باريس: السلطات السورية لم تطلعنا مسبقا على قرار الانتشار العسكري على حدود لبنان

وفد من 14 آذار يلتقي مسؤولين فرنسيين ويبحث الوضع على الحدود

صورة أرشيفية للحشود العسكرية السورية على حدود لبنان الشمالية
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية واسعة الاطلاع أن رئيس الحكومة فرنسوا فيون سيقوم برفقة وفد فرنسي كبير بزيارة رسمية الى لبنان في العشرين من الشهر المقبل للتأكيد على استمرار الدعم الفرنسي للبنان ولتوثيق التعاون والتنسيق في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنمائية.

جاء الكشف عن تاريخ الزيارة على خلفية الجدل الذي يدور في لبنان بسبب الانتشار العسكري السوري المكثف على الحدود اللبنانية الشمالية وتخوف جهات لبنانية وخارجية من أن يكون تمهيدا لعودة سورية عسكرية بشكل أو بآخر الى لبنان. ويقوم وفد من 14 مارس (آذار) يتشكل من النائبين مروان حمادة وسمير فرنجية ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون والمنسق العام لحركة 14 آذار فارس سعيد بزيارة من عدة أيام الى فرنسا. والتقى الوفد أمس وزير الخارجية برنار كوشنير كما التقى سابقا مسؤولين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب وعمدة باريس الاشتراكي برتراند دولانويه. ويلتقي الوفد اليوم على مأدبة غداء مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية باتريس باولي ومعاونيه. وفيما قال كوشنير ليل أول من أمس على هامش تدشين المقر الجديد لمركز استقبال الصحافة الأجنبية إنه «غير قلق» من الانتشار العسكري السوري ولكنه بالمقابل «ينتابه القلق» إزاء تواجد مجموعات أصولية متطرفة شمال لبنان، أكدت المصادر الفرنسية أن السلطات السورية «لم تطلع باريس مسبقا ولم تشاورها ولم تسألها رأيها» بالانتشار. وشككت باريس بالأرقام المتداولة والتي تتحدث عن 10 الى 12 ألف رجل من القوات الخاصة وكشفت أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان كان «على علم» بالخطط السورية. وأكدت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» أنها «لا تعتقد للحظة واحدة أن للسوريين رغبة بالعودة عسكريا الى لبنان» وأنهم إذا كانوا ساعين للمحافظة على نفوذهم في لبنان فإن «لديهم وسائل مختلفة للوصول الى مبتغاهم». وجددت هذه المصادر القول إن «لا فرنسا ولا أية جهة أخرى تقبل بإيكال دور أمني أو سياسي لسورية في لبنان تحت أية حجة كانت» لا بل إن المجموعة الدولية «متمسكة بقرارات مجلس الأمن ولا تريد ان تعود عقارب الساعة الى الوراء» في لبنان. وفي أي حال، ترى باريس أن تصرفا سوريا مخالفا من شأنه أن «يقضي آليا على كل المكاسب السياسية التي حققتها سورية لجهة كسر عزلتها السياسية والدبلوماسية بما في ذلك الانفتاح الفرنسي عليها».

وكشفت هذه المصادر أن باريس «تنتظر من سورية أن تفي بالوعد الذي قطعته بإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وتبادل فتح السفارات قبل نهاية العام الحالي» وهو «ما يتمسك به الرئيس ساركوزي شخصيا». أما المطالب الأخرى التي تحرص عليها باريس فهي الرقابة على الحدود ومنع تهريب السلاح وترسيم الحدود غير المرسمة وإعادة النظر بعدد من بنود معاهدة الأخوة والتنسيق اللبنانية ـ السورية.

وتعليقا على مطالبة سورية بإبرام اتفاق للتعاون الأمني بين لبنان وسورية قالت المصادر الفرنسية إن باريس «لا تخبذ اتقاقا في إطار معاهدة الأخوة والتنسيق بل تعاونا أمنيا بين الجانبين وبين الأجهزة المعنية». وأشادت المصادر الفرنسية بالرئيس ميشال سليمان الذي «أظهر انه رجل دولة وليس رجل سورية» منوهة بتمسكه بـ«خط استقلالي وسيادي» وبـ«حنكته السياسية رغم أنه رجل عسكري» وبالتزامه «مسافة واحدة من الجميع» مضيفة أنه «مرحب به في باريس عندما يشاء». وتشدد باريس على أهمية استمرار التطبيع بين بيروت ودمشق وتفادي أن «تراوح» العملية مكانها. وردا على من يقول إن باريس «تناست» موضوع مزارع شبعا التي ينص عليها القرار 1701، تؤكد المصادر الفرنسية العكس وتشير الى أنها بحثت على «أعلى مستوى» في لقاءات ساركوزي مع الأسد وسليمان والأمين العام للأمم المتحدة والأطراف المعنية. غير أن الوزير كوشنير قال إنه «يستبعد» أن يبحث الموضوع مع المسؤولين الإسرائيليين في زيارته اليها بسبب «الوضع السياسي» الإسرائيلي ومخاض تشكيل الحكومة.

بالمقابل، حث الوزير الفرنسي على متابعة الحوار الوطني والمصالحات السياسية ودعم رئيس الجمهورية والتمسك بانتخابات تشريعية شفافة ونزيهة. وترى فرنسا وبعكس ما يروج البعض أن الانتخابات «غير محسومة سلفا» وبالتالي يتعين خوضها بروح ديمقراطية. وتعتبر فرنسا اليوم أن مصلحة لبنان هي في «التطبيع» مع سورية دون التنازل شعرة واحدة عن استقلاله وسيادته. وكان كوشنير اعرب عن «تفاؤله» من تطور الوضع في لبنان قياسا لما كان عليه قبل اشهر. لكنه عبر عن «قلقه» من استمرار تدفق السلاح عبر الحدود ومنبها من المخاطر المترتبة على التفجيرات التي تستهدفه. وتربط باريس بينها وبين المجموعات الأصولية وترى أنها من رواسب الحرب على منظمة فتح الإسلام التي هزمها الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد.