المحقق الدولي في اغتيال الحريري ينقل الملف إلى المحكمة الدولية مطلع 2009

وزير العدل: ما نشر لا يشبه ما أملكه من معلومات.. ولجنة التحقيق لن تكشف أسماء مشتبه فيهم

TT

اعتبر وزير العدل اللبناني د. ابراهيم نجار ان ما نشر عن التحقيقات التي يجريها المحقق الدولي دانيال بلمار حول اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري "هو مجرد تسريبات صحافية لا اكثر ولا أقل. وهو لا يشبه في شيء على الاطلاق ما املكه من معلومات حول هذه التحقيقات». وحول ما ذكره تقرير صحافي عن وجود 120 شخصا متورطين في عملية الاغتيال، اكد نجار في مقابلة تلفزيونية: «هذا كلام غير صحيح. وانا اسمح لنفسي بان اقول ان التقرير الذي سيصدره بلمار قد لا يتطرق الى اي اسم». ونفى تأخر صدور هذا التقرير، مشيرا الى انه سيصدر قبل نهاية العام الحالي. وتوقع ان تسلك المحكمة الدولية طريقها الى التنفيذ الفعلي مطلع العام المقبل. واشار الى انه لا يملك اي معلومات عن تورط جهاز امني لبناني، قائلا: «انا احترم سرية التحقيق. وليس من حقي، ولو كوزير عدل، ان اتدخل في سير التحقيق سواء للمعرفة او للتوجيه او للضغط».

وكانت اجواء من التكتم الشديد رافقت التقرير الصحافي الذي اشار الى وجود 120 مشتبها بهم في الجريمة. وفي اتصالات هاتفية اجرتها «الشرق الأوسط» من لندن، التزمت اوساط رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الصمت حول الامر قائلة ان لا معلومات لديها حول التقرير في حين اكتفى متحدث باسم رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بالقول ان «لا تعليق ولا ومعلومات» حول تقرير لجنة التحقيق وإشارة احدى الصحف المحلية الى وجود 120 مشتبها بهم.

من جانب اخر، وبسؤال وزير العدل عن قضية توقيف الضباط الاربعة ورفض الافراج عنهم، افاد نجار: «هناك مادة في قانون المحاكمات الجزائية تشير الى ان الموقف بتهمة جريمة ارهابية تمس امن الدولة لا يخضع لاطلاق سبيل قبل ان يصدر القرار الظني في مسألة اغتيال الرئيس الحريري».

وردا على سؤال حول التقرير الذي اصدرته لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة واعتبرت فيه توقيف الضباط الاربعة تعسفيا وادرجت بسببه لبنان في خانة الدول المتجاوزة لحقوق الانسان، قال: «بحسب معلوماتي، لقد غيرت اللجنة موقفها بعدما ارسلت اليها الحكومة السابقة كتابا مفصلا حول اسباب التوقيف».

هذا، واكدت لجنة التحقيق الدولية انها لن تنشر اسماء المشتبه بهم في الجريمة. ولفتت الناطقة باسم اللجنة راضية عاشوري، في حديث الى موقع «نهار نت»، الى ان «الاسماء لن تكشف قبل صدور الادانات عن المحكمة الخاصة لاجل لبنان، هذا اذا توفر ما يكفي من الادلة لاصدار الادانات» وذلك ردا على معلومات صحافية ذكرت ان رئيس لجنة التحقيق الدولية سوف يكشف عن اسماء 120 مشتبها به. ولفتت الى انه يجوز تصنيف اسماء المشتبه بهم وفق فئات محددة، منها فئة المخطط والمنفذ والمتدخل وكاتم المعلومات. وعلى صعيد ذي صلة، اشارت مصادر متابعة الى ان المرحلة الفاصلة عن موعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية مطلع ديسمبر (كانون الاول) المقبل «ستكون مرحلة حبس انفاس وترقب لما سيحمله هذا التقرير من معلومات جديدة وامكانية كشف اسماء المتورطين او المشتبه بتورطهم في هذه الجريمة وجرائم الاغتيالات والتفجيرات التي تلتها والجهات التي ستُحمل مسؤولية هذه الاعمال الارهابية سواء، أكانت لبنانية او اقليمية او ابعد من ذلك». وبعيدا عن التكهنات والاستنتاجات وتوجيه الاتهامات المسبقة قبل ان تقول لجنة التحقيق الدولية كلمتها وتسمي القتلة والمخططين والمحرضين باسمائهم، أكدت مصادر لبنانية عليمة لـ«الشرق الأوسط» أن تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية سيكون مفصليا وانه قد يكون التقرير الاخير لهذه اللجنة، بحيث يأتي شبيها بمضبطة اتهام تمهّد لنقل الملف من اللجنة الى عهدة المحكمة الدولية في لاهاي التي ينتظر ان تبدأ عملها مطلع العام المقبل او قبل منتصفه على ابعد تقدير.

واذ جزمت المصادر بوجود لائحة لدى القاضي بلمار باسماء المشتبه بهم وهم لبنانيون وغير لبنانيين من سياسيين ومدنيين وعسكريين، لفتت الى ان الاعلان عن هذه الاسماء او التكتم عليها امر يعود لاسلوب القاضي الكندي وللطريقة التي سيعتمدها في استدعاء المشتبه بهم الى مقر المحكمة الدولية. واوضحت هذه المصادر ان الطريقة التي يعمل فيها بلمار شبيهة الى حد كبير بطريقة رئيس اللجنة السابق القاضي الالماني ديتليف ميليس. واشارت الى ان كل ما قام به بلمار وقبله القاضي البلجيكي سيرج براميرتس جاء تكملة لما أسسه ميليس وفريق عمله. لكن الفارق بين هؤلاء هو ان الاخير كان يسارع الى الكشف عن المعلومات التي يتوصل اليها تباعاً ومن دون مواربة. وهذا ما ادى الى تهريب شهود اساسيين واختفاء اشخاص كانوا في دائرة الشبهة. في حين ان براميرتس وبلمار يمتازان بالتكتم الشديد وعدم تسريب كل ما يعتقدان انه يؤثر على سلامة التحقيق واثباتاته. الى ذلك قال مسؤول بالخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» إن المحكمة الدولية في اغتيال الحريري حققت تقدما كبيرا، وانه لن تكون هناك صفقة مع سورية حول محكمة الحريري. وتابع المسؤول الاميركي: «ندعم بشكل كامل تحقيقات بلمار، ونترقب التقرير المقبل والتوصيات فيه وهل سيتم توسيع صلاحيات المحكمة، أم ستقوم ببدء جلسات المحاكمة. القرار سيتخذ على أساس توصيات بلمار والامم المتحدة والحكومة اللبنانية، والقرار سيعكس بالتالي حجم التقدم في التحقيقات حتى الان. المحكمة الجنائية حول اغتيال الحريري تقدمت بشكل بناء ومهني، ولن نربطها بأي اجندة سياسية». وتابع: «ننظر للمحكمة الدولية بوصفها عنصرا أساسيا في منع الحصانة للاغتيالات السياسية في لبنان».