قيادي بطالبان يرفض إجراء محادثات مع حكومة الرئيس كرزاي

أفغانستان : قائد «إيساف» يرى الاتفاق مع طالبان واردا وطلب إشراك القبائل في عملية إعادة السلام

قائد القوات الالمانية التابعة لـ«إيساف» في قندوز يتحدث الى عدد من زعماء القبائل الافغانية امس (رويترز)
TT

رفض قيادي بارز بحركة طالبان امس المصالحة مع ما اسماه بالحكومة «الافغانية الدمية» وهو أحدث تصريح في سلسلة من التصريحات من الجانبين حول احتمال اجراء محادثات سلام.

وبينما زاد العنف ليصل الى أسوأ مستوى له منذ عام 2001 لم يتمكن أي من الجانبين كسر الجمود الاستراتيجي والحصول على فائدة واضحة ما دفع الكثيرين للدعوة لاجراء محادثات لإنهاء الصراع ودفع طالبان الى سياسات سلمية. وقال الرئيس الافغاني حميد كرزاي انه طلب هذا الاسبوع من العاهل السعودي التوسط في المحادثات مع مقاتلي طالبان، ودعا زعيم طالبان الملا عمر للعودة الى مسقط رأسه ولتحقيق سلام.

غير أن نداء كرزاي لم يجد اي صدى، ورفضه قيادي بارز في طالبان. وقال الملا براذر لرويترز عبر اتصال بالاقمار الصناعية من مكان لم يكشف عنه : «نرفض عرضا للتفاوض من قبل الرئيس كرزاي». وتابع أن كرزاي ليس من حقه التفاوض مشيرا الى «انه يتحدث فقط ويفعل ما تبلغه به أميركا». ويمثل الاسلوب الصارم ضد كرزاي انحرافا عن تصريحات طالبان الاخيرة التي اتخذت أسلوبا لينا ضد الرئيس الموالي للغرب الذي يقود أفغانستان منذ اطاحة القوات الافغانية التي تقودها الولايات المتحدة بحركة طالبان بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول). ويبدو أيضا أنها تتعارض مع بيان أصدره الزعيم براذر في مارس (اذار) الماضي قال فيه ان طالبان يمكن أن تتعاون مع حكومة كرزاي، ودعا الى انهاء القتال عن طريق التفاوض. وكان براذر قائدا عسكريا بارزا عندما كانت طالبان تتولى السلطة في أفغانستان في أواخر التسعينيات وهو الان أحد أبرز زعماء الحركة. وجدد هدف حرب طالبان للقتال حتى طرد اخر جندي من زهاء 70 ألف جندي من القوات الاميركية وأخرى تابعة لحلف شمال الاطلسي من البلاد، وقال ان المقاتلين لن يتفاوضوا فيما لا تزال هناك قوات أجنبية على الاراضي الافغانية. الى ذلك اعتبر قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأميركي ديفد ماكيرنان اول من امس أن اتفاق السلطات الأفغانية مع حركة طالبان وارد، وأن دعوة القبائل إلى المساهمة في إحلال السلام بالبلاد «أمر جيد».

ودعا الجنرال ماكيرنان الى اشراك القبائل في عملية اعادة السلام الى هذا البلد، ولم يستبعد مصالحة مع زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر الذي طرد من السلطة. من جهة اخرى اكد ماكيرنان، قائد «ايساف» ان التحالف يحتاج الى مزيد من القوات لمواجهة «القتال الضاري» في شرق افغانستان وجنوبها. وقال ماكيرنان للصحافيين «حتى نصل الى النقطة الحاسمة، اي حين يتسلم الجيش الافغاني والشرطة الافغانية الشؤون الامنية، سيتعين على المجموعة الدولية تقديم مساعدات عسكرية». وكان ماكيرنان قد طلب ارسال اربعة ألوية قتالية اميركية اضافية وقوات مساندة ومروحيات وقدرات استطلاعية واستخباراتية ومراقبة. واوضح الجنرال الاميركي ان اي جهود للمصالحة يجب ان تقودها الحكومة الافغانية لكن بدعم عسكري. وردا على سؤال عن احتمال اجراء مفاوضات مع الملا محمد عمر، قال ماكيرنان «اعتقد ان هذا قرار سياسي يجب ان تتخذه القيادة السياسية في نهاية المطاف». وكان الرئيس الافغاني حميد كرزاي قد قال الثلاثاء الماضي انه طلب من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تنظيم محادثات مع طالبان ليتمكن الملا محمد عمر والقادة الآخرون في طالبان من العودة بسلام الى بلدهم. وقال ماكيرنان في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) «في نهاية المطاف الحل في افغانستان سيكون سياسيا وليس عسكريا». واضاف «لن نقضي على كل الاشرار هناك الذين يريدون ان يفعلوا امورا سيئة».

وتابع ان «الفكرة التي تعتمد عليها حكومة افغانستان في المصالحة اقرب معالجة للمسألة، وسنكون هناك لتقديم الدعم في اطار تفويضنا». وتأتي زيارة ماكيرنان لواشنطن بينما تقوم الولايات المتحدة بعملية مراجعة واسعة لاستراتيجيتها بسبب تصاعد العنف في افغانستان الذي يأتي من المواقع التي لجأ اليها الاسلاميون المتشددون في باكستان. ويفترض ان يبلغ عديد الجيش الافغاني 134 الف رجل خلال اربع سنوات. لكن ماكيرنان قال انه لا يعرف المدى الذي يستغرقه الوصول الى نقطة يمكن للقوات الدولية ان تخفض بعدها. وبعد ان اشار الى تجربة الولايات المتحدة في العراق، قال ماكيرنان ان تحقيق توازن جديد للقوى بين الحكومة المركزية والقبائل يمكن ان يضمن الامن على المستوى المحلي. واضاف «يبدو لي ان اشراك هذه القبائل وربطهم بالحكم سواء على مستوى الولايات او المناطق، ينمان عن ذكاء». وتابع ان «هذا الامر يجب ان يتم بشكل صحيح وإلا سنعود الى مشاكل الميليشيات المسلحة ودعم امراء الحرب وممارسات الفساد». واوضح ان هذا الامر يجب ان يترك للحكومة لعدة اسباب من بينها ان البنية القبلية لافغانستان معقدة جدا وهزتها ثلاثون سنة من الحرب بشكل لا يسمح للقادة العسكريين بالعمل. كما شدد على اهمية اتباع استراتيجية تشمل باكستان المجاورة، موضحا ان استخدام الحكومة الباكستانية لملاحقة الناشطين في المنطقة القبلية وعملياتها العسكرية الاخيرة في منطقة باجور احد معاقل المتمردين، مشجعة. واضاف «لكن ليس من الواضح انها تؤثر على التمرد في افغانستان».

واكد انه سيتابع اقتراحا قدمه الاسبوع الماضي وزير الدفاع الافغاني لانشاء قوة مشتركة بين افغانستان وباكستان والقوة الدولية لتتمكن من العمل على جانبي الحدود الافغانية الباكستانية. وقال «انها فكرة قوية جدا» يمكن ان يقبل بها الباكستانيون «اذا طبقت بشكل صحيح».