الصومال: مفاوضات مع القراصنة للإفراج عن السفينة الأوكرانية والحكومة تسمح للقوات البحرية الأجنبية بالتدخل

تقرير مؤسسة «شاتام هاوس» للدراسات يحذر من انعكاسات القرصنة على التجارة العالمية

TT

يجرى القراصنة الصوماليون الذين يحتجزون سفينة شحن اوكرانية محملة بالاسلحة، كانوا قد اختطفوها مفاوضات بدون ان يتخلوا عن مطلبهم الحصول على فدية تبلغ عشرين مليون دولار للافراج عن السفينة التي لقيَّ خطفها دعم الاسلاميين المتطرفين، في حين حذرَ تقرير صادر عن مركز دراسات «شاتام هاوس» في بريطانيا من خطر ظاهرة القرصنة في خليج عدن، قائلا انه يتسبب في أعباءٍ كبيرةٍ على التجارة العالمية. وقال المتحدث باسم القراصنة، سوغولي علي، في اتصال هاتفي من السفينة لوكالة الصحافة الفرنسية «نفاوض مالك السفينة (فاينا) والمفاوضات تتجه الى مخرج ايجابي لكن لم يتم التوصل الى شيء نهائي حتى الآن».

واضافَ أن «مالكي السفينة يعرفون منذ البداية اننا نطلب عشرين مليون دولار»، مؤكدا ان «القراصنة الحقيقيين هم الذين ينقلون الاسلحة في المياه الصومالية ويستحقون دفع غرامة على ذلك».

وعبر «الشباب»، المجاهدون الاسلاميون المتطرفون في الصومال للمرة الاولى امس عن دعمهم لمهاجمة سفينة الشحن، لكنهم نفوا في الوقت نفسه اي اتصال مع القراصنة. وقال المتحدث باسم المجاهدين الشيخ مختار روبو في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية ان «خطف السفن التجارية جريمة لكن هذا لا ينطبق على السفن التي تنقل اسلحة لأعداء الله».

واضاف «نعتقد ان الشحنة تعود الى اثيوبيا»، موضحاً ان القراصنة «اذا لم يحصلوا على المال الذي يطلبونه فعليهم احراق سفينة الشحن وحمولتها واغراقها».

من جانبها، أذنت الحكومة الصومالية للقوات البحرية التابعة للدول الكبرى باستخدام القوة ضد القراصنة الذين يحتجزون السفينة الأوكرانية. وقال محمد جامع مدير عام وزارة الخارجية الصومالية «نسمح للبحرية الدولية بدخول المياه الاقليمية الصومالية واستخدام القوة ضد القراصنة شريطة التنسيق المسبق مع الحكومة الانتقالية»، مضيفاً ان «الحكومة مستعدة للعمل مع أي دولة لمكافحة القراصنة». ولا يزال عدد من السفن الحربية الأجنبية من بينها المدمرة الأميركية «يو اس اس هوارد» تحاصر السفينة الأوكرانية المحملة بالأسلحة قرب مرفأ هوبيو بوسط البلاد. من جانبها، حذرت مؤسسة «شاتام هاوس» العريقة للدراسات في لندن امس من ان التجارة العالمية تواجه تهديدا خطيرا يتمثل بالقرصنة قبالة السواحل الصومالية، اذا تم تغيير الطرق البحرية ولم تمنع المجموعة الدولية القراصنة من التحالف مع الارهابيين. وكتبت المؤسسة في تقرير «لم يعد القراصنة مجرد انتهازيين، فعملياتهم باتت أشد اتقانا وسيستمر تطورها في هذا الاتجاه اذا لم يتغير الرد على هجماتهم». وذكر المكتب البحري الدولي ان قراصنة صوماليين هاجموا حوالي ستين سفينة في خليج عدن والمحيط الهندي منذ يناير(كانون الثاني) 2008 مما يشكل تزايدا بمعدل اكثر من الضعف عن نسبة القرصنة السابقة. واضاف التقرير «اذا اصبحت كلفة التأمين باهظة واذا اصبح التهديد كبيرا جدا، فان شركات الملاحة يمكن ان تتجنب خليج عدن وتسلك الطريق الاطول عبر اوروبا واميركا الشمالية ورأس الرجاء الصالح» (جنوب افريقيا). واشار التقرير الى ان «ايام الملاحة الاضافية واستهلاك محروقات اكثر ستزيد كثيرا من كلفة نقل البضائع»، فيما تمارس اسعار النفط ضغوطا قوية على التجارة العالمية. ويتيح خليج عدن الوصول الى البحر الاحمر الذي يؤدي الى قناة السويس، ما يشكل واحدا من اهم طرق التجارة في العالم. وكشف التقرير ان «السيناريو الكارثي الاخر هو امكانية ان يصبح القراصنة عملاء للارهاب الدولي». واوضحت مؤسسة «شاتام هاوس» ان الفديات التي حصل عليها القراصنة تستخدم على الارجح لتأجيج الحرب الاهلية ومخصصة «للشباب» الذين يخوضون حربا شرسة منذ 2007 ضد الحكومة الصومالية. وبحسب التقرير، فان القرصنة في خليج عدن كلفوا شركات الشحن مبلغا يتراوح بين 18 و30 مليون دولار هذا العام دفعت على شكل فدى، وانها تهدد حركة التجارة الدولية. وجاء في التقرير «يتراوح أجمالي الفدى التي دفعت عام 2008 ربما بين 18 و30 مليون دولار. ان ارتفاع قيمة الفدى التي يطلبها القراصنة يجعل هذا العام الاكثر ربحا بالنسبة لهم على الاطلاق».وأضاف أن أقساط التأمين من المخاطر التي تعترض السفن زادت عشرة أمثال العام الحالي، وان شركات الشحن تفكر في تجنب خليج عدن واستخدام طريق أطول الى أوروبا وأميركا الشمالية حول رأس الرجاء الصالح.

من جانب اخر، طلب المجلس الإداري المؤقت لمحافظة العاصمة ـ الذي عينه الرئيس في التاسع من سبتمبر المنصرم ـ من الرئيس ورئيس الوزراء تمديد المهلة المحددة لانتخاب الإدارة الجديدة للعاصمة من 15 يوما إلي 6 شهور، لكن هذا الطلب لم يلق أيَّ ترحيب من قبل الرئيس ورئيس الوزراء، اذ رفض الرجلان بشدة تمديد مدة ستة شهور إضافية، وبدلا من ذلك سمح الرجلان للمجلس بمدة 10 أيام إضافية يتم من خلالها انتخاب إدارة جديدة لمحافظة العاصمة، لكن اللجنة هي الأخرى رفضت هذا التمديد القصير، وينتظر من الرئيس ورئيس الوزراء أن يتقدما باقتراحات جديدة حول الموضوع. وفي مقديشو، تعرض سوق الـ«بكارو» ـ أكبر أسواق العاصمة مقديشو ـ إلى قصف مدفعي من قبل القوات الأفريقية لحفظ السلام بالصومال. وجاء هذا القصف بعدما قصف مقاتلو تنظيم الشباب مطار العاصمة فور هبوط طائرة على مدرج المطار. وردت القوات الأفريقية في المطار بقصف مماثل. ولقي حوالي 10 أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب آخرون جراء هذا القصف، ونشب حريق كبير في بعض المستودعات في سوق البكارو بعد سقوط عدة قذائف ثقيلة على بعض المستودعات والمحلات التجارية. وتحول السوق إلي هدف لدبابات القوات الأوغندية والقوات الحكومية، اذ تقوم بقصفه كلما تعرض المطار للقصف أو تتعرض مواقعها للهجوم.

كذلك، بدأت القوات الأفريقية لحفظ السلام معززة بقوات حكومية صباح امس الانتشار في المناطق المحيطة بمطار العاصمة حيث مقر القوات الأفريقية، وشهدت منطقة «بُولو حُوبي» بجنوب العاصمة والقريبة من المطار حملات أمنية مكثفة نفذتها هذه القوات، بحثا عن أشخاص يشتبه في علاقتهم بالهجمات التي تتعرض لها مواقع القوات الافريقية.

وشهدت مدينة بيداوة مقر البرلمان سلسلة من التفجيرات، فبعد انفجار أمس وقع آخر الليلة الماضية في المدينة. واستهدف دورية للشرطة، مسفرا عن وقوع قتلى وجرحى من بينهم أفراد من الشرطة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا التفجير. وفي حادث آخر في بيدواة، اغتال مسلحون مجهولون أحد عناصر شرطة الضرائب في المدينة، وجاء اغتياله بعد ما هاجمه مسلحون ملثمون، وهو في أحد مقاهي المدينة، مطلقين الرصاص عليه، ثم لاذوا بالفرار.

بينما أكد وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، أمس أن التصدي للقرصنة بالسواحل الصومالية يتطلب تعزيز قدرات حكومة مقديشيو، قال المتحدث الرسمي باسم هيئة قناة السويس محمود عبد الوهاب إن أعمال القرصنة هناك تستهدف سفناً ذات حمولات قليلة، تختلف عن السفن العملاقة المارة عبر قناة السويس، وبالتالي فنشاط القراصنة هناك لا يؤثر على القناة .

وأضاف عبد الوهاب «البعض يتحدث عن تزايد أعمال القرصنة منذ فترة ورغم ذلك فإن أعداد السفن المارة بقناة السويس في تزايد مستمر بلغت نسبته 7.7% في العدد، و10.7% في الحمولة».

وتابع أن الحديث عن أن أعمال القرصنة قد تؤدي إلى إغلاق قناة السويس مبالغ فيه للغاية، وأن أعداد السفن التي تم اختطافها تمثل نسبة ضئيلة للغاية من أعداد السفن التي تمر بالقناة سنويا والتي تتجاوز 21 ألف سفينة. وأضاف أن قناة السويس لديها إجراءات أمنية مشددة لمراقبة الملاحة بها وحمايتها.

وقال جلال الديب، عضو مجلس إدارة قناة السويس الأسبق، إن مؤتمرا عقد في اليمن في مطلع عام 2005 طالب بضرورة توفير حماية دولية بحرية بمنطقة القراصنة لمنع السطو على السفن.

وتعقيبا على تنامي ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية أكد وزير الخارجية المصري أمس أن الأسلوب الأمثل لمواجهة تلك الظاهرة يتمثل في تبني تدابير جماعية متفق عليها، وأن يتم التنسيق بين المبادرات المختلفة بشكل يضمن تعاون جميع الأطراف المهتمة بمكافحة تلك الظاهرة، وأن توضع الضمانات الكافية التي تكفل شرعية وقانونية جهود مكافحة القرصنة، لافتا إلى العلاقة الوثيقة بين تنامي ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية وتطورات الأوضاع السياسية في الصومال بشكل عام، موضحا أن التسوية السليمة السريعة للأزمة الصومالية هي الضمان الوحيد لعودة استقرار الأوضاع هناك، وتعزيز قدرات الحكومة الصومالية في ضبط سواحلها، وإزالة الأسباب الحقيقية وراء تنامي تلك الظاهرة .