وزير الإعلام الأفغاني السابق: وجوه طالبان المعتدلة حلقة رئيسية في مبادرة إنهاء العنف

تشكري المستشار الأسبق للرئيس كرزاي لـ«الشرق الأوسط» : تضارب المصالح بين الأطراف يرجع إلى صعوبة المفاوضات

وزير الإعلام الأفغاني السابق صديق تشكري (تصوير: حاتم عويضة)
TT

كشف وزير الإعلام الأفغاني السابق، محمد صديق تشكري، المستشار الاسبق للرئيس حميد كرزاي، عن مشاركة عدد من قادة طالبان السابقين في مبادرة وقف العنف المطروحة حاليا برعاية سعودية وبريطانية. وقال في لقاء مع «الشرق الاوسط» خلال زيارته للعاصمة لندن، ان مولوي ارسلان رحماني وزير الدراسات عهد طالبان، ووزير خارجية الملا عمر وكيل متوكل والملا احمد يار وزير عودة المهاجرين، والملا عبد السلام ضعيف سفير طالبان في إسلام آباد الذي قضى نحو 4 سنوات في غوانتانامو، وعبد الحكيم مجاهد صوت الملا عمر في الامم المتحدة يقومون بالوساطة بين طالبان وحكومة الرئيس كرزاي. وقال انه بالرغم من ان الملا عمر حاكم الحركة الاصولية وافق على شروط انهاء العنف، إلا انه يرفض وساطة هؤلاء الذين يعيشون تحت حماية حكومة كرزاي مثل الملا ضعيف والملا وكيل متوكل وآخرين. وكشف تشكري الذي كان يعرف في سنوات الجهاد ضد الروس بالكومندان تشكري، حاكم كابل الليلي، ان هناك جناحا متشددا من طالبان يرفض التعاون في تلك المفاوضات، وهذا الجناح يفضل الجلوس مع الاميركيين لوضع الخطوط النهائية لخروج القوات الاجنبية ووقف العنف وليس مع ممثلي الرئيس كرزاي. وتحدث تشكري عن شروط وقف العنف التي وافق على بعض منها الملا عمر وكرزاي مثل تعيين محافظين وقواد للأمن من طالبان في المناطق التي يسيطرون عليها في جنوب البلاد. وتشكري الذي يتحدث العربية بطلاقة خريج مدرسة ابي حنيفة النعمان بالعاصمة كابل عام 1976 التي تزامل فيها مع صديقه الشيخ يونس قانوني، رئيس البرلمان الافغاني الحالي، ثم حصل على منحة دراسية من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة لمدة ثماني سنوات، وبعدها عاد الى بلاده ليشارك في الجهاد الافغاني ضد الروس.

وربط صديق المستشار الاسبق للرئيس حميد كرزاي مبادرة انهاء العنف في افغانستان المطروحة حاليا بقرب الانتخابات الرئاسية في العاصمة كابل بعد تسعة شهور. وقال انه ضمن الاهداف المطروحة ادخال صناديق الاقتراع الى المناطق التي تسيطر عيها طالبان في جنوب البلاد مثل هلمند وقندهار. وأعرب عن اعتقاده ان الزمن كفيل بوحدة الافغان على رأي وقلب رجل واحد بعد سنوات طويلة من الاقتتال الداخلي. وقال ان نجاح المفاوضات في صورته النهائية يحتاج على الاقل الى نحو عامين. ويصف تشكري نفسه بأنه «مجاهد في سبيل الله، والمجاهد لا يهمه ماذا يكون ما دام في خدمة الاسلام». وقال: «خدمت في الوزارة وتقلدت منصب وزير الاعلام وكنت بجانب الرئيس مستشاراً له، ولكني استقلت من منصبي بسبب عدم رضاي عما يجري في بلدي، المهم أمامي هو حماية الدولة وعودة الامن والاستقرار». وأرجع تضارب المصالح بين الاطراف الى صعوبة تلك المفاوضات، إلا انه أكد انهم تخطوا مرحلة «إذابة الثلوج» وكسر الجمود بين طالبان وحكومة كرزاي. واكد ان الجناح المتشدد من طالبان ومجلس الشورى للحركة بقيادة الملا عمر، موافق على فتح باب الحوار مع حكومة كرزاي. وقال انه شخصيا تقدم بمبادرة سابقة للرئيس كرزاي تقضي بدعوة العلماء الثقات من السعودية والدول العربية لاصدار فتوى بحق العنف الذي اكل الاخضر واليابس في افغانستان، وقال ان طالبان كانت ستقبل تلك الفتوى من المنظور الاسلامي، إلا ان الرئيس كرزاي طلب منه التمهل في هذا الامر، بعد ان استدعاه السفير الاميركي في كابل لمناقشة مثل هذا الامر قبل خروجه للاعلام. وقلل من اهمية خروج قيادات طالبان من حين لآخر باعلان تراجع هنا وآخر هناك عن تلك المفاوضات، وقال انها من باب «الفرقعات الاعلامية» او الحسابات الداخلية، مشيرا الى ان الجميع مقتنع من خلال المنظور والفقه والشرع الاسلامي ان الوقت قد حان بضرورة انهاء العنف في الشارع الافغاني، وأدى الى قتل الآلاف من المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة في الصراع الدائر. وقال ان الازمة في افغانستان اليوم لن تحل إلا من خلال المنظور الاسلامي المقتنع به فرقاء النزاع اليوم. وقال ان المصالحة الوطنية تهدف إلى الانفتاح على العناصر المعتدلة من قادة طالبان. وتحدث عن رعاية سعودية لإنهاء الحرب في أفغانستان. ووضع ممثلو طالبان 11 شرطا يأتي في مقدمتها تعيين أعضاء الحركة وزراء يتولون الوزارات الأساسية وانسحاب القوات الأجنبية من البلاد، وإجراء تعديل على الدستور يضمن حقوق المرأة من جانب توزيرها او كنائبة في البرلمان. وأوضح تشكري «عانينا ثلاثة عقود من الحروب المتواصلة سواء ضد الروس او بين المجاهدين ضد بعضهم بعضا، ثم ما زلنا في صراع يومي وقتال بين القوات الحكومية وطالبان». وقال لـ«الشرق الاوسط» انه لا يصدق ان هذه حال كابل من الفوضى والفقر والتدهور الاقتصادي والفساد الاداري. ويضيف «لكل هذه الأسباب قدمت استقالتي من القصر الجمهوري كمستشار للرئيس كرزاي قبل ستة شهور». ويشير الى «ان حل مشاكل افغانستان لن يكون إلا بالمصالحة بين فئات الشعب». وكان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي قد نصح زعيم نظام طالبان السابق في أفغانستان الملا عمر بالعودة إلى أفغانستان، وانه كرئيس للبلاد يضمن سلامته. وقال في مقابلة مع شبكة «جيو تي في» التلفزيونية الباكستانية «أقترح على الملا عمر العودة إلى افغانستان لأني سأكون شخصياً مسؤولا عن سلامته وأمنه وسأكون مسؤولا أمام العالم بأجمعه نيابة عنه». كما دعا كرزاي الملا عمر للانضمام إلى المسيرة السياسية في أفغانستان والترشح إلى انتخابات الرئاسة الأفغانية المقبلة، لأن كرزاي اعترف بأن عودة الملا عمر إلى أفغانستان من مصلحة وازدهار وسلامة البلاد. وقال كرزاي إن حكومته تحاول اقناع مسلحي طالبان بإلقاء أسلحتهم، والانضمام الى الحكومة، وانه ناشد الملا عمر زعيم حركة طالبان «العودة الى بلاده والعمل من أجل سعادة الشعب الافغاني». وقال إنه مستعد شخصيا لحماية الملا عمر من القوات الأميركية والدولية، اذا ما قرر العودة الى افغانستان. وذكر الرئيس الأفغاني، أنه أرسل مسؤولين أفغانا إلى السعودية وباكستان، بهدف السعي لإطلاق مباحثات سلام مع طالبان. وقال كرزاي «منذ سنتين وأنا أبعث رسائل وإشارات إلى العاهل السعودي، أطلب منه فيها، بصفته قائدا بارزا من قادة العالم الإسلامي، مساعدتنا على إحلال السلام في أفغانستان». وأضاف الرئيس الأفغاني أن «الاستعداد للانخراط في المفاوضات جار بشكل يومي. لقد سافر مبعوثونا عدة مرات إلى السعودية وباكستان، لكن المباحثات لم تنطلق بعد، نأمل أن تتم قريبا».