بالين تعيد تصويب صورتها في عيون الجمهوريين.. وبايدن ينجح بتجنب الثرثرة

حاكمة آلاسكا بدت مرتاحة وواثقة وتنادي منافسها «جو»

TT

أحبطت سارة بالين، المرشحة لمنصب نائب الرئيس على تذكرة الحزب الجمهوري، آمال الذين توقعوا ليلة مليئة بالضحك على هفواتها، كما أحبط جو بايدن، منافسها الديمقراطي، آمال الذين توقعوا ليلة مشوقة تحمل الكثير من الثرثرة صادرة عمن وصفه الإعلام الاميركي بأنه «آلة تنتج الحماقات»، ولا يعرف متى يسكت.

فسارة بالين التي اعتلت منصة مركز إنيرجي اكسل في مدينة سان بول لتعلن قبولها ترشيح الحزب الجمهوري لها كنائبة للرئيس على تذكرة جون ماكين وأثارت دهشة وإعجاب الكثيرين حينها، عادت بثقتها وحيويتها، لتثير الدهشة من جديد في المناظرة التي جمعتها بجوزيف بايدن المرشح لمنصب نائب الرئيس على تذكرة الحزب الديمقراطي. وعلى عكس ما بدت عليه في مقابلتها الأخيرة الأسبوع الماضي، مترددة وإجاباتها تنم عن نقص في معلوماتها حول السياسة الخارجية، قلبت بالين التوقعات ليل أول أمس وأظهرت أداء قويا واستطاعت ان تتخطى الدقائق التسعين من المناظرة من دون الوقوع في أخطاء كبيرة. وبدا ان التحضير المكثف التي خضعت له في معسكر للتدريب في منزل ماكين في أريزونا طوال الاسبوع، أتى بثماره، فاستطاعت بالين ان تطمئن الحزب الجمهوري، وخصوصا الذين كانوا قد بدأوا يشكون بصوابية وحكمة قرار ماكين باختيارها، وتتخطى الامتحان بنجاح. وتمكنت حاكمة ولاية ألاسكا من اتخاذ مواقع هجومية في بعض الأحيان خلال المناظرة، خلافا لموقع الدفاع الذي وجدت نفسها فيه في الأيام الأخيرة الماضية بعد مقابلة وصفت بالكارثية مع كاتي كوريك من تلفزيون «سي بي إس». وبدت بالين مرتاحة وواثقة منذ البداية، وظهر ذلك جليا حين سألت بايدن وهي تصافحه تمهيدا لبدء المناظرة: «يمكنني أن أناديك جو؟». وخلال المناظرة لم تتردد بتوجيه الحديث الى بايدن والنظر في عينيه أكثر من مرة، وحتى أنها بدت اكثر ارتياحا من ماكين نفسه في مناظرته مع أوباما الأسبوع الماضي، الذي كان يتجنب النظر في عيني منافسه طوال الوقت.

وحاولت ان ترد على الأسئلة بإجابات بسيطة وغير معقدة، ولم تظهر عليها علامات الارتباك، ولو انها رددت في بعض الأحيان الجمل نفسها التي يستعملها ماكين مثلا عندما قالت ردا على موقف اوباما من الحرب في العراق: «خطتكم هي علم ابيض للاستسلام في العراق...». وحاولت ان تقلب فارق الخبرة بينها وبين بايدن لصالحها، حين قالت مثلا تعلقيا على تصويت بايدن مع الحرب على العراق ثم انقلابه ضد الحرب هناك: «من الواضح أنني لا انتمي الى الطبقة السياسية في واشنطن، فانا لا أفهمكم. مرة تقولون انكم تؤيدون الشيء ثم تنقلبون ضده». الا انها بدت أحيانا وكأنها تستعمل المبدأ نفسه الذي يعتمده أوباما مع ماكين.

وعلى الرغم من أنها استطاعت ان تذكر أسماء رؤساء الدول مثل (الرئيس الايراني محمود) أحمدي نجاد و(الرئيس العراقي جلال) طالباني و(رئيس كوريا الشمالية) كيم يونغ ايل، من دون خطأ، الا أنها أخطأت في اسم قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ديفيد ماكيرنن، وسمته «الجنرال ماكلالين» مرتين. كما أنها خلطت بين المتطرفين الشيعة والسنة عند حديثها عن الحرب على الإرهاب في أفغانستان. ولكن بايدن لم يصحح لها أيا من الأخطاء، وفسّر المحللون ذلك أنه لم يرد ان يبدو متعال او يظهر كجورج بوش الأب في مناظرته مع جيرالدين فيريرو، أول امرأة تترشح لمنصب نائب الرئيس في عام 1984، والتي اتهمت بوش بالتكبر والاستعلاء عندما راح يشرح لها الفرق بين السفارة الاميركية في طهران والانفجار الذي استهدف السفارة الأميركية في بيروت. واستطاع بايدن هو أيضا ان يلتزم بإجابات محبوكة جيدا من دون التمادي، ووصف بعض المعلقين أداءه بأنه الأفضل في حياته السياسية. واستطاع ان يتجنب الوقوع في فخ التعالي ومعاملة بالين كامرأة أقل خبرة منه، ولم يتوجه اليها الا باسمها الرسمي «الحاكمة بالين»، رغم أنها كانت هي تناديه باسمه المصغر «جو». وبدا المرشحان في سباق لتطمين الطبقة البيضاء العاملة، وكان كل منهما يحاول ان يظهر أنه أقرب لهذه الطبقة من الأخر. فكانت بالين تتحدث أحيانا بلغة شعبية وتستعمل كلمات غير مألوفة بين السياسيين، وتذكر بأنها وتوم، زوجها، يعرفان ما يمر به المواطن الاميركي العادي لأنهما ينتميان الى هذه الطبقة، وأنها هي أيضا كباقي الأميركيين والأمهات العاملات، أم لخمسة أولاد بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي المقابل، كان بايدن يتحدث عن سكان الحي الذي تربي فيه ويعطي أمثلة عن ان أصدقاءه في بنسلفانيا، وهي من الولايات المهمة وتغلب عليها الطبقة العاملة، تعبوا من سياسة ادارة بوش ويريدون التغيير. ولم يترك بايدن بالين تحظى بالرصيد لوحدها عند حديثها عن فهمها لما تمر به العائلات الأميركية لأنها ربت خمسة أطفال، بل رد بتأثر شديد ولحظة عاطفية جعلته يغص في حديثه وقال انه هو الذي يفهم معنى نضال العائلات لأنه اضطر الى تربية ولديه لوحده بعد ان توفيت زوجته وطفله في حادث سير في عام 1972. وقال إنه بسبب ذلك، يفهم نضال العائلات الأميركية ويعرف أنهم يريدون التغيير. نتيجة المناظرة في النهاية أرضت الجمهوريين المحافظين الذين كانوا قد بدأوا يشكون بقدرات بالين وجهوزيتها، إلا ان الديمقراطيين قالوا ان كل ما حققته بالين هو انها عادت وطمأنت قاعدتها، ولكنها لم تتمكن من اقناع المستقلين. ولكن الأهم، ان بالين وان لم تقنع الناخبين المستقلين بالتصويت للحزب الجمهوري، فهي لم تؤذ البطاقة الانتخابية كما كان الحزب يتخوف.