النجف: نفوذ إيراني واضح.. ومقلق للبعض

حتى عربات جمع القمامة تحمل كتابات فارسية

TT

النجف ـ رويترز: في مدينة النجف يجوب زوار ايرانيون الشوارع ويتحدثون الى أصحاب المتاجر بالفارسية ويدفعون بالعملة الايرانية وتنبعث أناشيد دينية فارسية من مكبرات الصوت في ضريح قريب.

قد يكون هذا المشهد مفزعا لكل من الولايات المتحدة وجيران العراق من الدول العربية التي تشتبه في أن لإيران نفوذا شائنا ومخربا في الاراضي العربية. بل ان بعض سكان النجف العراقيين يتعاملون بحذر مع النفوذ الايراني.

لكن المدينة التي هي مركز ديني وسياسي تستفيد من السياحة والمساعدات الايرانية. وفيها يزين الزي الموحد لجامعي القمامة كتابة فارسية كذلك شاحنات القمامة المتألقة الجديدة التي تبرعت بها ايران. ويعمل عمال بناء ايرانيون في موقع مستشفى جديد يقام برعاية ايرانية.

وتستغل التبرعات الايرانية في سداد تكلفة تجديد مزارات شيعية كما قدمت ايران الاموال والخبرات لزيادة سعة الطاقة الكهربائية في جنوب العراق الذي غالبية سكانه من الشيعة.

وفي كل عام يزور مئات الآلاف من الايرانيين مرقد الامام علي بالنجف.

ويهون مسؤولو النجف الذين سيترشحون ليعاد انتخابهم في الانتخابات المحلية المنتظر اجراؤها اوائل العام المقبل من شأن النفوذ الايراني. ونفى محافظ النجف أسعد ابو كلل في مقابلة أجريت معه أخيرا وجود اي نفوذ على الاطلاق. لكن سكانا عاديين قالوا ان النفوذ الايراني موجود وهم لا يمانعونه بالضرورة. وقال حسين عباس الذي يعمل بمتجر للعب الاطفال في النجف «هناك يد ايرانية في النجف لكنها يد ايجابية. انهم يساعدون في تطوير المدينة والمستشفى والسياحة». وأضاف أنه سيمنح صوته لمسؤولي المحافظة الحاليين في الانتخابات المحلية القادمة على الرغم من وجود علامات على دعم ايراني.

كان العراق وايران ألد الاعداء إبان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي خاض حربا ضروسا ضد ايران الشيعية في أواخر الثمانينات أسفرت عن سقوط مليون قتيل كثير منهم من المجندين الشيعة. لكن منذ أطاحت القوات الاميركية بصدام عام 2003 وتولت الحكم حكومة يقودها الشيعة في بغداد استعرضت ايران نفوذها بشكل ملحوظ من خلال صلاتها برجال السياسة الشيعة من جهة وبالأحزاب التي اتخذت من ايران مقرا لها طوال سنوات في عهد صدام من جهة أخرى.

وفي مارس (اذار) قام الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بزيارة ناجحة للعراق ليصبح اول زعيم ايراني يزور البلاد منذ الثمانينات وايضا اول رئيس دولة اقليمية يزور العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 . وكان لايران سفارة تقدم خدمات كاملة في بغداد لسنوات، فيما لم يكن لأي دولة عربية سنية سفير في العاصمة العراقية لثلاث سنوات وحتى الشهر الماضي.

وتتهم واشنطن، عدو طهران اللدود لثلاثين عاما، ايران بامداد المسلحين الشيعة في العراق بالاسلحة والتدريب والاموال وهي الاتهامات التي تنفيها طهران. ويهيمن على معظم مجالس المحافظات بجنوب العراق بما في ذلك النجف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهي جماعة سياسية شيعية تكونت في المنفى في ايران خلال حكم صدام. ويقول كثير من العراقيين بمن فيهم شيعة، ان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لا يزال مدعوما من قبل ايران. لكن المجلس جزء أساسي من الحكومة العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة، وينفي بشدة أن ايران توجه سياساته. وقال عبد الحسين عبطان نائب محافظ النجف وعضو المجلس الاعلى الاسلامي العراقي ان المجلس كان في ايران ومن ايران ذهب الى واشنطن. وقال ان ايران ليست لها علاقات مع اميركا لانها في حالة حرب سياسية معها. وتابع قائلا ان اقامة علاقات جيدة مع ايران شيء مسموح به لكنها علاقات مبنية على الاحترام المتبادل لا التدخل في الشؤون الداخلية.

ويغضب عراقيون من احتمال أن يكون ساستهم يتلقون الاوامر من طهران. ويقول كرار كاظم، وهو يجلس امام مرقد الامام علي، «نحب السائحين لكن اذا حاولت (ايران) التدخل في السياسة سنقف ضد هذا. انها تتدخل وهذا واضح وضوح الشمس». لكنه أشاد بقيادة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في المدينة وتكهن بأن معظم سكان النجف سيدلون بأصواتهم لصالحه ولإبقاء الحزب في الحكم.

وكان ماجد علي وهو صاحب متجر للملابس حريصا على التفريق بين النفوذ الثقافي والسياسي الايراني حيث قال، ان مدينة النجف تربطها صلات تجارية ودينية بايران منذ قرون. لكنه قال انه لن يدلي بصوته في الانتخابات المحلية او العامة لأن القيادة السياسية العراقية خاضعة (لسيطرة) ايران. وأضاف قبل أن يقطع حديثه لإجراء مكالمة هاتفية بالفارسية «هدف ايران واضح. مواجهة النفوذ الاميركي. انهم يواجهون الولايات المتحدة والعرب على الساحة العراقية».

وقال علي أبشر، وهو زائر ايراني في النجف، انه يشعر بارتياح في المدينة وانها تشبه مدينة قم الايرانية تماما التي هي مقر آخر للمرجعية الشيعية. وأضاف انه لا يشعر باستياء من دمغ الولايات المتحدة لبلاده بأنها دولة شيطانية، وقال مبتسما في سخرية «الاميركيون جاءوا وتخلصوا من صدام».. ورفع يده بعلامة النصر.