نواب من «المستقبل» يدعون إلى «تنسيق» لضبط الحدود المشتركة مع سورية

استبعدوا دخولها عسكرياً إلى لبنان لعدم توافر الغطاء الدولي

TT

تركزت معظم تصريحات السياسيين اللبنانيين ومواقفهم في عطلة عيد الفطر على الوضع في مدينة طرابلس والشمال، خصوصاً لجهة الانتشار العسكري السوري على امتداد الحدود مع لبنان. وإذ استبعد نواب من كتلة «المستقبل» دخولاً عسكرياً لسورية الى لبنان لعدم توافر الظروف الداخلية والغطاء الدولي، قال آخرون من الكتلة نفسها ان التنسيق لضبط الحدود هو مطلب لبناني مزمن ويفترض ان يكون مطلباً سورياً وانه يريح البلدين ويؤدي الى الاستقرار على الحدود. وقد تزامنت هذه المواقف مع القاء مجهول قنبلة يدوية في أرض خالية في شارع سورية الذي يفصل بين منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية وباب التبانة ذات الغالبية السنية في طرابلس، لم يؤد انفجارها الى وقوع اصابات.

وتعليقاً على الحوادث المتفرقة التي تشهدها طرابلس، بين حين وآخر، قال النائب سمير الجسر إن تفجير طرابلس الأخير «خطير ويؤشر إلى أن الأيدي الشريرة لا تزال تعمل. ونحن سنواجهها بترسيخ حضور الدولة في الشمال، كما في المناطق اللبنانية الأخرى». ولفت الى «وجود محاولة لتظهير حالة سلفية والإيحاء بأنها تقبض على الوضع الأمني والسياسي في طرابلس» محذراً من «محاولات وضع المدينة في مواجهة الدولة والجيش» ومستبعداً «دخولاً عسكرياً لسورية الى لبنان بسبب عدم توافر الظروف الداخلية والغطاء الدولي لذلك».

وشدد على ان «لا وجود لأي رابط بين تفجير البحصاص في طرابلس والمصالحات التي تجري بين الافرقاء على الساحة المحلية» لافتاً الى أن «المستهدف من هذا الاعتداء الاجرامي هو أمن طرابلس والبلد بشكل عام، وذلك للنيل من المؤسسة العسكرية».

من جهته، رأى النائب عمار حوري «ان موضوع التنسيق لضبط الحدود اللبنانية ـ السورية هو مطلب لبناني مزمن ويفترض أن يكون مطلباً سورياً طبيعياً. وهو موضوع يريح البلدين ويؤدي الى الاستقرار على هذه الحدود، شرط ان لا يتجاوز الضبط الى محاولة تدخل ما في الشؤون الداخلية اللبنانية. فضبط الحدود أمر مرحب به. اما ان يكون هذا الطلب مقدمة لتدخل ما، فهذا أمر غير مرحب به على المستوى اللبناني بالكامل». ولاحظ وزير الدولة جان اوغاسابيان (تيار المستقبل) «ان موضوع الانتشار السوري على الحدود أخذ لغطا نتيجة المواقف التي اثيرت من قبل الرئيس بشار الاسد حول وجود مراكز وبؤر للمتطرفين في منطقة شمال لبنان وتزامن ذلك مع انتشار للقوات السورية في منطقة الشمال. لكن كل الظروف الدولية وحتى اللبنانية تشير الى ان ليس هناك اي مجال، لا من طرف اللبنانيين ولا من المجتمع الدولي، يمكن ان يسمح بأي دخول سوري الى لبنان».

وقال: «هذا الموضوع محسوم نهائيا. وكل الاطراف في لبنان أكدت على ذلك. وسورية تعلم جيدا ان المناخات الدولية غير مؤاتية كليا لأي عمل سوري داخل الاراضي اللبنانية. لكن المطلوب ان يكون هناك تنسيق امني مشترك بين القوات السورية واللبنانية لضبط الحدود، بحيث ينتشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية التي يجب أن تجهز بكاميرات مراقبة وأجهزة إنذار». واعتبر «ان ضبط الحدود يجب الا يؤدي إلى منع تهريب البضائع فحسب، بل إلى منع الدخول غير الشرعي للمسلحين والأسلحة والمتفجرات على أنواعها».

أما النائب هادي حبيش (تيار المستقبل) فعلق على حادثة إلقاء القنبلة فجر أمس بين جبل محسن وباب التبانة، معتبرا «ان ما يحصل يؤكد ان هناك من هو متضرر من المصالحات التي تجري ومن الاستقرار في لبنان». ولفت الى «ان النظام السوري يطرح حجة وجود متطرفين في الشمال لمعاودة الدخول الى لبنان. ومن هذا المنطلق سنرى الكثير من الأعمال التخريبية والأمنية لإظهار أن الوضع الأمني في الشمال غير مضبوط، وبالتالي يشكل خطراً على سورية».

وعن مطالبة سورية بالتنسيق الامني مع لبنان، قال: «ليست هناك مشكلة في التنسيق الامني بين البلدين اذا كان الهدف حماية الحدود فعلا». لكنه حذر من «ان يكون هذا الطلب لاظهار ان هناك ضبطاً للحدود في وقت يستمر النظام السوري بارسال السلاح والمسلحين الى الداخل. وهذا ما نعتبره امرا مرفوضا». وسأل عن «فحوى الخطة التي يعتمدها النظام السوري من خلال نشر قواته الخاصة على الحدود الشمالية مع لبنان تحت شعار منع التهريب، في حين هناك حدود اخرى تربط لبنان بسورية ولم نشهد اي انتشار عليها» لافتا الى ان «هذا النظام (السوري) يحاول اظهار الشمال بؤرة للقاعدة، في حين ان الحادثة الوحيدة التي وقعت في الشمال هي معركة نهر البارد التي اصبح معلوما للجميع من يقف خلفها ومن مولها وسلحها».

وكان حبيش قال، عقب لقائه امس رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، ردا على سؤال عن الانتشار العسكري السوري الكثيف على حدود لبنان الشمالية: «وفقا لكلام للقيادات العسكرية في لبنان فان هناك تنسيقا (مع السوريين). فاذا كان هذا الكلام صحيحا فلا مشكلة، اذ نحن في الأساس طالبنا بضبط الحدود بين لبنان وسورية وبنشر قوات مسلحة... وفي حال كانت سورية تنشر الجيش السوري لضبط الحدود فنحن نرحب بذلك. اما اذا كانت لهذه الخطوة خلفيات اخرى يصبح هذا الموضوع بحاجة الى بحث آخر. واذا كان ـ كما يشاع ـ من اجل عمليات معينة في لبنان، فهذا امر غير وارد. وكلنا يعرف ان الجيش السوري دخل الى لبنان بقرار دولي وخرج منه ايضا بقرار دولي. وان دخوله مرة أخرى يحتاج الى قرار دولي. وهذا الامر غير وارد على الاطلاق».

ورد عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة على تصريحات الرئيس السوري ببيان جاء فيه: «مرة جديدة يستعيد الرئيس السوري بعضا من أحلامه بالعودة المظفرة إلى لبنان لإنقاذه من شبح الأصولية التي يروج لها. ولقد أصبح هذا الوهم كبيرا حتى صدقه مطلقوه أنفسهم. وهم يؤسسون عليه من اجل استعادة مجدهم الغابر. كما صدقه بعض ساسة لبنان من مخلفات تلك الوصاية وأبواقها السياسية والإعلامية من باب الأمنيات التي يأملون أن تعيد إليهم حضورهم الذي افتقدوه في غياب الحماية التي كانت تؤمنها لهم تلك الوصاية. ونحن نعرف وهم يعرفون أن حملة التهويل التي يمارسونها بتسريب أخبار عودة الجيش السوري إلى لبنان، ليست سوى محاولة لتخويف الناس والضغط عليهم وترويعهم. ونحن وهم يعرفون أنهم لا يستطيعون ولن يستطيعوا الدخول ولو ميللمترا واحدا في لبنان، وان الزمن قد تغير». واضاف: «إن الحملة التي تديرها أجهزة المخابرات السورية بالتعاون مع أتباعها في لبنان من اجل تصوير طرابلس على أنها معقل للتطرف وقاعدة لتنظيم القاعدة أو كأنها قندهار أفغانستان، هي حملة مفضوحة الأهداف والمرامي. وهي حملة اقل ما يقال فيها أنها كاذبة ومضللة للرأي العام العالمي من اجل تحريضه ضد المدينة وأهلها انتقاما منهم لمواقفهم الوطنية الصلبة وتمسكهم بانتمائهم الوطني وبالحرية والسيادة والاستقلال».

وفي الاطار نفسه، قال أمس وزير الدولة وائل أبو فاعور تعليقاً على مطالبة سورية بتنسيق أمني لبناني ـ سوري مشترك على الحدود: «يبدو ان مسار المصالحة الداخلي الذي يحصل في لبنان يثير غيظ الكثيرين. وبالتالي هناك بعض محاولات التشويش على المصالحة تأتي من أطراف إقليمية، كمثل القول ان الشمال منطقة باتت خطرا على سورية، أو أن المطلوب تشكيل لجان أمنية. هذا الكلام بقدر ما يستهدف المصالحات ومسار المصالحة الداخلي في لبنان، يثير الشكوك حول دور ما لبعض الأنظمة الإقليمية في ما يحصل من تفجيرات في سورية وفي لبنان».