الأسواق والمحال التجارية بغزة تشهد كساداً مع تلاشي السيولة المالية والبطالة والفقر

تدني القوة الشرائية في القطاع عشية العيد بسبب الحصار

TT

كانت صدمة ماجد وأخيه أحمد وأخواتهما الثلاث كبيرة عندما عاد والدهما غسان من البنك بدون أن يحضر الحاجيات التي أوصوه بإحضارها بمناسبة قرب حلول عيد الفطر، وهو بدوره شرح لأولاده أنه لم يتمكن إلا من الحصول على نصف راتبه، وبالتالي لم يكن بإمكانه شراء ما أوصوه بشرائه.

وقال غسان الذي يعمل مدرساً إنه فوجئ عندما أبلغه المحاسب في البنك أنه سيسلمه نصف الراتب بسبب عدم وجود سيولة مالية تكفي لتسليمه الراتب كاملاً، حيث أن إسرائيل لم تف بتعهدها بالسماح بنقل عشرات الملايين من الشيكلات للبنوك العاملة في قطاع غزة للسماح لها بدفع رواتب عشرات الآلاف من الموظفين. وأضاف غسان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه تسلم مبلغ 1300 شيكل، وهو مبلغ بالكاد يسمح له تأمين حياة متطلبات أسرته الأساسية حتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأوضح أنه اضطر للاستدانة من أحد معارفه لتأمين شراء ملابس العيد لأولاده.

وأزمة السيولة المالية لا تعاني منها البنوك فقط، بل شركات الصرافة الخاصة. ففي صباح الخميس الماضي كان هناك من الأسباب ما يكفي لجعل صالح أبو سمحة، 42 عاما، العاطل عن العمل، منبسط الأسارير، عندما أبلغه أخوه الذي يعمل في إحدى دول الخليج أنه أرسل اليه عبر مؤسسة الـ«ويسترن يونيون»، المالية مبلغ 1000 دولار لمساعدة اسرته في قضاء أيام العيد. لكنه بعد أن تسلم المبلغ وتوجه إلى أقرب صراف، استحالت فرحته الى نكد وحزن عندما أبلغه الصراف أنه لا يملك سيولة بالشيكل، فطاف على عدد كبير من الصرافين حتى استطاع في النهاية تحويل 400 دولار الى شيكلات. واللافت أن المحال التجارية لا تقبل في الغالب الدولار، وإذا قبلته في التعامل مع الزبائن فإنها تقبله بأقل من قيمته بزعم أن هناك إمكانية أن يحدث المزيد من التآكل في قيمته، ويضطر الناس في أغلب الحالات مرغمين للقبول بذلك بسبب عدم وجود بدائل أخرى. وبسبب نقص السيولة المالية وسواها من آثار الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة وتحديداً ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، فإن الأسواق والمحال التجارية في قطاع غزة تشهد كساداً واضحاً. فرغم أن الشرطة أغلقت مقطع شارع عمر المختار الواقع بعد دوار فلسطين الرئيسي الذي توجد فيه معظم محلات بيع الملابس، ورغم الازدحام الكبير الذي يجعل المرء يسلك طريقه فيه بصعوبة، إلا أن القوة الشرائية متدنية. واشتاط أحد أصحاب محلات بيع الملابس غضباً عندما استعرض أحد الزبائن عددا كبيرا من قطع الملابس، لينصرف بعدها من دون أن يشتري شيئاً بحجة أن الأسعار مرتفعة. وقال محمد حسين، صاحب محل بيع ملابس لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار الملابس مرتفعة بالفعل لأن معظمها مهرب عبر الأنفاق، وبالتالي فإن التجار الذين يتعاملون مع أصحاب الأنفاق يحصلون على الأسعار التي يطلبونها. ومحلات الألبسة التي تحظى بإقبال كبير نسبياً هي تلك التي تعرض تنزيلات الملابس من الأعوام السابقة.