أزمة الحكم في إسرائيل تولد صعوبات أمام مؤتمر «أنابوليس 2»

تسعى واشنطن الى عقده في شرم الشيخ الشهر المقبل

TT

أفادت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، ان مؤتمر «انابوليس 2» المقرر عقده في شرم الشيخ المصرية لتلخيص مفاوضات السلام بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، يواجه مصاعب بسبب أزمة الحكم الاسرائيلية. وان هذه المصاعب تهدد بتأجيل المؤتمر أو التقليل من أهميته. فمن المفترض أن يعقد المؤتمر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل اي في الذكرى الاولى لمؤتمر انابوليس الذي عقد في ولاية ميريلاند الاميركية، ولا يعرف في حينها من سيكون ممثلا لاسرائيل فيه، حيث انه من غير المعروف من الذي سيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي ومن سيكون وزيرا للخارجية. فإذا لم تنجح تسيبي ليفني في تشكيل حكومة والمصادقة عليها في الكنيست، فإنها ستكون منغمسة في العمل على تشكيلها. ولن تستطيع المشاركة فيه. وفي هذه الحالة، يكون ايهود أولمرت رئيساً للوزراء، ولكن صلاحياته محدودة بفعل المعارضة السياسية والحزبية القوية له. وهو في الأصل مختلف مع ليفني في شكل وعمق التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين. وإن كانت قد نجحت في تشكيل الحكومة، فمن المتوقع ان يتسلم منصب وزير الخارجية في حكومتها شاؤول موفاز، وهو الذي يعارض إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين ويعتبرها مضيعة للوقت.

وكانت أوساط اسرائيلية قد كشفت، صباح أمس، ان الادارة الأميركية تسعى لدعوة كل الشركاء في مؤتمر أنابوليس الاول، الى مؤتمر جديد يتم فيه تلخيص هذا المسار التفاوضي. وقالت هذه المصادر ان المؤتمر جاء كحل وسط ما بين اقتراح وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، وبين مواقف اسرائيل والسلطة الفلسطينية. فالوزيرة رايس أرادت أن يتوصل الفلسطينيون والاسرائيليون الى صياغة اتفاق على الأمور التي تمكنوا من تسويتها في قضايا الصراع بينهما، ولكن الفلسطينيين والاسرائيليين رفضوا الاقتراح، فقال الاسرائيليون ان صياغة مثل هذا الاتفاق الجزئي سيؤدي الى تشدد في المواقف التي لم يتفق عليها، فيما قال الفلسطينيون انهم يرفضون أيَّ اتفاقٍ جزئيٍّ وان تجربة أوسلو برهنت على ان الاتفاقات الجزئية تتحول الى اتفاقات دائمة بسرعة. لذلك جاء الاقتراح بعقد مؤتمرٍ ثانٍ على نسق مؤتمر أنابوليس يعرض فيه الفلسطينيون والاسرائيليون تقريرا مشتركا يحددون فيه نقاط الاتفاق، بحيث لا تكون ملزمة مثل الاتفاقات الرسمية. واتفق على عقد المؤتمر في مصر (على الغالب في مدينة شرم الشيخ التي تعتبر مصيفا عالميا)، بحضور مصر والأردن (بصفتهما راعيين للمفاوضات) وفرنسا (بصفتها رئيسة للاتحاد الأوروبي) والرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). وهنا نشأت قضية الأزمة في اسرائيل ومن سيُمثلها في المؤتمر. وفي البداية، جرى الحديث عن عقد مؤتمر على مستوى وزراء الخارجية، ولكن انشغال ليفني بالمفاوضات مع الكتل البرلمانية حول تشكيل الحكومة القادمة فتح الباب أمام التخوفات من أن لا تستطيع حضور المؤتمر. وتقرر رفع مستوى الحضور، فنشأت قضية حول مكانة أولمرت ومغزى حضوره، فهو ليس فقط رئيس حكومة مستقيلاً، بل أيضا يحمل أفكارا مختلفة عن أفكار ليفني حيال المفاوضات.

فهو معنيٌّ بالتوصل الى اتفاق سلام كامل، ويتفق في ذلك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، وكلاهما يعتقد أن فرص التوصل الى اتفاق كهذا ممكنة، خصوصاً بعد تصريحات أولمرت الأخيرة، التي قال فيها إن على اسرائيل أن تنسحب من جميع المناطق المحتلة؛ بما في ذلك القدس الشرقية مع تعديلات حدودية طفيفة.

وقال أبو مازن، الليلة قبل الماضية، خلال لقاء مع رجال الدين الفلسطينيين إنه مع تصريحات أولمرت الأخيرة يمكن التوصل الى سلام كامل في غضون عشر دقائق. بيد ان ليفني تصر على الاستمرار في المفاوضات لأن الشعبين غير جاهزين بعد لاتفاق بالشكل الذي يتحدث عنه أولمرت وأبو مازن. وحسب مصادر إسرائيلية، فإن رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، أحمد قريع (أبو علاء)، يتفق مع ليفني في طرحها.

وكلاهما يؤيد تأجيل البت في القضايا الكبرى الى سنة 2009. فإذا حضر أولمرت المؤتمرَ سيكون مضطراً لأخذ موقف ليفني بالاعتبار، ولن يكون ممثلا لموقفه عندئذ.