البرادعي: نقص التمويل يهدد عمليات وكالة الطاقة الذرية.. وستكون مأساة إذا فشلنا

دعا إيران إلى تطبيق كل إجراءات الشفافية لتأكيد الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي

TT

حث محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدول الاعضاء في الوكالة وعددها 145 دولة امس على حل أزمة تمويل الوكالة والتي تقوض من قدرتها على وقف أخطار الانتشار النووي. ودعا البرادعي في افتتاح الجمعية السنوية للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى اتخاذ خطوات عاجلة لزيادة تمويل الوكالة التابعة للامم المتحدة وتحديث معداتها وسلطتها القانونية للتحقق من طبيعة البرامج النووية في الدول المشتبه بها.

وقال «وصلنا بالفعل الى نقطة تحول. أدت سنوات من ميزانيات انعدم فيها النمو الى أن أصبحت بنيتنا التحتية معيبة والى اعتمادنا بشكل مقلق على دعم تطوعي له ظروف خاصة به». وأضاف أمام المؤتمر العام للوكالة الذي عقد في مقرها بفيينا «لا يتعلق الامر بالمال فحسب. اننا لا نعمل في فراغ سياسي. يحتاج الالتزام السياسي بأهداف الوكالة الى التجديد على أعلى مستوى.. ستكون مأساة ذات أبعاد واسعة النطاق اذا فشلنا في العمل بسبب نقص الموارد حتى يقع انفجار نووي أو حادث أو هجوم ارهابي كان من الممكن منعه». ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجه الوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقيقات في مزاعم وجود أنشطة نووية سرية في ايران وسورية تشتبه الولايات المتحدة وبعض حلفائها في أنها تهدف الى تصنيع قنابل ذرية. لكن المعدات قديمة الطراز خاصة في معامل الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطيل من الوقت الذي تحتاجه الوكالة لتقييم والتحقق من المعلومات ومن بينها عينات تختبر للتحقق من وجود نشاطات نووية غير معلن عنها.

وتفتقر الوكالة وهي الراعية لاتفاقية حظر الانتشار النووي الى السلطة لمطالبة الدول التي تخضع للتحقيق بالتعاون الكامل والسماح للمفتشين بالذهاب الى أماكن أخرى غير المواقع النووية المعلنة. وقال البرادعي في وقت سابق من الشهر الحالي ان تحقيق الوكالة في شأن ايران طال لمدة ست سنوات وتعثر بسبب اكتفاء طهران باصدار بيانات تنفي مزاعم وجود أبحاث سرية لتصنيع أسلحة نووية وعدم دعم ذلك بالادلة.

وأشار الى وجود «فجوة حقيقية» بين ما تتوقعه الدول الاعضاء من الوكالة وما تملكه الوكالة من وسائل مادية تأتي في الغالب من الدول الغربية الغنية، وقال «من الواضح أن قدرتنا على القيام بعملنا أصبحت معرضة لخطر جدي، اذا ما استمر العمل على النحو المعتاد ستقوض فعالية الوكالة وقيمة الخدمات التي تقدمها بشكل تدريجي». وحث البرادعي الدول الاعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قبول اقتراح تقدمت به لجنة مستقلة بتخصيص 80 مليون يورو (117 مليون دولار) لتحديث معامل الوكالة وقدرات الرد الطارئ لديها ومضاعفة الميزانية بشكل تدريجي بحلول عام 2020. ويبلغ حجم ميزانية الوكالة في الوقت الحالي نحو 340 مليون يورو سنويا وهو المبلغ الذي وصفه البرادعي بأنه قليل بالنسبة لوكالة رئيسية تابعة للامم المتحدة.

وصادقت الولايات المتحدة أكبر المساهمين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في كلمتها التي تلت البرادعي على دعوة اللجنة لاتخاذ اجراءات لدعم الوكالة، وأصرت على ضرورة الحفاظ على نظام اتفاقية حظر الانتشار النووي لكنها لم تتطرق الى قضايا التمويل.

ويخصص الاجتماع السنوي الذي يستمر أسبوعا الى سبل تحسين منع الانتشار والحصول على الطاقة النووية لاغراض التنمية، لكنه سيشمل أيضا نزاعات مسيسة بين الدول التي تملك الطاقة النووية وتلك التي لا تملكها ولن يختلف الحال هذا العام. وظهر خلاف دبلوماسي اخر في الافق بين دول اسلامية واسرائيل بسبب سعي الاولى لاستصدار قرارات تطالب اسرائيل باخضاع برنامجها الذري الى سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف العمل في ترسانتها النووية غير المعلن عنها، وذلك لاخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية الفتاكة.

كما يلوح جدل اخر بسبب معارضة الغرب لمحاولة سورية يدعمها العرب للحصول على مقعد في مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة على الرغم من أن الوكالة تحقق حاليا في وجود نشاطات نووية سرية في سورية. من جهة أخرى وحول إيران، جدد البرادعي دعوته الى ان تقوم طهران «بتطبيق كل اجراءات الشفافية» التي تسمح بتأكيد «الطبيعة السلمية البحتة لبرنامجها النووي». وتأتي هذه التصريحات بعد اسبوع من كشف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان بيونغ يانغ التي انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار النووي في عام 2003، امرت بطرد مفتشي الوكالة وازالة الاختام عن موقع يونغبيون النووي، واعلنت نيتها ادخال معدات نووية اليه هذا الاسبوع.

وعلى خط مواز، تبقى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة، بعد اكثر من خمسة اعوام من التحقيق، عن تحديد الطبيعة الحقيقية للبرنامج النووي الايراني على الرغم من العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على طهران لرفضها تجميد انشطة تخصيب اليورانيوم.

من ناحيتها، أعلنت ايران امس أنها لن توقف نشاطها النووي الحساس، كما طالب مجلس الامن الدولي في أحدث قرار له بشأن البرنامج النووي الايراني الذي يعتقد الغرب أنه يهدف الى صنع رؤوس حربية.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حسن قشقاوي في مؤتمر صحافي أن ايران لن تقبل المطلب الرئيسي، وتابع «التخصيب هو حقنا الصريح. المطالبة بأن توقف ايران أنشطتها لتخصيب اليورانيوم تتجاوز حقهم الشرعي وسنواصل مسارنا الطبيعي». من ناحيتها، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس امس في نيويورك ان الدول الست الكبرى المعنية بالمفاوضات حول البرنامج النووي الايراني ستواصل اتخاذ اجراءات بحق ايران. وردا على سؤال حول اصدار مجلس الامن الدولي السبت قرارا جديدا اكد ضرورة التزام ايران تعهداتها من دون ان ينص على فرض عقوبات جديدة، قالت رايس «سنواصل» العمل، واعتبرت في مستهل لقاء مع نظيرها الكازاخستاني مراد تاجين في احد فنادق نيويورك ان صدور هذا القرار يشكل «تقدما ايجابيا جدا». واضافت رايس «ما نسعى اليه هو قرار يؤكد وحدة الدول الست ويفهم الايرانيين ان هذه الوحدة قوية جدا»، وتابعت «سيتولى المديرون السياسيون الان مناقشة الملف».