قمة روسية ـ ألمانية: ميدفيديف ينتقد واشنطن.. وميركل تدعوه إلى تطبيق الاتفاقية حول جورجيا

أزمة طائرات بين الرئيس الأوكراني ورئيسة حكومته بعد سحبه طائرتها للتوجه إلى موسكو

TT

شهدت مدينة سان بطرسبورع أمس، قمة روسية ـ ألمانية جمعت بين الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، والمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل، في محاولة لتصويب العلاقات المتوترة بين البلدين على خلفية أزمة جورجيا. وسجل اللقاء تباينا في وجهات النظر حول الأزمة في القوقاز، وفيما شدد ميدفيديف على أن احدا لن يستطيع اعادة العالم الى عصور الحرب الباردة، كررت ميركل موقفها من أن رد فعل موسكو تجاه تبليسي لم يتسم بالتكافؤ، مؤكدة في الوقت نفسه حرصها على بناء علاقات جيدة مع روسيا. وتباحث الزعيمان في الأزمة المالية العالمية، وعلق الرئيس الروسي على الأمر قائلا ان «عهد الهيمنة الاقتصادية الاميركية قد ولّى»، وأن «العالم بحاجة الى نظام مالي جديد اكثر عدلا». وقال: «علينا العمل معا لاقامة نظام اقتصادي مالي جديد اكثر عدلا يقوم على مبادئ تعدد الاقطاب وسيادة القانون والأخذ بالمصالح المتبادلة». وأضاف في اشارة الى الولايات المتحدة «ان احداث الآونة الاخيرة، تؤكد ان أي بلد مهما كان قويا، غير قادر وحده على لعب دور الضابط الأكبر» للاقتصاد. نحن بكل بساطة بحاجة الى آليات جديدة للقرار الجماعي والمسؤولية الجماعية».

وصدرت هذه المواقف غداة تصريحات ادلى بها رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، واكد فيها أن الأزمة المالية العالمية ناتجة عن «عدم مسؤولية» النظام المالي الاميركي. ورفض البيت الأبيض هذه الانتقادات، وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية توني فراتو «لقد تعاطينا مع المشكلة وهي مشكلة معقدة ومتشعبة جدا، بأكبر قدر من الحزم. وهذا امر لا يمكن التشكيك فيه».

من جهتها، شددت ميركل على ضرورة إعادة بناء الثقة بين البلدين بعد أزمة القوقاز، ودعت الى تنفيذ خطة النقاط الست التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والروسي ميدفيديف، والتي تهدف لتسوية الصراع في جورجيا. وخيمت الازمة الجورجية على جلسة المشاورات الحكومية بين برلين وموسكو، ولهذا السبب تم تخفيض عدد أفراد الوفد المرافق لميركل هذا العام، مقارنة بالمرة السابقة. وتم ايضا تخفيض عدد أفراد الوفد الاقتصادي أيضا، مقارنة بآخر لقاء تم قبل عامين في تومسك بسيبيريا، كما تم اختصار مدة الجلسة من يومين إلى يوم واحد. وكان مصدر في الكرملين قد قال ان ميدفيديف سيركز في المحادثات مع ميركل على تنمية الروابط السياسية والاقتصادية، بما في ذلك المشروع الاكثر طموحا وهو خط أنابيب للغاز قيمته 4.7 مليار دولار لتوصيل الغاز من سيبيريا الى أوروبا تحت بحر البطليق. وألمانيا هي أكبر شريك تجاري لروسيا ومن المتوقع أن يبلغ حجم التعاملات التجارية بينهما هذا العام 60 مليار دولار. ولكن العلاقات تضررت بشدة، عندما أرسلت روسيا قوات الى جورجيا مما أثار ادانة كل الدول الغربية. وتقول روسيا وألمانيا ان خط الأنابيب سيزيد من امدادات الغاز الى أوروبا، وسيجعلها أقل اعتمادا على دول ترانزيت مثل أوكرانيا والتي يحتمل أن يثير التعامل معها بعض المشكلات.

الى ذلك، وصلت رئيسة الحكومة الاوكرانية يوليا تيموشينكو الى موسكو في زيارة عمل بـ«ضجة»، وثمة من وصفها بـ«الفضيحة» تمثلت في الاعلان عن ان السلطات الاوكرانية قررت سحب طائرتها التي كان من المفروض ان تقلها الى العاصمة الروسية. وقالت ان طائرة الرئيس الاوكراني فيكتور يوشينكو، هبطت في مطار بوريسبول في كييف، بسبب اعطاب فنية، ما اضطر سلطات المطار الى سحب طائرة رئيسة الحكومة يوليا تيموشينكو، لوضعها في خدمة رئيس الجمهورية، الذي سافر بدوره الى لفوف احدى كبريات المدن الاوكرانية، تاركا رئيسة حكومته في ارض المطار، لتبحث عن طائرة اخرى تقلها الى موسكو. واشار شهود عيان الى ان الغريمين يوشينكو وتيموشينكو لم يتبادلا التحية فيما قالت ايرينا فانيكوفا المتحدثة الرسمية باسم الرئيس الاوكراني، ان تيموشينكو لم تكلف نفسها عناء التقدم لإلقاء التحية على الرئيس وتعمدت التوجه مباشرة الى قاعة كبار الزوار من دون الالتفات الى وجوده. وعقدت رئيسة الحكومة في قاعة كبار الزوار، مؤتمرا صحافيا قالت فيه ان يوشينكو يتحمل أي فشل قد تسفر عنه مباحثاتها في موسكو، حول قضية امداد اوكرانيا بالغاز الروسي، فيما توجهت الى بقية اعضاء الوفد لتطلب منهم ضرورة البحث عن بدائل للسفر الى موسكو على متن طائرة اخرى. وعلى الرغم من ان مناقشة القضايا المتعلقة بصادرات الغاز الروسي الى اوكرانيا، تتصدر جدول اعمال مباحثات رئيسة الحكومة الاوكرانية في موسكو، فإن المراقبين يؤكدون ان الزيارة تستهدف ضمنا بحث الكثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالأوضاع في منطقة القوقاز وما يقال حول مسؤولية يوشينكو عن صادرات الأسلحة الأوكرانية ومنها المنظومات الصاروخية المضادة للطائرات الى جورجيا على خلفية احتدام الأزمة السياسية في اوكرانيا بعد انهيار الائتلاف الحكومي وانفراط عقد رفاق «الثورة البرتقالية». أما عن المشاكل المتعلقة بصادرات الغاز الروسي فتتلخص في رغبة موسكو في الاعلان عن التحول الى التصدير المباشر من جانب مؤسسة «غاز بروم» الروسية الى «نفطوغاز» الأوكرانية وبدء تعاون الجانبين في اعادة تصديره الى اوروبا، على ان توافق اوكرانيا على قبول التحول الى اسعار السوق والاعتراف بالديون المستحقة في حدود 1,8 مليار دولار، وهو ما يبدو اكثر مناسبة لروسيا بالدرجة الاولى.