استئناف رحلات السفاري جنوب غربي مصر وغالبيتها يتجه لمناطق الوسط

سياح غربيون ينظفون «الصحراء البيضاء»

سائحان يجمعان القمامة ضمن رحلة سفاري بالرمال البيضاء جنوب غربي مصر («الشرق الأوسط»)
TT

استأنف مئات السياح الغربيين من رواد رحلات السفاري في جنوب غربي مصر، رحلاتهم مجدداً، بحصولهم على تصاريح من السلطات بالتحرك داخل الصحراء الغربية، بعد أن توقفت لوقت قصير، بسبب عملية خطف 1911 سائحا و8 مرافقين مصريين، قبل أن يخلي الخاطفون الأفارقة سراحهم يوم الأحد الماضي. لكن مصادر مصرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الرحلات الجديدة تحمل تصاريح بمسارات مختلفة عن منطقة الجلف التي قصدها السياح الذين تعرضوا للاختطاف. وأشارت المصادر إلى أن المسارات الجديدة تضم منطقة بحر الرمال والعيون والواحات في المنقطة الوسطى من الصحراء.

وفضَّل عدد من السياح الغربيين، خلال اليومين الماضيين، الانخراط في العمل في تنظيف الكثبان الرملية والصخور الجيرية شديدة البياض، من مخلفات رحلات سفاري سابقة، في مناطق مختلفة من الصحراء. والتقت «الشرق الأوسط» عدداً من أولئك السياح، إذ قال رجل بلجيكي اسمه جي جيه، ويعمل نقاشاً، إنه كان من المفترض أن يتوجه في رحلة سفاري إلى منطقة الجلف، إلا أنه بعد واقعة الاختطاف الأخيرة، فضّل التخييم مع زملاء له، في الصحراء وجمع مخلفات تركها سياح ومرافقوهم أثناء تخييمهم هناك في أوقات سابقة.

وأضاف أنه صديق لجمعية تسمى «جمعية محبي الصحراء» مقرها واحة الباويطي (450 كيلومترا جنوب غربي القاهرة) منذ أكثر من سنة. وينطلق جيه، ورفاقه بعد أن يتناولوا الإفطار في الساعة السادسة من صباح كل يوم, حاملين معدات بسيطة لجمع القمامة، منها «كيس وشوكة». ويمسك أحد زملائه بالكيس، في ما هو يضع فيه ما يجده من ورق أو غيره من آثار زوار الصحراء.

وفي لقاء مع نائب رئيس الجمعية الغريبة من نوعها في مصر، قال إمام فوزي، لـ«الشرق الأوسط» إن أصدقاء الجمعية يأتون على نفقتهم الخاصة من العديد من الدول الأوروبية، وبدأوا هذه الأيام استئناف نشاطهم في منطقة تبعد عن القاهرة من ناحية الجنوب الغربي بمسافات تتراوح بين 500 ـ 1000 كيلومتر. وأضاف أن الأشياء التي يعثرون عليها في الصحراء عبارة عن ورق تواليت وعلب مياه غازية فارغة وأعقاب سجائر وبقايا حطب محترق، مشيراً إلى أنه بعد جمع المخلفات يبدأ السياح رحلة بالسيارات تصل الى 30 وأحيانا 90 كيلومترا، لإلقائها في أقرب مكب عمومي للقمامة، وأن حصيلة ما جمع من القمامة خلال اليومين الماضيين، في منطقة الرمال البيضاء المتاخمة لمحافظة الوادي الجديد التي يوجد بها جبل العوينات، القيت في مكب العمومي بواحة الفرافرة تبعد مسافة 40 كيلومترا.

وقال إن غالبية من يلقي بتلك الأشياء في الصحراء الخالية من أي تلوث، هم مرشدون سياحيون محليون وغالبيتهم من حديثي العهد بالصحراء، مشيراً إلى أن الجمعية التي تأسست بترخيص من مديرية الشؤون الاجتماعية، قبل ثلاث سنوات، ينتمي مؤسسوها للواحات البحرية جنوب غربي مصر، ولها أصدقاء من عشر دول أوروبية.. وأوضح أن مهمة الجمعية الحفاظ على الصحراء من التلوث، وتعليم المرشدين السياحيين والأدلاء عدم إيذاء الأراضي البكر الخالية من السكان ومن المياه، إذ يُعتقد أن آخر آثار للحياة هناك تعود إلى نحو 10 آلاف عام مضت. وأضاف إمام فوزي الذي يعمل، إضافة لموقعه في الجمعية، كدليل رحلات سفاري في جنوب غربي الصحراء المصرية إنه حصل على تصريح برحلة جديدة سوف تنطلق غدا بـ13 سائحا بلجيكيا إلى بحر الرمال، ومنه إلى واحتي سيوة والقارّة، ومنطقة تسمى البحرين، وهي عبارة عن جزيرتي مياه صغيرتين في الصحراء الواقعة بين سيوة والباويطي بالواحات البحرية. من جانب آخر، ولليوم الثالث على التوالي، واصل العشرات من المصريين والأجانب أمس في قرية طبل آمون بمنطقة الحيز التابعة للواحات البحرية، احتفالهم بعودة السائق عبد الرحيم رجب سعيد، من محنة الاختطاف.

وقال والده لـ«الشرق الأوسط»: «الدنيا كلها في بيتنا هذه الأيام تحتفل بعودته سالما.. كل الشكر للناس الطيبين الذين أنقذوا الرهائن». في ما كشف السائق سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، عن معلومات جديدة تتعلق بالخاطفين، قائلاً إنهم كانوا يأتون لنا بسجائر مصرية، لكن من تلك التي تصدرها مصر للخارج، لأنه كان مكتوبا عليها صنع بمصر ومعدة للتصدير.. وأحضروا لنا أيضاً مياها غازية من ماركة «سعادة» المصنوعة في ليبيا». وأضاف أن المسافة التي كانت تستغرقها سياراتهم للحصول على المؤن والعودة إلى موقع تجمعهم كانت تستغرق من ساعتين إلى ثلاث ساعات»، مشيراً إلى أن ما فهمه خلال اختطافه، أن الخاطفين معروفون لمهربي السلع بين الحدود الليبية السودانية المتاخمة لجبل عوينات، وأن لهم علاقة وتنسيقاً مع أولئك المهربين.. «المهربون يمثلون سوبر ماركت ضخم ومتحرك للمسلحين الذين خطفونا.. هم (المهربون) الذين يمدونهم بالطعام والشراب والوقود».