انتخابات النمسا: اليمين المتطرف يحرز أفضل نتائج.. وأسوأها للحزبين الحاكمين

شابات وشبان تحت الثامنة عشرة انتخبوا في سابقة أوروبية

TT

فوز ساحق حققه الحزبان النمساويان اليمينيان، كما تشير النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، التي جرت يوم امس، اذ تشير الأرقام الأولية الى ان الحزبين حصلا معا على ما يزيد عن 30% من نسبة الأصوات، محققين بذلك ارتفاعا واضحا في النسبة التي حصدها كل منهما بزيادة مقدرة عن نتيجة آخر انتخابات برلمانية بالنمسا قبل عامين .

وتشير النتائج الى أن حزب الحرية بقيادة هانز كرستيان اشتراخا، فاز بـ17,9% من الاصوات، بزيادة وقدرها 6,08% عما حققه في الانتخابات السابقة، بينما نال منافسه حزب الائتلاف من اجل مستقبل النمسا، بقيادة يورغ هايدر على نسبة 11,9% من الأصوات بزيادة وقدرها 7,8% عما حققه سابقا. ومعلوم أن هذين الحزبين، كانا حزبا واحدا متطرفا بقيادة هايدر، حتى انفصالهما عام 2005، ليصبح اشتراخا نسخة من هيدر في شبابه، بل اشد تطرفا، خاصة في القضايا المتعلقة بالمهاجرين الأجانب، وعلى وجه الخصوص المسلمين منهم، اذ كرر انه يعارض وجود مساجد بالنمسا، كما يعتبر من المعادين لسياسة الاتحاد الأوروبي وارتباط النمسا به  .

وقد حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي على أعلى نسبة من الأصوات بنسبة 28,6، مسجلا خسارة وقدرها 6,7% عن آخر نسبة حصل عليها في انتخابات عام 2006 فيما يعتبر خصمه وحليفه في الائتلاف حزب الشعب، الذي نال 25,1 بخسارة تقدر بـ9,2% اكثر الأحزاب التي منيت بالخسارة في هذه الانتخابات. ووفقا للمراقبين، فإن هذه اسوأ نتيجة في تاريخ الحزبين الكبيرين، اللذين توليا حكم النمسا طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .

وفيما خرج انصار الحزبين للاحتفال في شوارع فيينا وكبريات المدن انتظارا لظهور زعيميهما، قال مراقبون إن هذه النتائج لا تعني اتجاها نمساويا حادا نحو اليمين المتطرف، مشددين على ان هذه النتيجة تعكس بصورة اوضح، الاحباط الذي سببته مشاكل الحزبين الكبيرين والمماحكات، والشد والجذب بينهما، مما أدى لاقتصار عمر حكومتيهما لعامين، اذ تم اعلان وفاتها يوم 7 يوليو(تموز) الماضي من قبل وزير المالية وزعيم حزب الشعب ويلهام مولترر، ببيانه الشهير الذي بدأه بكلمة «كفاية» التي اصبحت شعارا للحزب طيلة الفترة الانتخابية، بمعنى كفاية للخلافات وضرورة بدء عهد جديد. وكان الحزب الاشتراكي، قد بدل من سياسته مفتتحا حملته الانتخابية بزعيم جديد، هو وزير المواصلات بيرنارد  فاينمان، الذي ركز على التغيير والحسم ومكافحة التضخم، بدلا عن زعيمه الأسبق الفرد غوزنباور، الذي اضطر للتنحي عن زعامة الحزب، وان احتفظوا به كمستشار للبلاد حتى ظهور نتائج هذه الانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة .

من جانبهم أكد بعض الاشتراكيين تمسكهم بما أعلنه الحزب من قبل، انه لن يتحالف مع حزب الحرية اليميني في حالة فوز الأخير حتى ولو أدى ذلك لخروجهم الى مقاعد المعارضة، ما يعني أن الأيام المقبلة ستشهد مفاوضات مطولة. وأمسى النمساويون وهم يتساءلون: هل سيتجرأ حزب الشعب المحافظ على الاقدام على تشكيل حكومة ائتلافية مع الاحزاب اليمينية، ليستمر في الحكم حتى ولو جر ذلك الائتلاف النمسا لمشاكل، كالتي شهدها صعود اليمين في انتخابات عام 1999، عندما تعرضت النمسا لمقاطعة بسبب حكومة اشترك فيها اليمين المتشدد. ومما يزيد من الخوف من هذا السيناريو، ان الشارع النمساوي يعارض عودة الائتلاف بين الاشتراكيين وحزب الشعب.

وشارك في الانتخابات 6,3 مليون نمساوي منهم حوالي 200 ألف شاب وشابة، تتراوح اعمارهم ما بين 16 و17 عاما، في اول سابقة اوروبية من نوعها تخفض عمر الناخبين الى اقل من 18 عاما. وتوجهوا منذ السابعة صباح أمس وحتى الخامسة الى 13 الف مركز اقتراع، توزعت في جميع انحاء البلاد للادلاء بأصواتهم، وسط حماس واضح من قبل المقترعين الجدد.

الجدير بالذكر أن البرلمان النمساوي، يضم 183 مقعدا لدورة تم تعديلها هذه المرة، لتصبح خمس سنوات، بدلا عن اربع. ويتوقع ان يكتمل ظهور النتيجة واعلانها بصورة رسمية وكاملة في العاشر من اكتوبر (تشرين الأول) المقبل.