مصدر رفيع: فرنسا ما زالت مصرة على فرض عقوبات جديدة على طهران

باريس تربط دخول مجلس حكام وكالة الطاقة الذرية باحترام التزامات منع الانتشار النووي

TT

يطرح ترشح إيران وسورية الى منصب في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي بدات أعمال مؤتمرها العام في فيينا أمس مشكلة على الدول الغربية بسبب المشاكل القائمة بين الوكالة من جهة وبين كل من الدولتين من جهة أخرى. والسؤال المطروح على مجلس الحكام هو: هل من الممكن أن يتم اختيار إيران التي ترفض الانصياع لطلب الوكالة وقف نشاطاتها النووية الحساسة أو سورية التي تتهمها الولايات المتحدة الأميركية بتطوير برنامج نووي سري وعدم التعاون مع طلبات الوكالة لتسهيل زيارة منشآت سورية «مشبوهة» إضافية غير موقع الكبر، في مجلس حكام الوكالة بدلا من باكستان التي تنتهي ولايتها هذا العام؟

المعلومات المتوافرة في باريس من مصادر رسمية تفيد بأن التوجه العام لدى الدول الغربية هو قطع الطريق على البلدين والبحث عن ترشيحات أخرى تكون أكثر قبولا وبعيدة عن النزاعات مع الوكالة. وأمس قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية إن بلاده «في غياب إجماع المجموعة الجغرافية (التي تنتمي اليها سورية وإيران) فإنها ستدرس كل الترشيحات مع الأخذ بعين الاعتبار ميزة كل ترشيح بما فيها الاحترام الكامل لالتزاماتها الدولية في مجال منع انتشار السلاح النووي».

وتسعى إيران وسورية الى الحلول محل باكستان عن مجموعة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وهو المنصب الذي شغلته باكستان لعام واحد. وسبق لسورية أن كانت عضوا في مجلس الحكام الذي يتشكل من 35 عضوا في العام 2006 أي قبل أن تثار مشكلتها النووية مع الوكالة الدولية بعد أن قام الطيران الإسرائيلي بقصف موقع الكبر في سبتمبر (ايلول) من العام الماضي.

وتقول فرنسا إن أفغانستان قدمت ترشيحها كذلك فيما تفيد معلومات غير مؤكدة بأن كازخستان ستترشح، ما سيوسع باب الاختيارات وربما يوجد مخرجا للأزمة الجديدة الناشئة. وحتى الآن، كانت كل مجموعة تختار ممثليها بنفسها وتوافق الهيئة العامة على الاختيار. غير أنه في حال فقد الإجماع أو التوافق فإن الحسم يمر عبر تصويت الهيئة العامة بالاقتراع السري. وتقول مصادر دبلوماسية في باريس إنه رغم أن دول العالم النامي تشكل الأكثرية داخل الهيئة العامة، إلا أن الدول الغربية والولايات المتحدة قادرة على التأثير بحيث أن معارضتها لوصول إيران أو سورية الى مجلس الحكام ستقضي على أي أمل لهما لتحقيق هذا الهدف. ومن المتوقع أن تعمد هذه الدول الى استدراج ترشيحات جديدة تكون أكثر قبولا لإغلاق باب مجلس الحكام أمام طهران ودمشق.

وترى مصادر فرنسية أنه «من غير المقبول» أن تصل دولة كإيران الى مجلس الحكام. أما وضع سورية فإنه مختلف بعد الانفتاح الفرنسي على دمشق وهو ما تمثل في الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس نيكولا ساركوزي الى دمشق بداية هذا الشهر. وتدعو باريس السلطات السورية الى «التعاون الكامل» مع الوكالة الدولية والاستجابة لطلباتها والكشف عن كامل نشاطاتها النووية.

وكان مصدر في الوكالة الدولية قد أعلن أن طلبا قدم للسلطات السورية لزيارة «ثلاث أو اربع» منشآت إضافية ولكن دمشق لم ترد بعد. وأعلن مدير العام للوكالة محمد البرادعي الأسبوع الماضي أن مقتل ضابط ارتباط سوري قد «أعاق التحقيقات» في إشارة الى الجنرال محمد سليمان الذي قضى في عملية قتل غامضة في شهر أغسطس (اب) الماضي على الشاطئ السوري. وبحسب المصادر المشار اليها فإن الحل في ايدي دول المجموعة التي تستطيع تفادي المواجهة عن اقتراح بلد مرشح غير إيران أو سورية. ولذا فإن «المعركة» ستخاض أولا على مستوى دول المجموعة.

على صعيد آخر، جددت باريس أمس تأكيد عزمها «العمل مع شركائها من أجل فرض عقوبات جديدة لتشديد الضغوط على إيران في حال استمرت في تجاهل التزاماتها الدولية» مذكرة بـ«المقاربة المزدوجة» القائمة على الدعوة الى الحوار والتشدد في العقوبات. ولم يعرف ما إذا كانت باريس تلمح الى عقوبات خارج مجلس الأمن كالاتحاد الأوروبي مثلا. ويأتي التذكير الفرنسي بعد أن فشلت الدول الست في الاتفاق في ما بينها على فرض سلة عقوبات جديدة على طهران بسبب معارضة روسيا وتردد ألمانيا ما حفزها الى استصدار قرار جديد في مجلس الأمن يحمل الرقم 1835 لكنه خال من أية عقوبات جديدة. وترى مصادر رسمية في باريس أن الملف الإيراني سيرحل لما بعد الانتخابات الأميركية حيث أن التقرير المقبل لمدير الوكالة الدولية للطاقة لن يصدر قبل نهاية العام الجاري أي بعد ان تعرف هوية الرئيس الأميركي الجديد. وكانت إيران قد أعلنت أمس أنها لن تتجاوب مع قرار مجلس الأمن ولن توقف نشاطات تخصيب اليورانيوم وهو ما تطلبه منها ايضا الوكالة الدولية.