تضارب بين الإسلاميين حول تنظيمات الشام الأصولية.. وغموض حول أهدافها

البيانوني لـ «الشرق الأوسط»: «غرباء الشام» صنيعة استخباراتية.. ومسؤولها أبو القعقاع قتل قبل 10 أشهر في ظروف غامضة بحلب

TT

تضاربت أقوال الإسلاميين حول تنظيمي «غرباء الشام» و«جند الشام» اللذين لمحت مصادر سورية الى مسؤولية أحدهما عن انفجار السيارة الملغومة في دمشق يوم السبت الماضي وذلك بعدما قالت السلطات السورية إن «الإرهابي منفذ العملية على علاقة بتنظيم تكفيري.. جرى توقيف بعض أفراده سابقا» دون المزيد من التفاصيل، وأشارت المصادر السورية الى ان المقصود قد يكون تنظيما «غرباء الشام» أو «جند الشام» اذ ان كلاهما ينشط في سورية. وقال علي صدر الدين البيانوني (ابو انس) المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية ان تلك التنظيمات الاصولية من صنع النظام السوري نفسه، موضحا في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» ان «السلطات السورية استخدمت هذه التنظيمات الاصولية لضرب الدول المجاورة من قبل، وربما خرجت هذه التنظيمات عن السيطرة وانقلبت على النظام، او ان هناك صراعا بين اجهزة الاستخبارات مما ادى الى هذا الفلتان الامني، وقد شاهدنا ذلك في اغتيال عماد مغنية المسؤول العسكري لحزب الله الذي اغتيل في حادث تفجير سيارة بالعاصمة دمشق في حي كفرسوسة يوم الثاني عشر من فبراير 2008، ثم اغتيال العميد محمد سليمان في اغسطس الماضي في منتجع ساحلي بالقرب من ميناء طرطوس». وتابع البيانوني: «التعتيم السوري المفروض، وعدم الشفافية يفسح المجال لشائعات عدة واحتمالات عدة ويخلق مناخا من التطرف». وأكد البيانوني انه لا توجد معلومة محددة يمكن الاستناد اليها لتفسير تلك الحوداث. وأضاف: «عقب كل حادثة اغتيال او تفجير يعلن النظام انه سيكشف خلال ايام التفاصيل، ولكن المسائل تدخل في طي الكتمان وتموت بعد ذلك كما في قضية اغتيال مغنية في قلب العاصمة السورية». وأشار البيانوني الى احتقان عام بسبب التمدد الشيعي في سورية، وصراعات بين الاجهزة الامنية . وتابع: «إنَّ الجو السائد في سورية يؤدي إلى مناخٍ موات لنشوء التطرف»، معتبرا أن أحداث سجن صيدنايا، الذي شهد في يوليو تمردا لسجناءٍ إسلاميين تمَّ قمعه بالقوة، مثال على ذلك. وحول علاقة تنظيم «غرباء الشام» بمحمود قول اغاسي، المعروف باسم «ابو القعقاع»، قال البيانوني ان: «ابو القعقاع ضابط استخبارات سوري ارسل العشرات من الاصوليين الى العراق، وفي الوقت ذاته كان يرسل اسماءهم الى المخابرات السورية، ومن يعود منهم ثانية عبر الحدود كان يسلمه الى المخابرات السورية». وقال البيانوني إن ابو القعقاع الذي كوفئ بادارة الثانوية الشرعية في مدينة حلب قتل قبل عشرة شهور في ظروف غامضة. وأعرب البيانوني عن اعتقاده أن اشرطة ابي القعقاع كانت توزع وتباع في الشوارع السورية، وتكشف هذه الاشرطة عن تدريبات لاسلاميين في الجبال، موضحا ان ذلك ما هو الا دليل «على ان النظام السوري كان يسمح له بذلك الى ان غضب على ابو القعقاع، فقتل في ظروف غامضة قبل 10 شهور».

الى ذلك، قال الشيخ بلال دقماق امين سر وقف «اقرأ» الخيري في طرابلس بشمال لبنان وهو من التيار السلفي في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» من لندن ان تنظيم «جند الشام» في مخيم «عين الحلوة» الفلسطيني منفصل عن تنظيم «عصبة الانصار»، وهو تنظيم اصولي اخر ظهر في لبنان قبل فترة، موضحا ان تنظيم جند الشام قليل العدد والعدة وليس لهم أي وجود سوى داخل مخيم عين الحلوة. واعرب دقماق عن اعتقاده ان ما حدث هو تصفية حسابات مع النظام السوري سواء من الاسلاميين او المعارضة السورية في الخارج او اسرائيل نفسها. ويبقى تنظيم «جند الشام» أحد ألغاز الخريطة السياسية والأصولية اللبنانية، فالعدد المعروف لعناصر التنظيم محدود للغاية، ويتراوح بين 40 إلى 80 عنصرا، يتمركزون في منطقة «التعمير» المحاذية لمخيم عين الحلوة، والتي يسكنها خليط لبناني ـ فلسطيني بحسب دقماق. ويعتبر البعض أن الجماعة جزء من مجموعات «جند الشام»، التي قام الاصولي الاردني أبو مصعب الزرقاوي بتدريبها في هرات الأفغانية، فيما يصر آخرون على أن الجماعة المتواجدة في لبنان تضم مطلوبين فروا إلى المخيم بعد مواجهات منطقة «الضنية» بداية عام 2000 بين الجيش اللبناني وبعض المتشددين.

وشدد أصوليون في لندن على أن اسم تنظيم «جند الشام» ارتبط بظهور أبو مصعب الزرقاوي عام 1999، حينما انطلق إلى أفغانستان مع أسرته ومجموعة من أتباعه، ليقيم معسكراً تدريبياً في هرات، غرب البلاد، على أطراف الحدود مع إيران. وكان عرفاً، وسط المجموعة الملتحقة بمعسكر هرات، أن يطلقوا على تجمعهم اسم «جند الشام» لقدومهم من بلدان الشام الأربعة (فلسطين، لبنان، سورية، الأردن). ولأن مشروعهم كان ينوي استهداف الإقليم الشامي أيضاً. من جهته، قال الاسلامي اللبناني عمر بكري في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» في طرابلس حيث يقيم بعد خروجه من بريطانيا عقب هجمات لندن 2005 أن ابي مصعب السوري قيادي «القاعدة» المعتقل لدى الاميركيين هو أول من أسس تنظيم «الغرباء»، وكانت له مجلة ورسالة تصدران من بيشاور وافغانستان اسمها «الغرباء». وقال بكري ان ما حدث من تفجير في العاصمة دمشق لا يمكن نسبته الى تنظيمات اصولية ما لم تخرج تلك التنظيمات ببيان اعلان مسؤولية على المواقع القريبة من القاعدة، موضحا ان البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السورية هو بيان مشبوه لا يمت للاسلاميين. وأوضح بكري: «ان الواضح ان سورية بالحديث عن سيارة دخلت الأراضي السورية من دولةٍ عربية مجاورة يوم 26 سبتمبر، هو انها تنوي ضرب التيار السلفي في طرابلس، وهي منذ فترة حشدت قواتها على الحدود في الشمال».