وزير الإعلام المغربي السابق يستقيل من الهيئة القيادية لحزب الاستقلال

المساري يكسر الهدوء الذي أعقب عطلة عيد الفطر

محمد العربي المساري ونص بيان الاستقالة
TT

قدم محمد العربي المساري، وزير الإعلام المغربي الأسبق، على نحو مفاجئ، استقالته من عضوية اللجنة التنفيذية (أعلى هيئة) لحزب الاستقلال، الذي يقود أمينه العام، عباس الفاسي، الائتلاف الحكومي الحالي.

وكسر البيان المكتوب والمختصر، الذي وزعه المسماري أمس على الصحف ووسائل الإعلام، الهدوء الذي أعقب عطلة عيد الفطر. وعزا البيان قرار الاستقالة من قيادة الحزب، الى علم المساري ان المؤتمر العام للحزب معرض للتأجيل؛ موضحا أنه كما في المرات السابقة لا يوجد مبرر لحرمان الاستقلاليات والاستقلاليين من حقهم في تقرير مصير الحزب، إلا اعتبارات وصفها، بيان الاستقالة، بكونها ذات طابع شكلي وفردي وثانوي، ليست هي الجديرة بأن تكون موضع الانشغال في الظروف التي تجتازها البلاد على إثر المتاهة التي أدت إليها انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) 2007.

وكشف المساري، في ذات البيان، أنه جمد منذ سنة نشاطه في حزب الاستقلال، الذي انتمى إليه بداية عقد الستينيات من القرن الماضي، دون أن يشرح الأسباب التي قادته إلى تجميد نشاطه في اللجنة التنفيذية فقط، أم أنه طال أيضا الأجهزة الحزبية الأخرى. وناشد المساري جميع من وصفهم بـ«ذوي الغيرة» العمل على معالجة جدية لأوضاع الحزب، ومصير البلاد، وذلك ضمن صف الأحزاب ذات المصداقية في الكفاح الوطني والديمقراطي دون أن يذكرها بالاسم. وبالوقوف عند بعض المفردات المضمنة في بيان الاستقالة، وتأملها، يتضح أن حزب الاستقلال، ربما يمر بأزمة، وان إحدى مسبباتها تكمن في الجدل الدائر منذ مدة، وسط الاستقلاليين بخصوص المؤتمر العام المقبل للحزب، الذي يفترض أن يبت في أمر تنحي عباس الفاسي عن الأمانة العامة، طبقا لقوانين الحزب التي تمنع صراحة أن يستمر الأمين العام الحالي لولاية ثالثة، بينما ظهرت اجتهادات بين بعض المنتسبين للحزب، تقول إن انتخاب أمين عام جديد، ليس هو رئيس الوزراء الحالي (الفاسي)، يمكن أن يضعف الحزب وسط المشهد السياسي المغربي، المرشح لتقلبات يصعب التكهن حاليا بمداها، خاصة وأن غيوما سياسية، بدأت تتجمع في سماء المغرب، تنذر بشتاء قاس مع ما يمكن أن يحمله من عواصف وأنواء.

وتقوى هذا الاحتمال، بعد إقدام حزبين على تشكيل فريق برلماني واحد، هما التجمع الوطني للأحرار (غالبية حكومة)، والأصالة والعاصرة (مساند للحكومة)، الحديث النشأة، والناتج عن انقراض أحزاب صغيرة، وهو حزب نواته الصلبة، حركة لكل الديمقراطيين، التي أسسها فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق في الداخلية، ورفيق الملك محمد السادس في الدراسة، لتكون الحركة، حسب إعلان مؤسسيها في البداية، مجرد فضاء للنقاش الحر، بين المكونات الحزبية والسياسية في المغرب، لكن وسط دهشة الجميع، سرعان ما تحولت هذه الحركة إلى حزب، لم يلاق الترحيب من عموم الأحزاب المغربية، التي بات بعضها متخوفا من اكتساح يقوم به الحزبان المتحدان على الصعيد البرلماني، لاستهداف حزب الاستقلال، ومنصب رئاسة الحكومة، وربما هذا ما جعل المساري يصف الظروف التي تجتازها البلاد بأنها متولدة عن المتاهة التي أدت إليها انتخابات السابع من سبتمبر 2007. ولا يمكن، من وجهة نظر المساري، مواجهة تبعاتها بترجيح كفة اعتبارات ذات طابع شكلي وفردي وثانوي، في إشارة واضحة إلى الذين يدافعون عن استمرار الفاسي لولاية ثالثة، ولو انتهت بانتهاء مهامه كرئيس للحكومة، ولذلك فهو يدعو صراحة إلى القيام بمعالجة جدية لأوضاع الحزب ومصير البلاد إلى جانب الأحزاب ذات المصداقية في الكفاح الوطني والديمقراطي، ما يعني أنه غير مرتاح للتفاعلات الجارية في الساحة الحزبية في بلاده.

ولم يوضح المساري في نص الاستقالة، ما إذا كان خاطب رفاقه في قيادة الحزب، بخصوص قراره أم أنه تصرف بمفرده، مع الإشارة إلى أنه توجد بحزب الاستقلال هيئة مصغرة للرئاسة، تضم حكماء الحزب وقيادييه القدامى، تعرض عليهم الأمور الخلافية الكبرى، فيشيرون على المختلفين بالنصيحة.

ولا شك أن المساري فكر مليا في احتمال تعرضه لضغوط لكي يعدل عن الاستقالة التي اتخذها وهو يجتاز فترة نقاهة وراحة بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة على القلب، أجريت له في الأسابيع الأخيرة بإحدى مصحات العاصمة المغربية.

يذكر أن المساري انتسب إلى حزب الاستقلال من بوابة جريدة «العلم» الناطقة باسم الحزب، محررا رئيسيا ثم رئيسا للتحرير، ليتولى إدارتها بعد أن تقلد زميله الأديب عبد الكريم غلاب منصبا حكوميا في حكومة الراحل المعطي بوعبيد أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي. وظل المساري مديرا لـ«العلم» إلى حين تعيينه سفيرا في البرازيل، حيث قيل آنذاك ان وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، أراد من خلال إبعاده إلى برازيليا أن يرتاح من إزعاج المساري في البرلمان، حيث كان يرأس فريق حزبه المعارض في مجلس النواب.