الجنرال شجاع باشا قائد جديد للاستخبارات الباكستانية

أميركا تدعم وحدة أراضي باكستان وتدعوها لمواجهة المتطرفين

دورية للجيش الباكستاني في وادي سوات المضطرب (أ.ب)
TT

عينت باكستان رئيسا جديدا لادارة المخابرات الداخلية بعد شهور من تشكيك المسؤولين الأميركيين في مصداقية ادارة المخابرات الرئيسية بالجيش في الحرب على الإرهاب. وأعلن بيان عسكري صدر قرب منتصف ليلة اول من أمس تغييرات كبيرة في قيادات الجيش اجراها قائده اشفق كياني. وترقب أجهزة المخابرات في الولايات المتحدة وفي الدول المجاورة عن كثب التغييرات في باكستان. وعين الجنرال احمد شجاع باشا اول من امس مديرا عاما لجهاز الاستخبارات المشترك بدلا من الجنرال نديم تاج الذي تولى رئاسة هذا المكتب منذ اقل من عام، على ما اعلن الجيش امس في بيان. وشغل احمد شجاع باشا سابقا منصب مدير العمليات العسكرية في الجيش التي تشرف على جهاز الاستخبارات المشترك. وكان مسؤولا عن العمليات التي تجرى ضد المتطرفين في وادي سوات بالشريط الحدودي. ويأتي هذا التعيين الجديد الى جانب تعيين 13 جنرالا. وقال الناطق باسم الجيش الجنرال اطهر عباس «انها تعيينات روتينية». والجنرال باشا مقرب من الجنرال اشفاق كياني الذي تولى قيادة الجيش قبل عام خلفا للرئيس السابق برويز مشرف، الذي هزم معسكره في انتخابات فبراير (شباط) النيابية. واجبر الرئيس السابق الذي كان باشا احد الموالين له، على الاستقالة في أغسطس (آب) بعد تسعة اعوام على انقلابه العسكري. وانتخب آصف علي زرداري، ارمل رئيسة الوزراء المعارضة الراحلة بنازير بوتو التي اغتيلت في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رئيسا للدولة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي. وفي يوليو (تموز) حاولت الحكومة الائتلافية إخضاع جهاز الاستخبارات المشترك لسلطة وزارة الداخلية، بلا جدوى.

وقادت المؤسسة العسكرية البلاد مباشرة طوال اكثر من نصف عمرها البالغ ستين عاما، وبشكل غير مباشر في الفترات الأخرى من خلال حكومات مدنية يحركها الجنرالات. وغالبا ما تتهم افغانستان والهند وواشنطن جهاز الاستخبارات المشترك بدعم طالبان الأفغان الذين يتخذون من مناطق القبائل في شمال غرب باكستان ملاذا لهم ويشنون الى جانب «القاعدة» معارك في افغانستان لمحاربة القوات المتعددة الجنسيات.

وكان هجوم انتحاري قتل فيه 55 شخصا في فندق ماريوت في اسلام آباد يوم 20 سبتمبر (ايلول) قد أكد مخاوف من ان متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة» ومقاتلي طالبان يمكنهم زعزعة الاستقرار باكستان التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة.

وجهاز المخابرات الداخلية الذي كثيرا ما يشار اليه باعتباره دولة داخل الدولة، مرهوب من افغانستان والهند المجاورتين والساسة الباكستانيين المدنيين الذين اطاحت انقلابات الجيش بحكوماتهم. وساعد الجهاز الولايات المتحدة في تصفية مئات من مقاتلي القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001 على نيويورك وواشنطن، لكن مسؤولين أميركيين أبدوا قلقهم من تقلص ما يحققه حلفاؤهم من نتائج. وبلغ خوف الولايات المتحدة من ان يكون عملاء الجهاز يقومون بدور العميل المزدوج بدعم مقاتلين متشددين ذروته بعد هجوم انتحاري قتل فيه 58 شخصا خارج السفارة الهندية في كابل في يوليو (تموز) الماضي. وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» في ذلك الوقت تقول ان المسؤولين الأميركيين يعتقدون ان ضباط المخابرات الباكستانيين ابلغوا المقاتلين قبل هجمات صاروخية على أهداف تابعة لطالبان و«القاعدة» في باكستان. وبعد وقف الاعلان المسبق عن العمليات وزيادة الهجمات الصاروخية ذهبت الولايات المتحدة خطوة ابعد من ذلك في اوائل سبتمبر فشنت غارة على قرية باكستانية على الحدود الافغانية، مما اثار موجة احتجاجات في إسلام آباد. وقال مسؤولون طلبوا عدم نشر اسمائهم ان الولايات المتحدة حثت في احاديث خاصة الحكومة المدنية التي تولت السلطة في باكستان قبل ستة أشهر على السيطرة بدرجة أكبر على الجهاز. وقامت حكومة رئيس الوزراء، يوسف رضا جيلاني، بمحاولة متسرعة لوضع الجهاز تحت سيطرة وزارة الداخلية في يوليو (تموز) الماضي لكنها تراجعت لتجنب رد فعل الجيش. وتقول «نيويورك تايمز» ان الرئيس زرداري اجتمع مع مايكل هايدن، مدير وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي.آي.إيه) خلال زيارة للولايات المتحدة في الاسبوع الماضي. وقال زرداري للصحيفة في حديث نشر يوم الأحد الماضي «سيتم حل مشكلة المخابرات الداخلية. هذه مشكلتنا».

الى ذلك اكدت الولايات المتحدة اول من امس تمسكها «بوحدة اراضي باكستان»، في مناخ من التوتر بين البلدين حول وسائل وقف الهجمات التي يشنها المتمردون الأفغان من الأراضي الباكستانية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا مشتركا مع باكستان، بعد محادثات في واشنطن بين مساعد وزيرة الخارجية جون نيغروبونتي، ووزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي. وأوضح البيان أن «الولايات المتحدة أكدت دعمها سيادة باكستان واستقلالها ووحدتها ووحدة اراضيها». وأضاف ان «الولايات المتحدة مصممة على تزويد باكستان بالمعدات التي تحتاج اليها لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك دعم يتيح توسيع قدرات مكافحة التمرد والارهاب في باكستان وتعاون متزايد مع قوات الأمن الباكستانية». وأعلن الرئيس الباكستاني زرداري انه لن يتساهل مع انتهاك سيادة بلاده، فيما كثفت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة من إطلاق الصواريخ على ملاجئ المتمردين الافغان في الاراضي الباكستانية. وحصل تبادل لاطلاق النار يوم الخميس الماضي بين قوات باكستانية وأخرى اميركية على طول الحدود، بعدما تعرضت مروحيتان اميركيتان لاطلاق نار. ثم حرص الطرفان على السعي الى خفض التوتر، لكن إسلام آباد تؤكد ان المروحيتين كانتا تحلقان فوق الأراضي الباكستانية، فيما تقول واشنطن انهما لم تغادرا الأراضي الأفغانية.