تقريع متبادل بين أوباما وماكين حول «الطبقة الوسطى» و«الخبرة» وتقدم المرشح الديمقراطي في استطلاعات الرأي

معركة حساب الربح والخسارة بين المعسكرين بعد معركة المناظرة

TT

ركز المرشح الديمقراطي، باراك اوباما، على ما اعتبره «تجاهلاً تاماً للطبقة الوسطى» من قبل المرشح الجمهوري، جون ماكين، في اول مناظرة تلفزيونية جرت بينهما، وذلك لاستمالة الطبقة العاملة البيضاء، في حين حاول ماكين تسفيه الآراء التي ادلى بها اوباما حول السياسية الخارجية والأزمة الاقتصادية، على اعتبار أن منافسه يفتقر الى الخبرة. ووجه اوباما الليلة قبل الماضية انتقادات قوية الى ماكين خلال تجمع انتخابي في ولاية فرجينيا المجاورة لواشنطن، وهي من الولايات التي تعرف باسم «الولايات الحمراء» أي تلك التي تصوت عادة مع الجمهوريين، ويراهن اوبما الفوز هذه المرة في هذه الولاية. الى ذلك، أفاد استطلاع اجرته شبكة «سي بي إس» الاميركية ان 39 في المائة من المشاهدين يرون ان الديمقراطي اوباما فاز في المناظرة التلفزيونية الاولى، في حين قال 24 في المائة إن الجمهوري ماكين هو الذي فاز، وقال 37 في المائة إن النتيجة شبه متعادلة. وفي غضون ذلك، وجه اوباما رسالة الى الناخبين يعقب فيها على المناظرة، قال فيها إنه يريد تخفيض الضرائب لصالح الفئات المتوسطة وتأمين تغطية صحية للجميع ويعمل من اجل اقتصاد حيوي يؤدي الى خلق وظائف لملايين الاميركيين، في حين ان ماكين يريد تخفيض الضرائب على الشركات الكبرى، ولن يقدم شيئاً بالنسبة للحياة اليومية للاميركييين. وجدد اوباما في رسالته التي ارسلها عبر البريد الالكتروني وعده بإنهاء الحرب في العراق والعمل على هزيمة تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان في افغانستان، مشيراً الى ان ماكين يريد التزامات تجاه العراق بلا نهاية. وعبر أوباما عن اعتقاده بان ماكين لم يقدم خلال المناظرة التلفزيونية للناخبين الاميركيين شيئاً «سوى السياسيات الفاشلة التي اتبعها الرئيس جورج بوش داخلياً وخارجياً» على حد قوله. وفي سياق ردود الفعل على المناظرة التلفزيونية، أفادت آخر استطلاعات في سؤال للمشاركين حول من كان اداؤه أفضل بين المرشحين، أن اوباما حصل على نسبة 51 في المائة وماكين على 38 في المائة. وبشأن مَنْ سيكون افضل لادارة الامور في العراق، قال 52 في المائة إن اوباما سيكون هو الأفضل، وعبر47 في المائة من المشاركين عن اعتقادهم أن ماكين سيكون هو الافضل. وفي المجال الاقتصادي، قال 58 في المائة إن اوباما سيدير الوضع بكيفية أفضل، في حين قال 37 في المائة إن ماكين سيكون هو الأحسن. واستغلت الحملتان ما جرى خلال المناظرة التلفزيونية في بث اعلانات دعائية. وفي هذا الصدد بثت حملة اوباما لقطات إعلانية تنتقد ماكين لانه لم يستعمل قط في مداخلاته اثناء المناظرة تعبير «طبقة وسطى». وفي سياق متصل، قال دافيد بلوف مدير حملة اوباما إن محاولة ماكين اثناء المناظرة التركيز على «عدم خبرة» المرشح الديمقراطي تعد نوعاً من عدم النضج. وقال ماكين بدوره بعد المناظرة «كان من الواضح ان السيناتور اوباما لا يزال يعتقد ان الأزمة المالية في اميركا مشكلة وطنية يجب ان تستغل اولاً ثم تحل في وقت لاحق». من جانبها، بثت حملة ماكين لقطات اعلانية تركز على ان اوباما صوت عام 2007 على عدم تمويل القوات الاميركية في العراق وافغانستان، واستغل الاعلان تصريحاً كان قد أدلى به جو بايدن المرشح معه لمنصب نائب الرئيس يقول فيه إن اوباما كان يريد بتصويته السعي الى كسب سياسي. يُشار الى ان بايدن سيشارك في مناظرة واحدة مع سارة بالين المرشحة لمنصب نائب الرئيس مع ماكين، ستكون يوم الخميس المقبل في جامعة واشنطن في ولاية ميسوري. على صعيد آخر، أكدت مصادر الحملتين أن المرشحين سيشاركان في المناظرة الثانية التي ستجري في السابع من اكتوبر (تشرين الأول) المقبل في جامعة بلماونت في ولاية تينيسي، في حين ستجري المناظرة الثالثة في 15 اكتوبر بجامعة هوفسترا في نيويورك. وسوف تواجه الحملات الرئاسية مهمة صعبة بقدر أهمية المناظرة بين أوباما وماكين وهي محاولة التأثير على الرأي العام حول الفائز في المناظرة التي لم تسفر بشكل واضح عن رابح أو خاسر.

يعتبر هذا النشاط من جانب كلتا الحملتين جزءاً من معركة نشطة لتشكيل الرأي العام في ختام الأسبوع الحاسم لسباق بالغ الصعوبة يحبس الأنفاس. هو ما عكس اعتقادًا عامًا بسياسات الانتخابات الرئاسية: بأن الكثير من المشاهدين يبنون حكمهم، ليس بالضرورة، على المناظرة بين المتنافسين بل على ما يقرأونه في الأيام اللاحقة. وحتى عندما حاولا صياغة الرأي العام في الليلة السابقة كانت الحملتان تباشران ضروبا متشابهة من العلاقات العامة استعدادًا للمناظرتين القادمتين. وفي محادثة هاتفية صباح السبت قال ديفيد بلوف مدير حملة أوباما الانتخابية لمراسلي الصحف، إن بالين مناظِرة موهوبة. وقال بلوف «إنه سيكون سعيدًا جدًا إذا مرت تلك المناظرة بسلام دون خسائر». وفي تلك الأثناء، قام منظمو حملة ماكين بإرسال العديد من رسائل البريد الإلكتروني تهاجم بايدن وتشير إلى الخلاف بين بايدن وأوباما حول قانون تمويل الحرب خلال المعركة الديمقراطية الأولية. وأما بالنسبة لانتقاد ماكين بأنه لم يأت على ذكر الطبقة الوسطى في المناظرة، رد مساعدو ماكين عليهم بأن أوباما لم يأت على ذكر كلمة النصر عندما تحدث عن الحرب في العراق. والموقف بالنسبة لكلتا الحملتين هو الدفع بكل ثقلهما لمحاولة إقناع وسائل الإعلام والرأي العام بأن مرشحهم هو الذي انتصر أو الأكثر من ذلك هو أن المناظرة ألقت الضوء على بعض أوجه القصور في شخصية المرشح المنافس، وهو ما يعني محاولة تصيد الأخطاء القاتلة لمنافسيهم، والمثال على ذلك استشهاد آل غور في المناظرة التي أجريت عام 2000 بقيام الرئيس جورج بوش بالنظر في ساعته خلال المناظرة مع بيل كلينتون عام 1992. وبناء على ذلك، ركز ماكين على الإشارة التي صرح بها أوباما إلى أنه تلقى سواراً من إحدى أمهات الجنود الذين قتلوا في العراق، وقال ماكين: إنه تحدث عن سوار قدم إليه، و«حظيت بواحد أنا الآخر». وبدا أوباما أنه سيتوقف للحظات عند ذكر اسم الجندي ريان ديفيد جوبك، واعتبر مساعدو ماكين تلك زلة كبيرة بالنسبة لأوباما. وحاول مساعدو أوباما التركيز على هجوم ماكين وتصرفاته الحادة والتي تتكرر كثيرًا، تصويره على أنه شخص غاضب وحاد الطباع. فقالوا إنه لم يبد أي نوع من اللباقة، إذ لم ينظر إلى أوباما، وهو ما فسروه على أنه أمر غير دال على الاحترام أو أنه يتعالى على منافسه. وعلى الرغم من أن تلك الانتقادات، تبدو للوهلة الأولى تافهة، إلا أنها من بين الأمور ـ كتلك التي استشهد بها آل غور ـ التي يمكن أن تؤثر على الرأي العام كما يمكنها أن تترك المرشح في موقف حرج حتى موعد المناظرة القادمة. لكن الشعور العام هو أن المناظرة لم تغير من طبيعة الإحصاءات لإجمالي الحملات. وذهب أحد المعلقين في قناة «فوكس نيوز» إلى حد الشطط عندما أخبر مايك هاكبي حاكم أركنساس السابق، والذي حصد الكثير من النقاط لآرائه التي كان يدلي بها في المناظرات الأولية للحزب الجمهوري «كان من الممكن أن يطلبوا خدماتك في المناظرة أمس». وظهرت الحملتان الانتخابيتان صباح السبت وكل منهما تقدم أدلة على نجاحها، ومن تلك الأدلة، الإعلانات المتنافسة من كلا الجانبين بتحقيق النصر على أساس ما ورد في العديد من مقالات المعلقين والافتتاحيات في مختلف الصحف. وفي كلتا الحملتين، تضمن جهد صياغة الرأي العام عدم التركيز على مدى الأداء خلال المناظرة فقط، ولكن أيضًا محاولة تقديم ما دار خلال المناظرة. وبدأت الحرب المتعلقة بتشكيل وصياغة الحوار قبل حدوث المناظرة مبكرًا للغاية، حيث ظهر أنها بدأت فعليًا حتى قبل بداية المناظرة نفسها. فقد أعلنت حملة ماكين انتصارها فعليًا في تمام الساعة العاشرة من صباح الجمعة، أي قبل ساعات من بداية المناظرة نفسها، بل وقبل أن يوافق هو رسميًا على المشاركة فيها. وفيما وصفه المساعدون بأنه نوع من الخلط، ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» إعلانًا على موقعها الإلكتروني قبل 12 ساعة من بدء المناظرة تظهر ماكين ينظر بتباهٍ إلى الأفق، ويقول الإعلان «ماكين يفوز بالمناظرة!» اقرأ النص. ويشير مساعدو كلا المرشحين إلى أنه لا يزال أمامهما الكثير للقيام به للتأثير على الرأي العام. ويوضح دان فايفر المدير الإعلامي لأوباما: «في النهاية، دائمًا ما تكون هناك إمكانية للرجوع إلى الحقيقة».