إسلام آباد: مقتل العشرات من المقاتلين العرب في القصف الأميركي على الشريط الحدودي

باجور منطقة جذب للأصوليين من وسط آسيا وأفغانستان

TT

صرح مسؤول رفيع بالجيش الباكستاني أن عددًا كبيرًا من المقاتلين العرب قتلوا، منذ بدايات هذا العام، خلال القصف الصاروخي المتكرر الذي قامت به طائرات تجسس أميركية لمناطق القبائل الباكستانية. وقال المسؤول الكبير في حديثه لمراسلي وسائل الإعلام امس إن المقاتلين العرب كانوا يقتلون في كل هجمة من الهجمات. وأضاف المسؤول الباكستاني، خلال حديثه عن التفاصيل العملية عن العمليات العسكرية المستمرة في المناطق القبلية، منذ بداية الهجمات الصاروخية التي شنتها القوات الأميركية على المناطق القبلية الباكستانية، التي يزعم أنها معاقل للمقاتلين، ظهرت العديد من الدلائل على وجود عدد كبير من المقاتلين الأجانب في الأراضي الباكستانية. وأكد المسؤول العسكري أنه منذ بداية الهجمات في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي قتل أكثر من 581 مقاتلاً أجنبيًا فقال «ألقينا القبض على أكثر من 330 مقاتلاً أجنبيًا من المناطق القبلية خلال العمليات».

لكن المسؤول الباكستاني لم يوضح جنسيات هؤلاء المقاتلين الأجانب حيث استخدم مصطلحًا عامًا هو «مقاتلون أجانب»، إلا أن مسؤولاً عسكريًا آخر كان يحضر اللقاء قال لـ«الشرق الأوسط» إن المقاتلين الأجانب كانوا من جنسيات مختلفة، منهم عرب وأوزبك وأفغان وجنسيات أخرى من آسيا الوسطى». وأوضح المسؤول أن العمليات العسكرية في منطقة باجور القبلية تعد الداعم الأكبر في نجاح الحكومة في إعادة الأمن إلى المناطق المضطربة في باكستان، فقال «اعتقد أن كل الأمور متعلقة بباجور، فإذا نجحنا في باجور سيكون لذلك تأثير إيجابي على جهودنا في مناطق الحزام القبلية الأخرى». وأوضح المسؤول العسكري أن باجور أصبحت عامل جذب للمقاتلين من كافة أرجاء باكستان وأفغانستان فقال: «يعد وادي ماموند في باجور أحد أهم المناطق في الحرب على الإرهاب، فالكثير من رجال القبائل زوجوا بناتهم لمقاتلين عرب منذ مدة طويلة». واضاف المسؤول العسكري ان منطقة باجور القبلية باتت منطقة جذب للأصوليين من وسط اسيا وكذلك من داخل افغانستان، الجميع يأتي الى هذه المنطقة». من جهة اخرى في خار (باكستان) اعلن مسؤولون في الاجهزة الامنية الباكستانية امس ان الجيش قتل تسعة مقاتلين اسلاميين في المنطقة القبلية شمال غربي باكستان القريبة من الحدود الافغانية حيث يشن هجوما واسع النطاق. واندلعت معارك مساء الاحد قرب خار كبرى مدن منطقة باجور عندما هاجم حوالي خمسين متمردا مركزا عسكريا. وقال المصدر ان خمسة مهاجمين قتلوا. ووقع هجوم مماثل على نقطة عسكرية اخرى في تانغ خاتا ايضا في باجور. ورد الجيش على الهجوم فقتل ما لا يقل عن اربعة متمردين. وتشن القوات الباكستانية منذ اسابيع هجوما كبيرا في اطار مطاردة مقاتلي طالبان و«القاعدة» في باجور. وهذا الهجوم الذي بدأ قبل شهرين اوقع بحسب الجيش اكثر من الف قتيل بين المتمردين الإسلاميين. وتعد باجور قاعدة خلفية لطالبان التي تقاتل القوات الدولية في افغانستان ومعقلا لمقاتلي «القاعدة» المدعومين من قبائل، او متمردين تابعين لحركة طالبان الباكستانية.

وشنت القوات الحكومية هجوما في منطقة باجور على الحدود الافغانية في اغسطس (آب) بعد اعوام من الشكاوى من المسؤولين الاميركيين والافغان من ان متمردي طالبان يحصلون على مساعدة من مناطق الحدود الباكستانية مثل باجور. وقال المسؤولون ان الوضع انقلب الان حيث يخوض المتشددون قتالا عنيفا مع القوات الباكستانية ويحصلون على مساعدة من الجانب الافغاني من الحدود.

وقال مصدر أمني بارز في الجيش في ايجاز صحافي: «الحدود الباكستانية الافغانية وعرة وهي تسبب لنا المتاعب الان في باجور». وقال المسؤول الذي رفض مع احد زملائه في الايجاز الصحافي ذكر اسميهما: «الحركة اصبحت تحدث الان في اتجاه باكستان قادمة من افغانستان». ولم يوجه المسؤولان اللوم الى الحكومة الافغانية بارسال متشددين عبر الحدود لكنهما دعوا القوات التي تقودها الولايات المتحدة في افغانستان الى وقف هذا التدفق.

تعتبر منطقة باجور الاصغر بين سبع مناطق قبلية للبشتون تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي. ويقول مسؤولون اميركيون ان طالبان والمقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين تمولهم اموال المخدرات يستخدمون المناطق القبلية كقاعدة عمليات لشن الهجمات في داخل افغانستان. وتعرضت باكستان لضغوط من الولايات المتحدة لتعويق توغل المتشددين عبر الحدود الى داخل افغانستان. وفي علامة على تزايد الاحباط من جهود باكستان لوقف التدفق نفذت القوات الاميركية ست ضربات صاروخية عبر الحدود انطلاقا من طائرات بدون طيار وهجوم للكوماندوز على قرية حدودية في الشهر الحالي. وقال المسؤولون ان الهجوم الباكستاني جعل من منطقة باجور مركزا للثقل ومغناطيسا جاذبا وحتى مع مقتل ما يصل الى 1000 فان المنطقة اجتذبت متشددين من مناطق بعيدة مثل اسيا الوسطى عن طريق افغانستان.

وقال مسؤول باكستاني اخر اوقفوا التدفق العكسي في باجور.انه قادم. اسلحة ثقيلة قادمة. انهم يعبرون الى داخل اراضينا. وقال مسؤول عسكري انه في احدث وقائع القتال في باجور قتل ثمانية متشددين خلال اشتباكات جرت اثناء الليل. وبدأت قوات الامن الهجوم في باجور بعد عام من التدهور الامني حيث نفذ المتشددون 88 هجوما انتحاريا في انحاء البلاد منذ شهر يوليو تموز من العام الماضي قتل فيها 1200 شخص تقريبا. وهاجم انتحاري فندقا في العاصمة اسلام اباد يوم 20 سبتمبر ايلول الحالي فقتل 55 شخصا. وتزامن التدهور الامني مع ضعف الاقتصاد وبذل الحكومة جهودا مضنية لمعالجة العجز المتزايد في الميزانية حيث وصلت نسبة العجز المالي والتضخم الى اكثر من 25 في المئة. وقال المسؤول الامني انهم غير متأكدين مما اذا كان اي من الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة موجود في باجور. وقال ضباط مخابرات باكستانيون انه من المعتقد ان الرجل الثاني في القاعدة ايمن الظواهري زار باجور في الاعوام الاخيرة. وفي يناير كانون الثاني عام 2006 اطلقت طائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الاميركية عدة صواريخ على منزل في باجور معتقدة ان الظواهري كان موجودا فيه. وقتل 18 قرويا في الهجوم. وقال المسؤول الامني الاول: «معظم بنات العرب تزوجن من اشخاص في وادي مهمند ولذا فهناك حساسية كبيرة عند المقاتلين العرب». لكنه قال ان رجال القبائل في مهمند ينشئون ميليشياتهم الخاصة لطرد المتشددين الاجانب وان القتال اصبح متوقعا. وقال المسؤول «وادي مهمند من المرجح ان يشتعل في رأينا خلال مابين 48 و72 ساعة. ولم يستطع المسؤول ان يحدد الفترة التي سيستغرقها الهجوم لكنه قال انه ينبغي ان تتبعه تنمية اقتصادية. وقال ان العمليات العسكرية ينبغي أن تعقبها خطة تنمية مكثفة جدا وأيضا عملية مصالحة. وهذا ما سيحدد ما إذا كان الناس معك أم ضدك.