماكين تعليق اجراء حملات انتخابية للتوجه الى واشنطن والمشاركة في المفاوضات التي يجريها الجمهوريون مع الحزب الديمقراطي في الكونغرس، حول الخطة المالية التي من المفترض أن يصوت عليها، رابطا موافقة المجلس على الخطة بموافقته على اجراء المناظرة في الموعد المحدد. ودعا منافسه الديمقراطي أوباما الى الموافقة على تأجيل المناظرة ومشاركته في حل الازمة. الا ان اوباما رفض تأجيل المناظرة، كما رفض في البداية الموافقة على وقف الحملة والتوجه الى واشنطن للمشاركة في المفاوضات، الا انه اضطر لان يوافق على حضور النقاشات بعد ان تلقى اتصالا من الرئيس الاميركي جورج بوش يدعوه فيها الى التوجه الى البيت الابيض للمشاركة في لقاء معه ومع ماكين. وتعتبر هذه المرة الاولى في تاريخ الانتخابات الاميركية التي يعقد فيها مرشحان للرئاسة اجتماعاً داخل البيت الابيض قبل اجراء الانتخابات، علما بان بوش كان قد استقبل ماكين في البيت الابيض عندما فاز بالانتخابات التمهيدية. وفي لقائهما مع بوش، بحث المرشحان الازمة بحضور قيادات الكونغرس من الحزبين، وكانا اصدرا بياناً مشتركاً، في سابقة تعد الاولى من نوعها، يشيران فيه الى ان الحملة الانتخابية يجب ان تبقى بمنأى عن جهود الحكومة الاميركية لمعالجة الازمة المالية. وسعى المرشحان الى تبديد اي انطباع بانهما يستغلان الأزمة من أجل مكاسب سياسية. وناشد اوباما وماكين الحزبين بذل جهودهما من أجل التعامل مع الأزمة للتوصل الى حل. وقال البيان المشترك: «إن الخطة التي قدمت الى الكونغرس من طرف إدارة الرئيس بوش تثير انشقاقات، لكن الجهود من أجل حماية الاقتصاد الاميركي يجب الا تخفق... وهذا هو الوقت الذي يجب الترفع فيه عن الامور السياسية من أجل صالح البلاد، إذ لا يمكن المغامرة بكارثة اقتصادية».

لكن المرشحين اختلفا حول موضوع تعليق الحملة الانتخابية وتأجيل المناظرة التلفزيونية، التي يفترض ان تجري اليوم في جامعة مسيسيبي. وفي اعلانه تعليق حملته، قال ماكين: «الاميركيون في أنحاء البلاد يعانون من الانشقاقات الحزبية في واشنطن التي تمنع من تسوية الازمات الوطنية. والان نحن أمام تحد للاجتماع معا وبرهنة ان واشنطن ما زالت قادرة على حل قيادة البلاد».

إلا أن أوباما سارع إلى رفض دعوة ماكين الى تأجيل أول مناظرة تلفزيونية بينهما قائلا: «إنه الوقت المناسب تماما الذي يحتاج فيه الشعب الأميركي ليسمع من الشخص الذي سيكون مسؤولا في غضون حوالي أربعين يوما تقريبا عن التعامل مع هذه الفوضى العارمة». وأضاف: «برأيي إن الأمر أهم من أي وقت مضى أن نقدم أنفسنا إلى الشعب الأميركي ونصف له إلى أين نريد أن نمضي بالبلاد وبالاقتصاد». وقبل اعلان ماكين تعليقه حملته وطلبه تأجيل المناظرة، قال أوباما انه اتصل بماكين في الثامنة والنصف صباحا للتحدث في موضوع الازمة الاقتصادية بعد القاء بوش خطابه قبل ليلة. الا ان المرشح الجمهوري لم يرد على اتصاله بل اعاد الاتصال به بعد ست ساعات. وقال اوباما انهما تحدثا عن ضرورة اصدار بيان مشترك للتأكيد انهما متفقان على ضرورة حل الازمة ودعوة حزبيهما الى التوحد لمواجهتها معا. ولم تتجاوز مكالمة الرجلين العشر دقائق. وبعد ساعات من الاتصال اعلن ماكين تعليق حملته وطلب تأجيل المناظرة. وبعد ذلك بساعات صدر البيان المشترك. وعلق اوباما على ذلك متعجبا، وقال انه عندما تحدث الى ماكين كان «اقترح تأجيل المناظرة ولكنه لم يقل إنه قد حسم موقفه». وأضاف: «الرئيس المقبل عليه ان يتعامل مع أكثر من قضية في الوقت نفسه. اعتقد انه لا يوجد سبب يجعل مواقفنا بناءة للمساعدة في حل هذه المشكلة، وفي الوقت نفسه ان نقول للشعب الاميركي ما نعتقد واين نقف وفي اي اتجاه نريد ان نأخذ بلادنا». وتابع ممازحا: «كلانا لديه طائرة خاصة واعتقد انه بامكاننا الذهاب الى واشنطن لاجراء المفاوضات ثم التوجه الى مسيسيبي لاجراء المناظرة».

ورفضت اللجنة المنظمة للمناظرة، وهي لجنة مستقلة ترعى المناظرات منذ عام 1988، تأجيل خططها وموعد اجراء المناظرة المرتقبة. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن عضوين في اللجنة أنهما يبحثان عن وسيلة لاجبار ماكين على المشاركة عبر الضغط على كل اعضاء اللجنة لاصدار بيان شديد اللهجة تدعو المرشح الجمهوري الى الابقاء على الخطط المقررة. وأشار العضوان الى مناظرات أجريت في السابق وسط أزمات أخطر، وذكرا بمناظرة عام 2000 التي أجريت بعيد استهداف الباخرة الاميركية كول في اليمن، وأدت الى مقتل 17 بحارا أميركيا. وقال العضوان ان المرشحين يمكنهما المشاركة في المناظرة ومتابعة مهامهما في الكونغرس في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أن اوباما لم يتهم ماكين مباشرة بأنه يستغل الوضع الاقتصادي لاهداف سياسية، الا ان عددا من أعضاء في الحزب الديمقراطي فعلوا ذلك. وقال حاكم ولاية بنسلفانيا ادوارد راندل في مقابلة: «هل يعتقد ماكين ان الكونغرس سيبقى منعقدا حتى الساعة التاسعة مساء (وقت اجراء المناظرة)؟ أعتقد ان كل هذا الامر هدفه سياسي». وقال هاري ريد، زعيم الاكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، إن على ماكين واوباما الا يذهبا الى واشنطن والخلط بين المفاوضات حول الخطة المالية بالمعركة الانتخابية. وقال: «نحن بحاجة الى قيادة وليس الى جلسات صور».

أما في المعسكر الجمهوري، فقد أصدر عدد من اعضاء الحزب بيانات تأييد لموقف ماكين، الا ان صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن ثلاثة مستشارين جمهوريين، تحدثوا من دون الافصاح عن أسمائهم، انتقادهم الشديد لموقف المرشح الجمهوري. وقال أحدهم: «الخطوة يائسة ومجنونة». وقال آخر: «لا أفهم الامر على الاطلاق». ودوافع ماكين لتأجيل المناظرة تعود أولا الى تفاقم الاهتمام بالوضع الاقتصادي، وهو مجال لا يفهم فيه كثيرا، خصوصا ان استطلاعات الرأي تظهر ان الاميركيين يثقون بأوباما أكثر منه لحل الازمة الاقتصادية، ثانيا بسبب فضيحة مدير حملته ريك دايفيس، التي انفضحت أول من أمس حول تقاضيه آلاف الدولارات من فريدي ماك، المؤسسة العقارية التي وضعت الحكومة يدها عليها، مقابل خدمات استشارية ودعم سياسي. كما ان بعض المحللين يقولون ان احد الاسباب خلف طلب تأجيل المناظرة قد يكون هدفها تأجيل مناظرة سارة بالين، المرشحة نائبة له، وجو بايدن، المرشح نائبا للرئيس على تذكرة اوباما، المفترض اجراؤها يوم الثلاثاء المقبل. وفي حال تأجلت المناظرة الاولى، سيتعين اعادة جدولة باقي المناظرات، وهكذا يضمن ماكين وقتا اضافيا لبالين، وهي التي تعتبر خبرتها في مجال السياسية الخارجية منعدمة، لكي تحضر لمناظرتها مع بايدن الذي قضى سنوات في الكونغرس يرأس لجنة العلاقات الخارجية.