أميركا تبيع إسرائيل نظاما راداريا متطورا لمواجهة الصواريخ الإيرانية والسورية

قادر على رصد جسم في حجم كرة البيسبول على بعد 4700 كم.. وسيعطي واشنطن سلطة الاعتراض على هجوم منفرد ضد طهران

TT

حصلت اسرائيل على نظام راداري اميركي مضاد للصواريخ، هو الاكثر تطورا في الولايات المتحدة، ويهدف بحسب مسؤوليين اسرائيلين، بالاساس، الى اعتراض اطلاق صواريخ بالستية ايرانية والصواريخ السورية. وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي، ان الرادار الذي يبلغ مداه اكثر من الفي كيلومتر، ينصب في قاعدة «نيفاتيم» الجوية في صحراء النقب جنوب اسرائيل، والتي اصبحت اكبر قاعدة لسلاح الجو الاسرائيلي. ويعكس الرادار الواسع المدى عمق علاقات الدفاع بين اسرائيل والولايات المتحدة. لكن بزيادة الاعتماد الفني لاسرائيل على حليفتها اميركا، فإن تل أبيب ربما تعزز من سلطة واشنطن على الاعتراض على عمل اسرائيلي أحادي يهدف الى منع ايران من الوصول الى اسلحة نووية.

وقال مسؤول اسرائيلي على دراية بالصفقة، انها تعويض عن عزوف الادارة الاميركية عن دعم استعدادات اسرائيل لهجوم محتمل على ايران، مشيرا الى ان التركيز الاميركي ينصب على الاجراءات المضادة. واوضح المسؤول «اراد باراك حزمة كاملة.. دفاعية وهجومية. لكن ما حصل عليه من، وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس هو حزمة دفاعية فحسب». وقد حضر فريق عسكري أميركي، مؤلف من نحو 120 مع الرادار، بهدف الاشراف على تركيبه في صحراء النقب. وكشفت مصادر إسرائيلية عن أن الولايات المتحدة شغّلت في الأيام الأخيرة جسرا جويا من 14 طائرة شحن كبيرة، لنقل نظام الرادار ومرفقاته والطاقم التابع لقيادة أوروبا في الجيش الأميركي، الذي سيشغل النظام الجديد المرتبط بالأقمار الصناعية وبأحد أنظمة الرادار الأميركية في أوروبا.

وبحسب مصادر اسرائيلية، فإن نظام الرادار سيكون بمثابة قاعدة مغلقة، ويمنع على الإسرائيليين دخولها. وقد أثار الاتفاق الذي تم توقيعه بين الاسرائيلين والاميركيين خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، للولايات المتحدة في شهر يوليو (تموز) الماضي، ويمنع الإسرائيليين من أخذ دور في تشغيل نظام الرادار، انتقادات واسعة في المحافل السياسية والأمنية الإسرائيلية، وسميت الاتفاقية حينذاك بـ«اتفاقية العار الوطنية»، بحسب ما ذكرت صحيفة «هآرتس» نقلا عن مسؤولين أمنيين وسياسيين.

ومن المتوقع أن يبدأ العمل بالنظام الجديد قبل المناورات العسكرية الأميركية الإسرائيلية المشتركة، المزمع إجراؤها خلال أشهر الخريف. ووصف مسؤولون اميركيون نظام الرادار الذي طورته شركة «رايثون» بأنه قادر على رصد جسم في حجم كرة البيسبول من على بعد نحو 4700 كيلومتر. وسيمكن هذا النظام، الصاروخ «أرو» من اعتراض الصاروخ «شهاب 3» الايراني ذاتي الدفع في منتصف الطريق تقريبا خلال رحلته المفترضة الى اسرائيل، والتي تستمر حوالي 11 دقيقة. وقال مسؤولون اسرائيليون ان باراك اراد حزمة كاملة، اي دفاعية وهجومية. لكن ما حصل عليه من وزير الدفاع الاميركي هو حزمة دفاعية فحسب.

واعتبر الاسرائيليون ان ربط نظام الرادار، بالدرع الصاروخي الذي يعمل عن طريق الاقمار الصناعية، هي الهدية الأفضل التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة، قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش. وقال مسؤولون اسرائيليون انه تعويض عن عزوف الادارة الاميركية عن دعم استعدادات اسرائيل لهجوم محتمل على ايران.

واعتبر المسؤولون أن النظام الجديد سيعزز حماية سماء إسرائيل من الصواريخ، ولكن بالمقابل سيحد كثيرا من حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران وسورية. وستكون إسرائيل ملزمة بطلب موافقة أميركية على كل عملية ضد إيران وسورية، خشية تعريض حياة مشغلي الرادار للخطر، والذي سيكون، بطبيعة الحال، الهدف الأول للصواريخ المهاجمة.

وكانت اسرائيل طالبت بالارتباط بنظام الدرع الصاروخي قبل 10 سنوات، الا انها طلبها قوبل بالرفض، وتجددت الفكرة قبل عامين اثناء زيارة عضو الكونغرس الاميركي الجمهوري مارك كريك لاسرائيل، الذي تبادل مع الاسرائيلين المقترحات حول بناء نظام دفاع صاروخي لمواجهة الخطر الايراني. وخلال زيارة بوش لتل أبيب في احتفالات الستين لقيام دولة اسرائيل سعى المسؤولون الإسرائليون إلى تعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة. وطرحت في المشاورات التمهيدية ثلاثة اقتراحات: أن تصبو إسرائيل إلى عقد حلف دفاعي مع الولايات المتحدة، أو توقيع عدة اتفاقات عسكرية، أو العمل باقتراح كيرك على تعزيز أنظمة الدفاع من الصواريخ. وقرر باراك ورئيس الوزراء ايهود أولمرت الطلب من بوش أنظمة الإنذار المتطورة والتنازل عن نشر أنظمة الصواريخ الاعتراضية، وعوضا عن ذلك طالبوا بالارتباط بنظام الإنذار الأميركي.

وفي حديث لصحافيين ودبلوماسيين هذا الشهر، قلل عاموس جلعاد وهو من كبار مستشاري باراك، من مدى قدرة الولايات المتحدة على منع اسرائيل من اتخاذ تحركات من جانب واحد في مواجهة ايران. وقال «نحن دولة مستقلة.. يتعين ان نتخذ قراراتنا الخاصة». يأتي ذلك فيما رحبت فرنسا بـ«الاجماع في تبني» قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1835 الذي يطالب ايران بتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، الا انها اكدت تصميمها على العمل مع شركائها على التوصل الى عقوبات جديدة. ورحبت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان بـ«اعتماد مجلس الامن الدولي بالاجماع القرار 1835» الذي «يدعو ايران الى تنفيذ فوري لمطالب مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية». واضاف البيان ان «فرنسا تؤكد كذلك تصميمها على العمل مع شركائها على عقوبات جديدة، من اجل تشديد الضغط على ايران، اذا استمرت في تجاهل التزاماتها الدولية».

من ناحيته، دعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في نيويورك اول من أمس، إيران الى «الاحترام الكامل والدقيق» لالتزاماتها في القطاع النووي لتجنيب المنطقة «صراعات مدمرة». وقال الفيصل في نص وزع على الدول الـ192 الاعضاء في الجمعية العامة للامم المتحدة «اننا في الوقت الذي نؤيد فيه حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، نأخذ بكل جدية تعهدات ايران بالاحترام الكامل والدقيق لالتزاماتها بشأن منع انتشار اسلحة الدمار الشامل». واضاف «نأمل ان يظهر هذا الالتزام عمليا بما يكفل تحقيق نهاية سلمية وسريعة لمشكلة البرنامج النووي الايراني، على نحو يجنب المنطقة صراعات مدمرة وسباقات تسلح عبثية ومخاطر بيئية جدية».