النمسا: انتخابات برلمانية اليوم قد تعيد اليمين المتطرف إلى الحكم

قائده يخيف أوروبا بأفكاره المعادية للمهاجرين خصوصا المسلمين

TT

للمرة الاولى في مسيرة التاريخ السياسي لدول مجموعة الاتحاد الاوروبي الـ27، سيشارك المواطنون النمساويون البالغين من العمر 16 عاما في التصويت لاختيار اعضاء البرلمان اليوم، في سابقة لا يسمح بها الا في عدد محدود من البلدان منها كوبا ونيكارغوا والبرازيل بالاضافة لجزر باسيفيكية صغيرة ما تزال تحت سيطرة الحكم البريطاني.

 وتشير الاحصاءات الى ان حوالي 200 الف شاب وشابة نمساويين تتراوح اعمارهم ما بين 16 و17 عاما سيسارعون اليوم لممارسة حقهم في اختيار ممثلين لعضوية البرلمان، بعد اجازة قانون خفض سن الناخب من 18 الى 16 في محاولة لخلق توازن بين الاجيال بعد تفوق عدد المسنين على الشباب في النمسا. وكانت الاحزاب النمساوية البرلمانية الخمسة قد وافقت في يوليو (تموز) الماضي على العودة الى صناديق الاقتراع بعد فشل الائتلاف الحاكم المؤلف من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الشعب المحافظ، بعد عامين فقط من آخر انتخابات فيما كان من المقرر ان تستمر الحكومة لاربع سنوات كاملة.

وفيما تشير المصادر الى ان اجراء الانتخابات سيكلف الخزينة ما يفوق 13 مليون يورو بسبب فشل الاشتراكيين والمحافظين العمل سويا، يبدو ان الكاسب الحقيقي لهذه الانتخابات هي الاحزاب اليمينية التي ستجني ثمار الاحباط الذي يحسه النمساويون وخيبة املهم في الحزبين الكبيرين. وتشير تقارير الى ان حزب الحرية اليميني المتشدد بقيادة زعيمه الشاب هاينز كريستان اشتراخا، 39 عاما، قد يجني لوحده اكثر من 20 في المائة من الاصوات، ما سيجعله لاعبا اساسيا في الائتلاف المقبل، وتحديد شكل الحكومة النمساوية الجديدة .

ويعتبر اشتراخا نسخة اكثر يمينية من اشهر السياسيين النمساويين اليمينيين يورك هيدر، حاكم اقليم كرنسيا، وزعيم حزب الائتلاف من اجل مستقبل النمسا الذي عاد للمشهد السياسي بعد رفض عالمي عام 2000 لمشاركته في الحكم، ما ادى لمقاطعة اميركية اوروبية ضد النمسا عانت منها البلاد لفترة حتى بعد ان اعلن هيدر ابتعاده بسبب الضغوط التي حالت دون اختياره لمنصب المستشار النمساوي. الا ان هيدر هذه المرة يعلن عودته وهو اكثر هدوءا معترفا بخطئه بابدائه اعجابه ببعض سياسات حكومة الرايخ الثالث النازية مؤكدا ان النمسا لا يمكنها ان تعيش في قلعة معزولة وسط عالم متداخل مترابط ومقدما اقليم كرنسيا الذي يحكمه كنموذج ناجح يمكن تطبيقه لحكم كل البلاد. ويتحدث عن ان الاقتصاد قوي وفرص العمل متوفرة واهم من ذلك ان الاقليم، كما يردد حاكمه، «يرحب بالاجانب وفق سياسة محددة تحولهم لقوى عاملة وليس مجرد عطالة ومجرمين يعيشون على المساعدات الحكومية».

وبينما هدأ هيدر الذي يعتبر من اكثر السياسيين النمساويين تطرفا، فان اشتراخا اصبح هو الصوت اليميني شديد التطرف الذي ينظر اليه كثيرين على أنه نسخة اسوأ من هيدر في شبابه، وهو أمر يثير خوفا اوروبيا من عودة اليمين المتشدد الى الحكم. فهو يجاهر بمعاداة الانفتاح النمساوي الكامل مع الاتحاد الاوروبي، وهو ضد مساعدة اللاجئين والمهاجرين للاستقرار بالنمسا خاصة المسلمين الذين لا يبالي بالتنديد بانتشار مساجدهم. ولا يكف على القول إنه «ما ان تطأ اقدامهم ارض النمسا حتى ويبدأون من اول يوم في امتصاص المعونات والخدمات الاجتماعية ليعيشوا في عزلة داخل مجتماعاتهم التي لا علاقة لها بالنمسا وتاريخها وثقافتها».