أوساط سياسية في محافظات الجنوب: أهداف انتخابية وراء تشكيل مجالس الإسناد

مسؤول جبهة الحوار الوطني في البصرة: إنها محاولة لعسكرة المجتمع

TT

اتهمت اوساط سياسية وبرلمانية وعشائرية في محافظات جنوب العراق نوري المالكي رئيس الوزراء بتسخير امكانيات حكومته في تشكيل ودعم  مجالس الاسناد في محافظات الجنوب والوسط  في تسابق محموم بين كتل الائتلاف الحاكم استعدادا لانتخابات مجالس المحافظات المؤمل إجراؤها بنهاية يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويرى بعض هذه الاوساط ان تشكيل مجالس الاسناد العشائري يأتي في اطار خلق قاعدة لحزب الدعوة الاسلامي بزعامة المالكي، فيما يرى اخرون ان الوضع الامني مستتب في المحافظات الجنوبية بفضل الاجهزة الامنية ولا تحتاج الى ايجاد تشكيلات اضافية جديدة يمكن ان تكون مشكلة في المستقبل لأنها تتطلب عناية واهتمام وتواصل كما هو الحال في تشكيلات مجالس الصحوة. وقال المحامي طارق البريسم مسؤول الحزب الوطني الديمقراطي في البصرة لـ«الشرق الأوسط» ان انفاق المال العام «على تقوية الجوانب المهنية للاجهزة الامنية اكثر جدوى من تأسيس مجالس لا طائلة من ورائها غير السباق في مضمار الانتخابات ومنها مجالس الاسناد».

واضاف «ان هذه المجالس اثارت حفيظة بعض اطراف العملية السياسية ومنها المجلس الاسلامي الاعلى، وكونها اضافت عبئا جديدا على الدولة»، مشيرا الى ان «هذه المجالس غير مؤثرة ولا مجدية في الجانب الامني الذي تقوده قيادة عمليات في كل محافظة». من جهته، يرى عوض العبدان مسؤول جبهة الحوار الوطني في البصرة انه «حتى لو سلمنا بادعاءات الحكومة ان هذه المجالس تهدف الى فرض الامن، فهذا يعني السعي الى عسكرة المجتمع، حيث تشير مصادر حكومية ان لكل ثلاثين مواطنا عسكريا واحدا، في الوقت الذي فيه مدرس او معلم واحد لكل خمسين طالبا، وطبيب واحد لكل الف وخمسمائة مواطن، وسرير طبي لكل الف مواطن..»، وقال «ان لجوء ابراهيم  الجعفري الذي يعد احد قادة حزب الدعوة الاسلامي الى الانفصال عن الحزب وتشكيل تيار الاصلاح الذي انتشر في المحافظات الشيعية دفع  حزب الدعوة الى ايجاد مجالس الاسناد العشائري لتكوين قاعدة انتخابية له تحت غطاء الدولة». وتساءل «اذا كانت هذه المجالس تهدف الى تعزيز الدعم الشعبي للحكومة فلماذا اقتصر تشكيلها في المحافظات الشيعية؟».

الا أن ماجد علي عسكر مسؤول حزب الدعوة في محافظة الكوت نفى وقوف الحزب وراء تشكيل هذه المجالس، مؤكدا أنها من شأن الدولة، وجاءت من أجل مصلحة البلاد. وقال «ليست لحزب الدعوة علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالمشاريع التي تتبناها الدولة. وهناك الكثير من الناس أو بعض الأطراف ممكن أن تتضرر من هذا الموضوع لأنها كانت تعول على العشائر لجانبها الحزبي أو الشخصي أو الفئوي، ولكن عندما تؤطر بإطار الدولة، فهذا يعني أن الدولة هي القائمة لاحتضان واستقطاب هذه العناصر الفاعلة. بالمقابل، هنالك استقطابات من خارج العراق بالعنوان القومي لبعض شيوخ القبائل والعشائر، وهذا يعني لتفتيت الوحدة العراقية فعندما تجمع الدولة عشائر العراق تحت راية الدولة، هذا دليل قوة وليس دليل ضعف». ويرى عزيز كاظم علوان محافظ الناصرية إن «تشكيل مجالس الإسناد وفق السياقات الحالية مخالفة صريحة للقوانين وتجاهل وتهميش للسلطة المحلية». وأشار إلى ان «تشكيل مجالس الإسناد في المحافظة يدخل في صلب عمل السلطة المحلية وليس خارجها»، متسائلا «كيف يمكن تشكيل مجالس لإسناد الحكومة من دون علم الحكومة المحلية والتنسيق معها؟». وشكك رياض ماهود محافظ العمارة السابق بالطريقة التي شكلت فيها حكومة المالكي مجالس الاسناد بالمحافظات وقال «كان ينبغي تشكيل هيئة تحضيرية لمثل هذا المشروع يجرى بعدها عقد مؤتمر لشيوخ العشائر تعرض فيه الاهداف والمبادئ ومن ثمة اجراء انتخابات للادارة»، واضاف «اعتمدت الحكومة على اشخاص من شيوخ العشائر في تشكيلها للمجالس كما يفعل النظام السابق». واوضح ماهود «ان كلمة اسناد تحمل المعنى العسكري قد اضيفت الى العشائر وهي بعيدة عنه، وينبغي على الحكومة ان تبقي مفهوم العشائر ودورها الاجتماعي عما معروف عنها وعدم زجها في مسميات، لها اهداف سياسية غير مجدية». من جهته، قال الشيخ صباح الرميض رئيس مجلس العشائر في الناصرية ان هناك امورا كثيرة يجب مراعاتها قبل ان تشكل الحكومة مجالس الاسناد «فنحن لدينا مجلس يضم رؤساء العشائر يعمل جنبا الى جنب مع سلطة القانون ومع حكومة رئيس الوزراء». واضاف الرميض ان هناك حشدا عشائريا في المحافظة لانهاء النزاعات والخلافات والحفاظ على ديمومة الامن والاستقرار، مؤكدا «ان مجالس الاسناد محاولة لتهميش دور بعض العشائر، وهو امر مرفوض». وأكد علي الأديب القيادي في حزب الدعوة الإسلامية وجود دوافع انتخابية وراء رفض المجلس الأعلى الإسلامي في العراق تشكيل مجالس الإسناد العشائرية في بعض محافظات وسط العراق. ودعا المجلس الأعلى الإسلامي إلى مراجعة مواقفه بخصوص مجالس الإسناد العشائرية التي أسسها حزب الدعوة في بعض المحافظات العراقية بقوله «التحسس الأخير يبدو أنه مرتبط بشكل من الأشكال بالمناخ الانتخابي. وأعتقد أن الإخوة في المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، فسروا تشكيل مجالس الإسناد، بأنه خطوة لمصلحة حزب وليس للدولة، وأرجو من المجلس الأعلى أن يتجاوز الخلاف مع حزب الدعوة لأنهما ركنان أساسيان في الائتلاف العراقي الموحد».