وزير الإعلام الأفغاني السابق: كرزاي بعث برسالة قبل شهرين لخادم الحرمين طلبا للوساطة

مصادر: قيادي من الأفغان العرب همزة وصل بين كابل وطالبان

TT

كشف محمد صديق تشكري وزير الإعلام الأفغاني الأسبق، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن، عن أن الرئيس الافغاني حميد كرزاي، ارسل رسالة خطية الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل شهرين، يطلب منه فيها التدخل لإنهاء العنف على أرض افغانستان.

وأعرب تشكري لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده ان علماء ثقات من حركة طالبان زاروا السعودية لأداء العمرة خلال شهر رمضان. وقال ان العاصمة كابل تتحدث عن 11 شرطا أكدت عليهم طالبان، قبل اجراء مفاوضات جادة، ابرزها انسحاب القوات الأجنبية من افغانستان، وتعيين وزراء الحركة الأصولية في الوزارات الأساسية، واحلال دستور جديد للبلاد، يؤكد أهمية إقامة دولة إسلامية على ارض افغانستان. وعلمت «الشرق الأوسط» ان أحد قياديي الافغان العرب في سنوات الجهاد ضد الروس، يقود المفاوضات الجارية بين طالبان وحكومة كابل».

من جهته أكد أحد القياديين السابقين للمجاهدين الأفغان من العاصمة كابل، في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» ان هناك مفاوضات جارية حاليا بين طالبان وحكومة الرئيس كرزاي. وقال ان المصالحة الوطنية تهدف إلى الانفتاح على العناصر المعتدلة من قادة طالبان.

وأشار الى أن بعض علماء وائمة طالبان، موجودون منذ ايام قليلة في الأراضي السعودية. وأكد أن أحد  قياديي الأفغان العرب ببريطانيا وهو شيخ فقيه، معروف بعلاقاته القوية مع اشقاء القائد احمد شاه مسعود أسد بانشير، الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر، هو المهندس الرسمي لفتح قنوات الحوار مع طالبان لإنهاء العنف في افغانستان.

وقال إن اعلان طالبان الرسمي عن وجود مثل هذه المفاوضات، سيضعف صورة الحركة الأصولية اعلاميا، لأن تلك الأنباء تأتي في الوقت الذي يتشدد فيه الملا عمر في بيانه الأخير بمناسبة عيد الفطر».

وكان كرزاي قد أعلن أول من أمس، إنه طلب وساطة العاهل السعودي في ترتيب مفاوضات سلام مع حركة طالبان، وذلك لأجل انهاء الحرب الدائرة في افغانستان.  واوضح في رسالة قرأها أمس أمام قصر الرئاسة في كابل بمناسبة عيد الفطر، إنه راسل في العامينِ الأخيرين الملك عبد الله، وطلب منه بصفته «زعيما للعالم الإسلامي»، المساعدة في تحقيق المصالحة في أفغانستان، ونفى تقارير إعلامية تحدثت عن مفاوضات سرية مع طالبان، لكنه أكد انتقال مبعوثين حكوميين إلى باكستان والسعودية لحل الأزمة.

وقال كرزاي إن حكومته تحاول اقناع مسلحي طالبان بإلقاء اسلحتهم، والانضمام الى الحكومة، وانه ناشد الملا عمر زعيم حركة طالبان «العودة الى بلاده والعمل من اجل سعادة الشعب الافغاني». ونقلت وكالة اسوشييتد برس عن كرزاي قوله، إنه مستعد شخصيا لحماية الملا عمر من القوات الأميركية والدولية، اذا ما قرر العودة الى افغانستان.

وذكر الرئيس الأفغاني، أنه أرسل مسؤولين أفغانا إلى السعودية وباكستان، بهدف السعي لإطلاق مباحثات سلام مع طالبان. وقال كرزاي «منذ سنتين وأنا أبعث رسائل وإشارات إلى العاهل السعودي، أطلب منه فيها، بصفته قائدا بارزا من قادة العالم الإسلامي، مساعدتنا على إحلال السلام في أفغانستان». وأضاف الرئيس الأفغاني أن «الاستعداد للانخراط في المفاوضات جار بشكل يومي. لقد سافر مبعوثونا عدة مرات إلى السعودية وباكستان، لكن المباحثات لم تنطلق بعد، نأمل أن تتم قريبا».

يذكر الى ان الرئيس الأفغاني الأسبق برهان الدين رباني كان قد تحدث لـ«أسوشييتد برس» في وقت سابق من العام عن محادثات رفيعة المستوى، بين سياسيين من المعارضة وطالبان، وقال إن بعض قادة الحركة مستعدون للتفاوض.

ولم تفصح الحكومة الأميركية عما إذا كانت مستعدة لاتصالات رفيعة المستوى مع قادة طالبان، لكن مسؤولين أميركيين يشجعون عناصر الحركة على إلقاء السلاح والاستجابة لبرنامج مصالحة أطلقته الحكومة الأفغانية.

وكان العام الحالي الأكثر دموية منذ 2001 بالنسبة للقوات الدولية، التي خسرت 221 جنديا غالبيتهم من الأميركيين. وقال مراقبون في العاصمة كابل، إن محاولات سابقة للتفاوض مع طالبان اكتنفتها عقبات، وخصوصا بسبب تدخل القوات الأجنبية في العملية.

وفي باريس اعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير امس ان بلاده تؤيد اقتراح الرئيس الافغاني حميد كرزاي اجراء حوار مع طالبان، داعيا الى الاتصال بـ«القوميين» واستبعاد «مؤيدي الجهاد».

وردا على سؤال عبر القناة الفرنسية «اي تيليه» عما اذا كان يدعم التفاوض مع طالبان، قال كوشنير «نعم». واضاف الوزير الفرنسي «يقول الرئيس كرزاي ان ثمة طالبان قوميين يجب ان يشاركوا في المفاوضات»، موضحا انه «تم القيام بهذا الامر على الصعيد المحلي وهناك امور يتم ترتيبها بين الافغان». لكنه تدارك ان «ما يقصده الرئيس كرزاي، حتى لو دعا الملا عمر (الى هذه المفاوضات)، انه ينبغي اجراء اتصالات محلية في المناطق». وتابع «هناك طالبان اخرون يؤيدون التمرد العام باسم التطرف وباسم الاغتيال، لاحظوا الاغتيال الاخير في باكستان امام فندق ماريوت، انه مرعب ويثير الاشمئزاز. لا يمكن ان نتحدث الى هؤلاء، يجب ان نقاتلهم».

من جهتها قالت مصادر حكومية مقربة من 10 داوننغ ستريت مقر رئاسة الوزارة البريطانية: «سياستنا هي تأييد العناصر الأفغانية التي تنبذ العنف والارهاب». مشيرة الى ان التمرد المسلح في افغانستان، لا يمكن هزيمته بالعمل العسكري وحده، بل بالحوار والمصالحة ايضا مع العناصر المعتدلة». وأضافت ان حكومة جوردون براون أكدت مرارا من قبل على عملية المصالحة في أفغانستان من اجل انهاء التمرد والعنف في الشارع الافغاني».

وأضافت المصادر ان المصالحة مع عناصر طالبان يجب ان تركز على نبذ العنف وعدم وجود أي اتصالات مع القاعدة مع قبول كامل للدستور الأفغاني».