دمشق: 17 قتيلا في انفجار سيارة مفخخة قرب مقار أمنية.. والداخلية تعتبره عملية إرهابية

شهود عيان: مقتل عميد بالجيش كان مارا مع ابنه > السيارة كانت محملة بـ 200 كيلوغرام من المتفجرات

TT

استيقظت العاصمة السورية دمشق صباح أمس على وقع انفجار سيارة مفخخة جنوب دمشق في شارع المتحلق الجنوبي قريبا من طريق المطار عند مفرق منطقة السيدة زينب، وأسفر عن الانفجار مقتل 17 شخصا وجرح 14 آخرين. ووصف وزير الداخلية السوري اللواء بسام عبد المجيد الانفجار بـ«عملية ارهابية جبانة» في تصريح للتلفزيون السوري الذي كان أول من بث الخبر. وقال عبد المجيد بعد نحو ساعتين من وقوع الانفجار: «واضح أنها عملية إرهابية استهدفت منطقة مزدحمة، والمكان المستهدف طريق عام بين مطار دمشق وتحديدا مفرق السيدة زينب ومنطقة القزازين وهناك عدد كبير من القادمين والمغادرين وللأسف الضحايا كلهم مدنيون». وتوخى وزير الداخلية عدم اتهام أي جهة معينة بالمسؤولية عن الانفجار وقال «لا نستطيع أن نشير إلى جهة معينة لكن التحقيقات ستوصلنا للفاعلين»، موضحا أن السلطات الأمنية «بصدد التحقيق وتقوم به الآن وحدة مكافحة الإرهاب لإيجاد الفاعلين». ونقل موقع الكتروني لبناني عما وصفه بمصادر سورية واسعة الاطلاع ان الانفجار نفذه انتحاري عراقي من «القاعدة»، وكان يستهدف مقرا أمنيا موجود في المنطقة، وانه رسالة موجهة الى السلطات السورية التي تمارس ضغطا كبيرا الآن على شبكات القاعدة. وحسب موقع «ناو لبنان» الذي لم يؤكد أحد ما اورده، فان العملية تنبئ بأن تنظيم القاعدة حول الاراضي السورية من «ارض نصرة الى ارض جهاد». وأفاد الموقع ايضا بأن اجهزة الامن السورية شنت حملة اعتقالات طالت 35 مشتبها.

من جانبها، بثت وكالة الأنباء السورية (سانا) بيانا رسميا حول الانفجار صادرا عن «مصدر إعلامي مسؤول» قال فيه «إن سيارة مفخخة انفجرت في الساعة الثامنة وخمس وأربعين دقيقة من صباح اليوم في شارع المحلق الجنوبي لمدينة دمشق في منطقة مزدحمة بالمدنيين المارة قرب مفرق السيدة زينب، مما أدى إلى وفاة 17 شخصا من المدنيين وجرح 14 آخرين».

وأضاف المصدر «أن كمية المتفجرات في السيارة يقدر وزنها بـ 200 كلغ وتولت وحدة مكافحة الإرهاب المركزية التحقيقات للتوصل إلى هوية الفاعلين».

وقالت (سانا) إن وزير الصحة تفقد «جرحى العمل الإرهابي في مشفى دمشق» الذي جرى نقل المصابين إليه لقربه من موقع الانفجار. وحسب (سانا)، استمع الوزير من مدير المستشفى والطاقم الطبي إلى شرح مفصل حول الوضع الصحي والإجراءات والخدمات الصحية التي يتم تقديمها للمصابين «الذين أصبحت حالتهم الصحية مستقرة بعد ان تم تقديم جميع الخدمات الإسعافية والعلاجية اللازمة لهم». وفور وقوع الانفجار ضرب طوق أمني واسع حول المنطقة ومنع الدخول والخروج منها، كما منع الإعلام من الاقتراب من الموقع. وكان التلفزيون السوري أول من بث صورا من الموقع، والوحيد الذي سمح له بذلك. وقال شهود عيان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن المساكن المحيطة بالموقع على بعد 200 متر قد تضررت، وأصيب بعض سكانها، بجروح حيث استيقظ السكان على تحطم زجاج النوافذ والواجهات من شدة التفجير، وقد تضررت ماديا مدرسة القزاز المختلطة القريبة من المكان ومعهد المصارف والتمويل، وقد بوشر بترميم أبنيتها فورا، كما تم فك الطوق الأمني وسمح بعبور السيارات في الساعة الثانية من بعد ظهر أمس، أي بعد حوالي ست ساعات. وقالت وكالة الصحافة إن شظايا الزجاج وحطام السيارات انتشرت في مكان السيارة المفخخة التي انفجرت قرب جدار تهدم منه حوالي 30 مترا. وقال عبد الرحمن الذي يقطن في المنطقة لوكالة الصحافة الفرنسية، ان «الانفجار الارهابي استهدف احد الفروع الأمنية». وأضاف «كنت واقفا هنا بعيدا حوالي مائة متر، فشاهدت سيارة تحترق وانفجرت. أزاحتني من مكاني».

وقال محمود القادم من ببيلا التي تبعد حوالي أربعة كيلومترات عن مكان الانفجار، ان «الابنية في ببيلا اهتزت».

ورأى عبد الرحمن ان «الانفجار ليس من صنع افراد بل من صنع دول متأثرة بما تقوم به سورية من مكافحة الارهاب». وأضاف مستنكرا انها «هدية في ليلة القدر لأبناء المسلمين».

وذكر احد المواطنين، رافضا ذكر اسمه، ان قريبا له هو عميد في الجيش العربي السوري وابنه صودف مرورهما في المكان قتلا في الانفجار.

وقال شاهد عبر شاشة التلفزيون السوري ان قوة الانفجار أسقطته من سريره، «ظننت ان هناك هزة ارضية». وأضاف «اشكر الله ان المدارس والادارات مقفلة اليوم وإلا لحصلت مجزرة حقيقية»؛ في اشارة الى وجود مدرسة قريبة من المكان.

ولم يعرف على الفور ما اذا كان الاعتداء يستهدف شخصا بعينه.

واعتبر أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق ابراهيم دراجي أنه «من المبكر ان نعرف من المستهدف حتى تتضح الابعاد الامنية كلها. لكنه عمل إرهابي ما دام استهدف مدنيين». وأضاف «السوابق التي كانت تحدث في سورية كانت تفضي دائما الى دائرة اسرائيل وبعض الجهات التي تسيء فهم الاسلام». وتابع «لكنه من المبكر جدا التكهن. علينا ان ندرك ان سورية مستهدفة سواء من دول تتعارض مصالحها معها وتضررت من المواقف السورية في ملفات لبنان وفلسطين والعراق او اجهزة استخبارات وجماعات اخرى تجد ان لها مصلحة في زعزعة الامن والاستقرار في سورية».

وتعتبر هذه العملية التي شهدتها دمشق هي الأعنف من حيث عدد الضحايا منذ الثمانينيات، التي شهدت بداياتها مواجهات عنيفة مع جماعة الإخوان المسلمين.

وذكر شهود عيان أن الانفجار كان قريبا من مركز تجمع مقار أمنية يقع عند مفرق منطقة السيدة زينب (سيدي مقداد).

ولم تتضح لغاية كتابة الخبر أية معلومات إضافية تشير إلى الجهة التي قامت بالعملية أو المستهدف منها، خاصة وأن مكان الانفجار هو شارع عام مزدحم دائما بالسيارات، كونه صلة الوصل بين ريف دمشق الجنوبي ـ منطقة سكنية شعبية تتركز فيها معامل وصناعات صغيرة وفعاليات اقتصادية ـ وبين مدينة دمشق. وتتزامن هذه العملية مع تشديد الحكومة السورية للإجراءات الأمنية على حدودها مع لبنان منعا للتهريب، ولأسباب «أمنية داخلية»، حسب ما نقلته وسائل الإعلام عن مصادر سورية مؤخرا.