والد أحد المختطفين: ابني لم يتصل بنا وشركة السفاري أخطرتنا بوصول الفدية للخاطفين

كبير خبراء السفاري بالصحراء الغربية: شاهدت عصابات مكونة من سودانيين وتشاديين في منطقة العوينات

TT

أبلغ مصدر مسؤول في شركة «إيجيبتوس» المنظمة لرحلات السفاري جنوب غربي مصر التي اختطف رئيسها و11 سائحا أجنبيا، اضافة الى 8 مصريين، على أيدي مجهولين الأسبوع الماضي، أدلاء في منطقة العوينات كانوا يرافقون «الشرق لأوسط» في زيارتها للمنطقة «أن الخاطفين تسلموا أموال الفدية، وأنه من المحتمل إطلاق سراح الرهائن المختطفين اليوم أو غدا. وأضاف: «احتمال النهار ده أو بكرة يتم الإفراج عن الرهائن.. الفلوس وصلتهم»، إلا أن أدلاء لرحلات سفاري في جنوب صحراء مصر الغربية، الذين أوقفوا رحلاتهم إلى المنطقة التي شهدت حادث الاختطاف منذ مساء اول من أمس، قالوا «إن الشركة تحاول بث الطمأنينة بين أهالي المختطفين». من جانبه، أكد أيمن عبد الواحد، كبير خبراء السفاري في الصحراء الغربية والعوينات والجلف الكبير جنوب غربي مصر أمس، أن سياح السفاري عند التقاء الحدود المصرية ـ الليبية ـ السودانية تعرضوا خلال العام الجاري الى عدة حوادث اعتداء، وأن حادثة وقعت منذ نحو 6 أشهر، والثانية منذ أقل من شهرين، وأن معظم المرشدين المصريين في رحلات السفاري التي تنطلق من القاهرة إلى أقصى الجنوب الغربي للبلاد يعلمون بوجود عصابات مسلحة هناك تزايد حضورها بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين. وأضاف أنه شاهد أكثر من مرة عصابات مكونة من مواطنين سودانيين وتشاديين في تلك المنطقة. وربط عبد الواحد الذي التقته «الشرق الأوسط» أمس خلال رحلة سفاري يقوم بها، ومكونة من 3 سيارات دفع رباعي و7 سياح أوروبيين وخمسة مرافقين مصريين، إضافة للمؤن.. بين طبيعة التوترات السياسية والعرقية في كل من تشاد والسودان وتكرار حوادث الاعتداء وقطع الطرق أخيرا قرب الحدود المصرية من الجنوب الغربي، قائلا إن هذه الأوضاع والتوترات شجعت على وصول متسللين إلى داخل الحدود المصرية وتهديد رواد رحلات السفاري. وتابع موضحاً: «قابلت عددا كبيرا من مهربي البضائع عند مثلث الحدود المصرية ـ الليبية ـ السودانية وأكدوا لي تعرضهم للتوقيف من قبل عصابات تشادية ودارفورية مسلحة..». واضاف «هذا يستوجب زيادة الاحتياطات الأمنية من قبل الشرطة وشركات السياحة». وأشار إلى أن غالبية السائحين المترددين على الصحراء الغربية يحملون جنسيات ألمانية وبلجيكية وإيطالية وفرنسية، وأن العديد منهم أتوا إلى المنطقة أكثر من مرة. والتقت «الشرق الأوسط» مع رجب سعيد، والد السائق المصري عبد الرحمن أحد المختطفين، منذ 19 سبتمبر (ايلول) الماضي، وقال: «ابني لم يتصل بنا كما رددتْ وسائل الإعلام، لم يتصل أيٌّ من زملائه من أبناء الواحات المختطفين على الحدود المصرية ـ السودانية بذويهم، لا نعرف أيَّ شيء عن مصيره ومصير زملائه من المصريين والأجانب، ونناشد سلطات الدول المعنية التعامل مع الخاطفين بالحوار، لأنني لا أريد أن تنتهي العملية بعودة جثة ابني وجثث المختطفين الآخرين».. وأضاف الوالد الذي كان يخفي حزنه الشديد، في منزله الواقع على مشارف بحر الرمال المؤدي لجبل عوينات ومنطقة الجلف بالصحراء الغربية لمصر، إن الحادث الذي تعرض له ابنه «عمل إجرامي لم يكن في الحسبان»، نافياً أن يكون «عملا إرهابيا». وأضاف والد السائق المختطف، أن عبد الرحيم، 33 عاما، متزوج ولديه ثلاثة أطفال هم حسام بالصف الخامس الابتدائي، وإسلام في الصف الثالث الابتدائي، وهايدي وعمرها 6 أشهر. وقال إن زوجة ابنه وأولادها (أحفاده) «لا يعلمون بموضوع الاختطاف ويعتقدون حتى الآن أن والدهم ما زال في رحلة من رحلاته الاعتيادية مع السائحين، وأنه سيعود بعد إنهاء الرحلة». وأضاف: «لا نعرف ماذا سنقول لهم لأن الزوجة وأولادها المقيمين في الوقت الحالي لدى أسرتها يعلمون أن موعد الرحلة ينتهي غدا (اليوم)، إذا لم يتم الإفراج عنه وعودته فسيسألون عنه، خاصة ونحن مقبلون على يومي عيد (عيد الفطر)». وتم نقل أولاد عبد الرحيم من مركز الباويطي التي يدرسون بها بمدرسة «خالد بن الوليد» إلى قرية الحيز التي تبعد عن الباويطي بنحو 45 كيلومترا. وقال والد السائق المختطف إن الأولاد (أحفاده) تأجل ذهابهم إلى المدرسة لبعد العيد آملا في عودة والدهم، قبل أن يعلموا بالخبر المشؤوم. ويعيش رجب سعيد، والد السائق المختطف في عزبة نائية تسمى «طبل آمون»، التابعة لقرية الحيز جنوب الواحات البحرية بمصر، وقال إن ابنه عبد الرحمن يعمل سائقا في مجال السفاري منذ حوالي 7 سنوات، وأنه في السابق كان يعمل في ذات المجال تقريبا لكن في شرم الشيخ (على البحر الأحمر شرق البلاد). وقال الوالد المكلوم الذي يعمل مزارعاً إن ابنه قام بجولات ورحلات سفاري مع أفواج سياحية تحب التخييم في الصحراء في منطقة الجلف التي وقع بها الاختطاف الأسبوع الفائت، نحو 7 مرات في العام الماضي فقط، وعاد في كل مرة سالماً. ونفى الوالد أن يكون ابنه قد تعرض لأي حوادث من هذا النوع قبل هذه الواقعة، كما تردد بين بعض أبناء المنطقة من العاملين كأدلة سياحيين لرحلات السفاري، وأشار إلى أنه لم يتملكه أي قلق في السابق من مغبة تعرض نجله لمثل هذا الحادث، وأنه منذ الآن أصبح يفكر بجدية في مستقبل مهنة ابنه في حال عودته، وما إذا كان سيسمح له بالعمل في ذات المنطقة ومجال السفاري مرة أخرى من عدمه.

كما نفى والد المختطَف تلقيه أو أي من أشقاء ابنه لأي اتصالات من الابن الغائب خلف جبل العوينات ووديانه، قائلاً إن «جميع ما نشر حول اتصال ابننا بنا ولو لمدة دقيقة واحدة لم يحدث، ولم نسمع صوته منذ اختفائه، وأن كل ما يصلنا من معلومات شحيحة عن احتمالات وجوده وعودته ترد إلينا من بعض مسؤولي الشركة المنظمة لرحلات السفاري، ومقرها بالقاهرة». وأضاف مصطفى شقيق السائق المختطَف قائلاً «إن آخر اتصال تلقيناه من مسؤول بالشركة السياحية إيجيبتوس، يفيد بأن الخاطفين تسلموا الفدية التي طلبوها من ألمانيا بالفعل، وأن التسليم تم عن طريق زوجة صاحب الشركة إبراهيم الصابر. وأن المشكلة الحالية التي أُخطرنا بها عبر الاتصالات التي نتلقاها من الشركة التي يقولون لنا إنها تؤخر إطلاق المختطفين سراح الرهائن هي محاولة الخاطفين الحصول على وعد بالخروج سالمين من المنطقة بأموال الفدية (التي يتردد أنها نحو 6 ملايين دولار) دون تتبع لهم أو مطاردتهم من قبل السلطات في تلك المنطقة الحدودية». ورفض شقيق عبد الرحيم ووالده توجيه أي مناشدة للدول الأجنبية التي لها مختطفون للتدخل لسرعة حل المشكلة، وقالا «إننا نتوجه بالمناشدة إلى بلدنا لكي نحمي أراضينا ولا نناشد اي دولة أجنبية للتدخل لحل أزمة الرهائن، لأنه من الخطير أن يتم الاستعانة بدول أخرى ونحن دولة ذات سيادة عليها أن تحمي زوارها وحدودها». وفي لقاءات لـ«الشرق الأوسط» مع عدد من السياح ورواد السفاري بمنطقة عين خضرا بالصحراء البيضاء (قرب بحر الرمال جوار العوينات) قال جان جورج، وهو بلجيكي الجنسية، ويعمل في تصميم الديكورات في بلاده، إن حادثة الاختطاف لم تؤثر عليه هو شخصيا، وذلك نظرا للثقة المتبادلة بينه وبين منظمي رحلات السفاري المصريين. لكنه أضاف أن هناك الكثير من السياح الخائفين وأن سبب تخوفهم هو طول المدة التي تستغرقها عملية تحرير الرهائن التي لم تنجح حتى الآن، وأضاف أنه لو كانت الأزمة قد انتهت سريعا لكان الناس نسوها بسرعة دون أن تؤثر على الأفواج المقبلة، قائلا وهو يستلقي على الرمال الصفراء الساخنة قرب واحة الفرافرة (نحو 1200 كيلومتر جنوب غربي القاهرة) إن الحادث سيؤثر على مصر بالسلب من الناحية السياحية، وأوضح: «أصدقائي في بلجيكا قالوا لي لا تذهب إلى هناك، وسألوني هل تريد الذهب إلى مصر كي تموت، فقلت لهم من الممكن أن أموت في أي حادث داخل بلدي، أو في أي مكان».

وقالت خرايت فينك، وهي بلجيكية الجنسية أيضاً، وتعمل بمركز لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة في بلادها، إنها ذهبت إلى منطقة الجلف الكبير التي وقعت بها عملية الاختطاف، مرتين خلال العامين الماضيين، وأنها تثق بالمجموعة المصاحبة لها والمنظمة للرحلة السياحية السنوية لها ولأصدقائها. وأعربت عن اندهاشها وصدمتها فور سماعها نبأ الاختطاف، إلا إنها قالت إنها لم تفكر في إلغاء زيارتها إلى مصر، رغم أن مشاعر حزن عميق تتملكها على الرهائن، وأن من أسباب قلقِها أنها لا تعلم كيف ستتعامل الحكومة المصرية والحكومات الأخرى ذات الشأن بالموضوع مع الموقف. وقالت فينك إن طبيعة المنطقة الحدودية مفتوحة مع السودان وليبيا، وهو ما يسمح بسهولة دخول المتسللين والخاطفين.