الرئيس السوداني يحذر في قمة أكرا: المنطقة ستواجه كارثة في حال صدور قرار التوقيف

واشنطن تهدد باستخدام الفيتو في مجلس الأمن إذا صوت على تجميد قرار المحكمة الجنائية

الرئيس السوداني عمر البشير (يسار) مع نظيره الغاني جون كوفود خلال افتتاح القمة الأفريقية الكاريبية في أكرا (رويترز)
TT

اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير امس من العاصمة الغانية اكرا التي يشارك في افتتاح اجتماع زعماء المجموعة الافريقية الباسيفيكية الكاريبية، ان توجيه اتهامات اليه بارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، سيؤدي الى خروج محادثات السلام في دارفور عن مسارها، وقد يؤدي الى كارثة في المنطقة كلها. في وقت كشفت فيه مصادر في الامم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، ان الولايات المتحدة قد تستخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن الدولي في حال تصويته على تجميد مذكرة مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو بتوقيف البشير. وكان أوكامبو قد طلب من قضاة المحكمة الجنائية في يوليو (تموز) اصدار مذكرة توقيف بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم إبادة. وقال البشير في كلمة ان توجيه الاتهامات اليه يعوق محادثات السلام في دارفور، لانه يبعث برسائل سالبة الى حركات التمرد في المنطقة للابتعاد عن طاولة المفاوضات. وجاءت تصريحات البشير في العاصمة الغانية وفي مراسم افتتاح اجتماع زعماء مجموعة دول افريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ التي يتولى البشير حاليا رئاستها الدورية. وقال الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ان خطوات توجيه اتهامات للبشير قد تعطل عملية السلام كما عبرت الصين الحليف المقرب للسودان المنتج للنفط عن قلقها أيضا من محاولة جعل البشير يمثل أمام المحكمة، وتتمسك كل من روندا، ومالي، والجزائر والغابون بشدة ضد توقيف الرئيس السوداني. وقال البشير ان «خطوة كبير ممثلي الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لها دوافع سياسية»، وأضاف إنها تهدد أيضا «التحول الديمقراطي في السودان الذي استعدت الأحزاب السياسية فيه للانتخابات العام المقبل، وسيكون لها تأثير يصل الى حد الكارثة على الاستقرار في المنطقة كلها». وتأتي التصريحات بعد يومين من اول جلسة استماع عقدتها الغرفة الاولى من المحكمة الجنائية في لاهاي حول القضية.

وعلى الرغم من مصادقة غانا على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية قال مصدر حكومي قبل زيارة البشير انه من غير المُحتمل أن تعتقل غانا الرئيس السوداني أثناء وجوده فيها حتى ان أصدرت المحكمة مُذكرة اعتقال بحقه. من ناحية أخرى، كشفت مصادر في الامم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، عن ان واشنطن قد تستخدم حق الفيتو اذا صوت اعضاء مجلس الامن الدولي على قرار بتجميد مذكرة التوقيف بحق البشير، في حال مصادقة المحكمة الجنائية الدولية عليها. وقالت ان الادارة الاميركية تدرس عدداً من السيناريوهات والخيارات لتقديمها للرئيس الاميركي الجديد بعد الانتخابات التي سيتم اجرؤها الشهر المقبل لتصبح خطة عمل لمواجهة اية مستجدات يمكن ان تحدث في الخرطوم في حال صدور قرار بتوقيف البشير.

من جهة ثانية حذر المدير العام لمركز السودان العالمي لحقوق الإنسان حافظ عبد الرسول، من خطورة تأثير الاتهامات الموجهة من رئيس الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، ضد الرئيس السوداني. وأشار عبد الرسول، على خلفية زيارات قام بها لدارفور، إلى أنه بمجرد إصدار القرار المشار إليه، فان كل الميليشيات في دارفور ستصبح على أهبة الاستعداد لإشعال الحرب في دارفور، لأنهم يعتقدون أن تدخل أوكامبو يؤدي لحماية أعراق بعينها ضد آخرين خاصة أن القرار ذكر قبائل بعينها عندما تحدث عن الزغاوة والمساليت والفور، وهذه القبائل ذات أصول أفريقية. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» قال عبد الرسول الذي شارك في تحرير مذكرة تفند اتهامات أوكامبو، وموجهة من الحكومة السودانية للجامعة العربية: سلّم رجال القانون السوداني مذكرة إلى جامعة الدول العربية يتجاوز عدد صفحاتها المائتي صفحة تتضمن مخالفات مذكرة أوكامبو للقانون الدولي. وانتقد الحقوقي السوداني ما قال إنه تدخل أميركي في أعمال المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الدولي، متوقعا أن تُعيد المحكمة مذكرة أوكامبو إلى مجلس الأمن لاتخاذ التدابير المناسبة. وأضاف أن القرار أصدرته وزارة الخارجية الأميركية قبل يوم واحد من إعلان أوكامبو عنه، ولا يوجد في نظام المحكمة الجنائية أية مادة تفوض أميركا لأن تصدر القرار نيابة عن المحكمة، وهذا يفقد المحكمة الجنائية الدولية مصداقيتها. وقال عبد الرسول إنه كرجل قانون يرى أن قرار رئيس الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير، قرار سياسي. وتابع قائلاً إن «القضاء الداخلي للدول هو الذي يتولى موضوع المحاكمة، والمحكمة الجنائية ولايتها تكميلية عندما يعجز القضاء الداخلي وترفض الدول محاكمة المتهمين»، وأضاف أن «السودان ليس طرفا في نظام المحكمة ولم تصادق على الاتفاقية». وعما إذا كان يتوقع تجميد قرار المدعي العام أو سحبه قال الحقوقي السوداني: «لا مناص من ذلك لأن المجتمع الدولي في موقف حرج للغاية والمحكمة الدولية نفسها سوف ترد في نهاية المطاف هذا القرار إلى مجلس الأمن لتقول للمجلس إن السودان رفض التعاون معه وعليه اتخاذ التدابير المناسبة.. ولا أتصور أن المجلس يجيز استخدام القوة الجبرية مع السودان خاصة بعد فشل تجربة القوة في العراق، ولذلك أتوقع تجاوب المجتمع الدولي مع السودان وتمكين الولاية للقضاء الداخلي».