رحيل عبد الكريم الخطيب مؤسس «العدالة والتنمية» المغربي

يعد أحد كبار رجال المقاومة ضد الاستعمار.. وكان أول رئيس للبرلمان

TT

يقترن اسم السياسي المغربي، عبد الكريم الخطيب، الذي غيبته المنية مساء أول من أمس بالرباط، عن عمر ناهز السابعة والثمانين، بالريادة في مجالين مهمين في الأقل، علمي وسياسي، فهو أول طبيب جراح في المغرب، إذ أحرز على هذا اللقب عام 1951، بعد تخرجه في جامعة الجزائر. وفي مجال السياسة، انتخب الخطيب عام 1963 أول رئيس لمجلس النواب، كانت المعارضة الممثلة في حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، حاضرة فيه بقوة، تعادل كفتها تقريبا كفة حزب الأغلبية «جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية» الذي أسسه بدعم من القصر، الراحل أحمد رضا كديرة، وهو يومئذ وزير للداخلية والفلاحة ومدير عام الديوان الملكي. وكانت فئة المستقلين أو المحايدين، القوة الفاصلة بين التكتلين المتصارعين، لكن هذه الأخيرة انحازت لصف الحكومة في اللحظة الفاصلة، عندما تقدمت المعارضة بملتمس سحب الثقة منها، فثار نقاش ساخن، على مدى أيام، في البرلمان، بثت الإذاعة المغربية وقائعه مباشرة، في سابقة فريدة بنوعها أدهشت المغاربة حينئذ، فالتصقوا بالمذياع صيف 1964، غير مصدقين لما يصل آذانهم عبر الأثير. وجد الخطيب، وهو رئيس المؤسسة التشريعية، نفسه في حرج بالغ، فهو متحالف بالضرورة أو الإغراء، مع الحزب الجديد الذي أسسه على عجل الوزير النافذ «كديرة» لكن رئاسته للمجلس، وهو الشخصية ذات الماضي الوطني المشرق، تفرض عليه الحياد ومعاملة المعارضة بإنصاف وبما يلزم من الاحترام لبعض قادتها الوطنيين الجالسين أمامه أمثال علال الفاسي وعبد الخالق الطريس وعبد اللطيف بن جلون. وذلك ما حاوله الخطيب، قدر المستطاع، في خضم جدل سياسي محتدم وصاخب، أخرجت فيه المعارضة والأغلبية على السواء، كافة أسلحتها، مما جعل النقاش ينزلق في كثير من الأحيان، ويهوى نحو التعرض للأمور الشخصية. وأمام ذلك الوضع، لم يكن للخطيب سلاح رادع، غير النقر بقوة على منصة الرئاسة، طالباً من النواب التزام الهدوء، والتقيد بأصول النقاش وعدم الخروج عن جادة الصواب. ومن بين الذين نالوا قدرا كبيرا من تنبيهاته، شقيقه الراحل عبد الرحمن، الذي كان يشغل آنئذ منصب وزير الداخلية في حكومة الراحل أحمد أباحنيني، حيث ثارت ثائرته بعد أن انتقده نواب من المعارضة كونه تخلى عن الدفاع، وهو محام، لدى المحاكم الفرنسية في الدار البيضاء، عن مقاومين مغاربة، تم اعتقالهم على خلفية الانتماء إلى الحركة المسلحة، بينما كال الخطيب الصغير، من جهته اتهامات مضادة لمنتقديه.