المعلم لـ «الشرق الأوسط»: لا يمكن ضبط الحدود مع لبنان حاليا ولا بد من ترسيم الحدود.. واتفاق أمني

وزير الخارجية السوري: تبادل السفراء مع بيروت قد يتم قبل نهاية العام.. وحزب الله لا يحتاج إلى أسلحة

TT

قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بين سورية ولبنان يمكن أن يتم قبل نهاية هذا العام، معربا عن ارتياح دمشق لمسيرة تنفيذ اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين. ونفي المعلم وجود أي تغير في توجهات السياسة الخارجية السورية، كما نفى تهريب أسلحة عبر الحدود السورية ـ اللبنانية إلى حزب الله، مشيرا الى أن حزب الله لا يحتاج إلى ذلك، غير أنه أوضح ايضا أن لا يمكن ضبط الحدود المشتركة وأن هناك عمليات تهريب تجري من وإلى لبنان. وأشار الوزير السوري الى أن ضبط الحدود بين سورية ولبنان يحتاج إلى أمرين: الأول هو ترسيم الحدود، والأمر الثاني هو التوصل إلى اتفاق أمني. ووصف وليد المعلم اجتماع اللجنة الرباعية الأخير لمتابعة تنفيذ خارطة الطريق لعملية السلام في الشرق الأوسط بـ«جعجعة دون طحين». وأوضح المعلم ان سورية لن تستجيب لأي طلب للوكالة الدولية للطاقة الذرية ما لم تزودها الوكالة بنتائج العينات البيئية التي أخذتها من موقع «دير الزور» الذي تعرض للقصف الإسرائيلي. وشدد وزير الخارجية السوري في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك على «أن سورية لن تسمح أن تستخدم الولايات المتحدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية كورقة ضغط سياسية». وهذا نص الحوار: > هناك ضغوط أميركية على الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إصدار تقريرها فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة لسورية بالقيام بنشاطات نووية غير معلن عنها، والوكالة تقول إنها لم تستكمل التحقيق، فما سبب تأخير صدور تقرير الوكالة حتى الآن؟ - كما هو معروف قامت إسرائيل بقصف موقع عسكري في دير الزور، وأخيرا تبين أن الولايات المتحدة هي التي تعاونت مع هذا العدوان الإسرائيلي حسب اعتراف المخابرات المركزية الأميركية، ولذلك أقول ان الولايات المتحدة لا يحق لها إطلاقا وهي شريك بالعدوان على هذا الموقع أن تتحدث عن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث قامت هذه الوكالة بعد سبعة أشهر من تدمير إسرائيل للموقع، بالتحقيق فيما إذا كان هذا موقعا عسكريا أم لا. ونحن أكدنا مرارا أن الموقع عسكري، وأنه لا توجد لدى سورية برامج نووية إطلاقا، وبعد ذلك واستنادا إلى استجابة من سورية، وهي عضو في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وبطلب من الوكالة قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية لتنظيم عمل المراقبين الذين تريد الوكالة إيفادهم إلى هذا الموقع. وتنص هذه المذكرة على أن يقوم وفد الوكالة بزيارة واحدة إلى الموقع وأخذ عينيات بيئية، وأن سورية لن تسمح لعودة المفتشين مرة ثانية، وأن سورية لن تستجيب لأي مطلب قبل أن تزودها الوكالة بنتائج تحليل العينات البيئية، وحتى الآن لم نتسلم نتائج العينات البيئية والتي كان من المقرر ان تزودنا بها قبل الشهر الثامن. ثم أن الولايات المتحدة المعروفة بالكذب والتدليس، الذي قامت به قبل شنها الحرب على العراق بذريعة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وثبت بعد ذلك أنها لم تكن صادقة، لا يحق لها أن تطالب الوكالة الدولية بنتائج التحقيق. ومن هنا أقول إنه لا يمكن أن نسمح للولايات المتحدة أن تستخدم هذا الأمر، وهي شريك بالعدوان، كورقة ضغط سياسي على سورية أو بالكشف عن مواقع عسكرية أخرى. > يمكن للمراقب السياسي رؤية بعض التغيرات في سياسة سورية الخارجية خصوصا مع بدء المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، وموافقتها على انتخاب رئيس للبنان وإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وربما أيضا الموافقة على ترسيم الحدود السورية اللبنانية، هل يمكن القول إن سورية تنتهج سياسة جديدة ومختلفة عن سياستها في السابق؟ - هذا ليس تغييرا في السياسة السورية ولا في ثوابت هذه السياسة، ومنذ أشهر طويلة وسورية تدعو إلى حوار بين اللبنانيين يؤدي إلى حل، لذلك دعمنا قرار الجامعة العربية في تشكيل لجنة عربية وباختيار الدوحة للحوار الوطني بين اللبنانيين، ودعمنا ما توافقوا عليه ودعمنا انتخاب الرئيس ميشال سليمان كرئيس توافقي. نحن مرتاحون لأن مسيرة اتفاق الدوحة تسير في لبنان بشكل إيجابي بما يحقق ويسهم من خلال اللبنانيين أنفسهم في استقرار لبنان. كانت زيارة الرئيس سليمان إلى دمشق هامة، وقد وضعت أسسا متينة للعلاقات المستقبلية بين سورية ولبنان بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين. كما ان قرار تعيين سفير سوري في بغداد ينسجم مع الموقف السوري الداعي إلى دعم العملية السياسية في العراق وإلى وحدة العراق أرضا وشعبا وإلى المصالحة الوطنية في العراق، وهذا أيضا يأتي ويصب في إطار السياسة الخارجية السورية تجاه العراق الشقيق، لأن أمن واستقرار العراق يؤثر على أمن واستقرار سورية. أما ما يتعلق بالمحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل عبر الوساطة التركية، فان هذه الجهود التركية المشهودة قد استغرقت سنة كاملة للتحضير لهذه المحادثات إلى أن وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت على مبدأ الانسحاب التام من الجولان، وعلى هذا الأساس وافقنا على محادثات غير مباشرة. عقدت أربع جولات من المباحثات حتى الآن انصبت على توصيف خط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وهو نقطة الأساس في أي حل بين سورية وإسرائيل، وإذا نجحت المحادثات غير المباشرة في وضع قاعدة متينة متفق عليها، ستنطلق المحادثات، تحت رعاية دولية مناسبة، إلى محادثات مباشرة. سورية باستمرار كانت تقول إن إحلال سلام عادل وشامل في المنطقة هو إحدى أولويات سياستها الخارجية. اذن كما تلاحظ لم يجر تغير في السياسة السورية وإنما جرت مساهمة فعلية سورية لتحقيق أمن واستقرار المنطقة. > ما رأيكم بدعوة الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيرس سورية إلى الدخول في مفاوضات مباشرة، ودعوته الرئيس السوري بشار الأسد إلى اللقاء وجها لوجه كما جرى مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات والعاهل الأردني الملك حسين؟ - هذا مؤشر على أن إسرائيل ليست راغبة في أن تملك الإرادة السياسية في صنع السلام، لأن لا أحد يضع العربة قبل الحصان، لأنه لا بد من أن يقوم المفاوضون بحل المسائل القائمة كلها والتوصل إلى اتفاق سلام يؤدي في محصلته إلى إقامة علاقات سوية عادية بين سورية وإسرائيل. > تقارير الأمم المتحدة تتحدث عن استمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود السورية ـ اللبنانية إلى بعض الفصائل الفلسطينية واللبنانية ومن بينها حزب الله. فهل اتخذت سورية أية إجراءات لضبط الحدود؟ - إن مسألة الحدود بين سورية ولبنان تحتاج إلى عملين: الترسيم، وتعاون أمني سوري لبناني. وخلال زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان لسورية تم الاتفاق على ترسيم الحدود وعلى تطبيع العلاقات. ولا أحد يستطيع ضبط الحدود مع لبنان، هناك عمليات تهريب تجري من وإلى لبنان. أما أن تقول ان سورية تقوم بتزويد حزب الله بالسلاح وبالعتاد كما يدعي البعض فهذا غير صحيح، حزب الله لا يحتاج إلى ذلك، وهذا الادعاء هدفه التغطية على قيام إسرائيل يوميا بخرق الأجواء اللبنانية وخرق قرار مجلس الأمن 1701. > هل هناك جدول زمني لبدء ترسيم الحدود بين سورية ولبنان؟ - نحن ننتظر قيام الحكومة اللبنانية بإجراءات من طرفها لكي نقوم بذلك. > وماذا عن قيام علاقات دبلوماسية؟ - نحن اتفقنا على إعلان مشترك خلال زيارة الرئيس ميشال سليمان وسنتخذ الخطوات القانونية ونأمل أن تكون هذه العلاقات على أرض الواقع قبل نهاية العام الحالي. > بسبب توتر الوضع في لبنان، تمر العلاقات السعودية ـ السورية بنوع من التوتر، هل هناك أية مساع لتحسين علاقات سورية مع السعودية وكذلك مع مصر؟ - والله لا أدري سبب توتر هذه العلاقة، وأتمنى أن أعرف السبب. إذا كان السبب لبنان، فالوضع في لبنان، وباعتراف الأشقاء اللبنانيين، أخذ بالتطور نحو المستقبل الأفضل، وإذا كانت هناك موضوعات أخرى فأنا لا أعرف. > هل هناك أية مبادرة لتنقية الأجواء؟ - نحن بادرنا كثيرا ونحن ننتظر من الأشقاء أن يبادروا. أن قلوبنا وعقولنا مفتوحة لكل مبادرة خيرة. > هل هناك أي محاولة لتحسين علاقتكم مع الولايات المتحدة؟ - منذ البداية نحن مع الحوار البناء الذي يقلص فجوة الخلاف حول المواضيع القائمة في المنطقة. مع الأسف هذه الإدارة ترى الأمور بلونين أما أبيض أو أسود ولا تعترف بوجود ألوان أخرى في الحياة السياسية، لذلك لا يوجد بيننا حوار. وطالما هم غير راغبين في الحوار وينتهجون سلوك العقوبات الأحادية وينحازون بشكل سافر لإسرائيل ويقومون بالعدوان في العراق وفي فلسطين، فاعتقد أنه لا توجد أرضية مشتركة بين البلدين. > في خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش أمام جمعية الأمم المتحدة اتهم سورية وإيران برعاية الإرهاب، فما هو ردكم؟ - والله انه شيء مضحك. الرئيس بوش كرر ما كان يقوله خلال ثماني سنوات، وكان جميع الموجودين في القاعة يتوقعون منه أن يلقي خطابا وداعيا يجمع ولا يفرق. وهو يدعي أن حربه على الإرهاب قد انتصرت، ونحن نرى اليوم أن الإرهاب أكثر انتشارا. وهو يدعي النجاح في بقع عديدة في العالم، وهي في الحقيقة وعلى أرض الواقع كلها انتكاسات بسبب السياسة الخارجية الأميركية، لذلك لا أريد أن أتوقف وأضيع وقتي في التعليق على رئيس قد أصبح خارج الساحة. > من المتوقع أن تنتهي اللجنة الدولية المستقلة المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في نهاية هذا العام، وسيتحول القاضي الكندي دانيال بيلمار إلى مدعي عام للمحكمة ذات الصفة الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، فكيف تصفون تعاونكم الآن مع القاضي الكندي؟ - نحن في كل التقارير التي قدمت إلى الأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن منذ أيام ميليس إلى بيلما أكدنا على تعاون سورية مع المحقق الدولي. وأما أن يتحول إلى مدعي عام في المحكمة فهذا شأن قائم بين الأمم المتحدة ولبنان، ونحن لا علاقة به. > هل هذا يعني أن سورية ليست لديها أية مشكلة مع المحكمة الخاصة حين تبدأ جلساتها؟ - أبدا ليس لدينا أية مشكلة معها، ونحن مع كشف الحقيقة، لذلك تعاونا تعاونا تاما مع المحققين الدوليين الذين عينتهم الأمم المتحدة. > هل نتوقع نتائج معينة من المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل في وقت قريب؟ - هذا الأمر يتوقف على الإرادة السياسية لحكومة ليفني الجديدة، وهل هي راغبة باستئناف المحادثات وهل لديها الإرادة السياسية؟ وهل هي تعرف الأساس الذي قامت عليه المحادثات أصلا، أي الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد والالتزام بالانسحاب التام من الجولان إلى الخط الرابع من حزيران عام 1967. إذا كانت الحكومة الإسرائيلية جاهزة لهذا فنحن جاهزون. > قبل بدء اجتماع اللجنة الرباعية لمتابعة تنفيذ خارطة الطريق، تحدثت الكثير من الوفود العربية عن تعثر المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وعدم إحراز أي تقدم يذكر منذ مسيرة مؤتمر انابوليس، فكيف تنظر سورية إلى عمل واجتماعات اللجنة الرباعية التي عقدت اجتماعها الأخير في نيويورك؟ - أعتقد أن اجتماع اللجنة الرباعية كما كان اجتماع انابوليس جعجعة بدون طحين، لا توجد له مستلزمات على أرض الواقع. وعلى أي حال نحن سنشارك في هذا الاجتماع وسنستمع إلى ما يطالب به، وأن كنا لسنا متفائلين، لأن هذا الجمع الدولي ليس لديه إرادة حقيقية في الضغط على إسرائيل لكي تنصاع إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.