بايدن وبالين اختلفا حول الضرائب والطاقة وحرب العراق وإيران.. واتفقا على رفضهما لزواج المثليين

المرشحان دافعا عن مواقف أوباما وماكين.. وتباريا على من يحقق التغيير أكثر من الآخر

بالين و بايدن يتبادلان الحديث وهما محاطان بأفراد عائلتيهما بعد انتهاء المناظرة (أ.ب)
TT

استعمل كل من جو بايدن المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس ومنافسته الجمهورية سارة بالين كل ما في جعبتهما لدحض وتفنيد آراء بعضهما خلال المناظرة التي جرت بينهما الليلة قبل الماضية، وعلى الرغم من ان استطلاعات الرأي التي أجريت أمس أشارت الى تفوق الديمقراطي بايدن، فإن أداء بالين التي لم تتلعثم او تتردد كان افضل بكثير قياساً لحوارات تلفزيونية سابقة أجريت معها. وبدت أكثر ثقة في نفسها. واشتبك المرشحان حول عدد من القضايا الداخلية من بينها الوضع الاقتصادي والتنقيب عن النفط والصحة والتعليم والتغيير المناخي، وقضايا خارجية تصدرتها حرب العراق وبرنامج ايران النووي واسرائيل والوضع في باكستان وافغانستان، مع مرور سريع على حركة حماس وحزب الله ومشكلة دارفور. ولجأ الاثنان الى قلب بعض الحقائق وتظليلها لدعم ما يقولان. وتباينت آراء المرشحين تبايناً كبيراً باستثناء موقفين، الأول حول باكستان حيث اتفقا على ان عدم الاستقرار في باكستان يشكل خطراُ على أمن الولايات المتحدة وعلى ضرورة دعم النظام الديمقراطي في باكستان، والموقف الثاني كان حول مسألة زواج المثليين، حيث اتفق الاثنان على رفض هذا الزواج مع ضمان حقوقهم في إطار الحريات المدنية التي يكفلها الدستور. وركز المرشحان على استقطاب الطبقة الوسطى، التي تشكل القوة الضاربة انتخابياً، لذلك سعى المرشحان الى تقديم نفسيهما كمدافعين عن الأسر التي تلتف حول «طاولة الطعام في المطبخ» لتناول وجبة العشاء، وهي الفترة التي يتحدث فيها عادة الأميركيون من الشرائح الوسطي عن مشاكلهم الحياتية. وقال بايدن في هذا المجال إنه تأثر كثيراً من موقف أحد جيرانه الذي قال له إنه لا يعرف كم تكلف عملية ملء خزان سيارته بالبنزين، لانه ببساطة لم يحدث ان قام بذلك، حيث لا يسعفه دخله على هذه المسألة.

وحاولت بالين خلال 90 دقيقة من المناظرة تحت ضغط ضرورة إظهار قدراتها، بعد حوارات تلفزيونية أحرجتها وشككت في استعدادها للمنصب، ان تسيطر على الوضع، لذلك بادرت الى الهجوم على بايدن وباراك اوباما واعتبرتهما من المدافعين عن رفع الضرائب، وانهما سيحولان «الانتصار في العراق الى هزيمة». وقالت بالين التي حاولت ان تضع مسافة بينها وبين إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش: «البطاقة الانتخابية التي ستحدث التغيير والتطلع الى المستقبل والتي لا تكترث الى توجيه اصابع الاتهام الى الوراء هي البطاقة التي تضم جون ماكين وانا، وهذا هو الطريق الذي يجب ان نسير فيه». وشددت على انها وماكين هما مرشحا التغيير.

وكان بايدن على غير العادة هادئاً وتخلى عن عنفه الكلامي الذي اشتهر به في اجتماعات الكونغرس، واعتمد أسلوبه بالاستناد الى وقائع سابقة ومواقف وأقوال للمرشح الجمهوري جون ماكين لدحض وحتى تسفيه بعض آراء بالين، وهذا الاسلوب جعل استطلاعاً للرأي اجرته شبكة «سي.بي.إس» يمنحه تفوقاً بنسبة 46 في المائة، مقابل نسبة 21 في المائة فقط لبالين، في حين أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي.إن.إن» تفوق بايدن بنسبة 51 في المائة مقابل 39 في المائة لبالين. وفي تفاصيل المواضيع التي اختلف حولها المرشحان، انتقدت بالين معارضة الديمقراطيين التنقيب عن النفط في الشواطئ، ورد بايدن بالمقابل بانتقاد ماكين الذي يعارض توسيع وتنمية مصادر الطاقة البديلة. وانتقدت بالين أكثر من مرة باراك اوباما لانه صوت عام 2005 لصالح مشروع قانون يسمح لشركات النفط بالحصول على اعفاءات ضريبية للشركات الكبيرة وقالت إنها عملت على وقف مثل هذه الشركات الجشعة في التنقيب عن النفط في ولايتها ألاسكا. وحول التغيير المناخي أعادت بالين رؤيتها المثيرة للجدل بان التغيير المناخي يرجع إلى حد كبير إلى التغييرات الدورية في الغلاف الجوي للأرض وليس بسبب سلوك الإنسان. واختلف بايدن معها قائلا ان تغير المناخ سببه الإنسان بالدرجة الأولى.

وبشأن الضرائب قال بايدن إنه من الوطنية النسبة للأشخاص الذين يتقاضون أزيد من 250 ألف دولار دفع ضرائب إضافية، مؤكداً ان خطة اوباما تهدف الى تخفيض الضرائب على 90 في المائة من الاميركيين.

ووصفت بالين هذه الخطة بأنها تهدف الى إعادة توزيع الثروة، لكن بايدن رد عليها قائلاً «لاحظت أن ماكين يريد تخفيض الضرائب المفروضة على الشركات وأيضا على الأغنياء». وفي تفاصيل القضايا الخارجية أظهر جو بايدن تفوقاً واضحاً، وقال بالنسبة للعراق فإن الولايات المتحدة تنفق 10 مليارات دولار شهرياً في العراق بينما تتجاهل الجبهة الحقيقية للإرهاب في كل من افغانستان وباكستان، مؤكداً ضرورة وضع استراتيجية وبرنامج زمني لسحب القوات الأميركية من العراق. وقال «في حال فوز باراك أوباما في الانتخابات سنضع فوراً نهاية لهذه الحرب». وأضاف إنه «في حالة فوز ماكين لن تكون هناك نهاية لهذه الحرب في المدى القريب». ووصفت بالين هذا الموقف بأنه استسلام، وقالت مخاطبة بايدن «خطتكم بالضبط هي خطة الاستسلام». وأشارت إلى أن أوباما يرفض الاعتراف بنجاح الخطة وزيادة عدد القوات الأميركية في تحقيق الأمن في العراق. وقالت: «لدينا خطة للانسحاب ولكننا لسنا بحاجة إلى انسحاب مبكر فلا يمكننا أن نخسر الحرب هناك».

وسخر بايدن من آراء جون ماكين حول حرب العراق، وقال في هذا الصدد: «جون ماكين قال إن السنة والشيعة عاشا مع بعضهما بعضاً دون ان يقرأ تاريخ 700 سنة مضت، جون ماكين يقول انه سيكون هناك ما يكفي من النفط لتسديد تكاليف حرب العراق ، جون ماكين أخطأ خطأً جسيماً». وتطرق المرشحان الى الوضع في الشرق الاوسط، وقال بايدن انه لا يوجد حليف وشخص مناصر لإسرائيل أكثر منه، مشيراً الى ان سياسة جورج بوش الفاشلة هي التي أدت الى وصول حماس الى السلطة في قطاع غزة وهيمنة حزب الله على لبنان، وقال إنه وأوباما كان قد عارضا اجراء انتخابات في قطاع غزة.

وبشأن ايران انتقدت بالين بشدة عزم اوباما التفاوض مع الرئيس الإيراني احمدي نجاد الذي يريد ان «يمحو اسرائيل من الخارطة»، وقالت إن اجراء محادثات مع مسؤولين ايرانيين يعد أكثر من السذاجة. ورد عليها بايدن بالقول إن اوباما قال بالتفاوض مع القادة الإيرانيين وليس مع الرئيس احمدي نجاد، مشيراً الى ان نجاد ليس هو الذي الرجل الذي يحكم ايران. وأوضح بايدن إن التفاوض مع ايران أوصى به خمسة وزراء خارجية اميركيين سابقين، ثلاثة منهم جمهوريون فضلا عن نصائح حلفاء واشنطن، وتساءل كيف ستكون هناك مقترحات ودبلوماسية دون جلوس وتفاوض. وتهكم بايدن على جون ماكين الذي قال إنه لن يتفاوض مع اسبانيا لانها سحبت جنودها من العراق علماً بأنها عضو في حلف الأطلسي ولها قوات عسكرية في أفغانستان.