إسرائيل «ستأكل» إيران.. كوشنير يصحح نفسه بسبب ورطة حرف «الهاء»

رايس: واشنطن تبحث إقامة بعثة دبلوماسية في طهران * متقي: لن نوقف التخصيب

الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال محادثاته مع وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورو في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

وضع حرف الـ «هـ»، وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في ورطة امس بعدما نقل عنه خطأ قوله «انه يمكن لاسرائيل أن تأكل ايران اذا ارادت»، فيما كان كوشنير يقصد «تضرب». ونقلت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية عن كوشنير قوله في مقابلة بشأن امكانية امتلاك طهران لسلاح نووي «بأمانة لا اعتقد أنه، السلاح النووي، سيوفر أي حصانة لإيران.. لأنكم ستأكلونهم قبل ذلك». لكن وزارة الخارجية الفرنسية اصدرت بيانا موجزا في وقت لاحق امس قالت فيه ان كوشنير كان يقصد أن يقول «ستضربونهم» أي تنفيذ ضربة وقائية مسبقة وليس الالتهام. وأضافت أن كوشنير «أعرب عن أسفه على سوء الفهم الذي سببه هذا الارتباك اللفظي». والحرف الذي سقط أو صعب على كوشنير نطقه بطريقة واضحة هو حرف الهاء او «اتش» باللغة الانجليزية، وهو حرف صامت في اللغة الفرنسية وكثير من الفرنسيين يسقطونه عن غير قصد عندما يتحدثون الانجليزية. ونطق كوشنير كلمة «ايت» أي يأكل أو يلتهم، بدلا من أن يقول «هيت» التي تعني يضرب. وذكرت الوزارة أن كوشنير، الذي يقوم حاليا بجولة في دول بالشرق الأوسط من بينها اسرائيل، أعرب عن أسفه العميق لهذا الخطأ الذي تسبب في سوء الفهم.

وشدد كوشنير في مقابلته مع «هآرتس» على دعم جهود السلام بين الدولة العبرية والفلسطينيين، وعلى ان اسرائيل ستتحرك ضد طهران قبل ان تمتلك ايران قنبلة نووية.

وقال كوشنير ان «اسرائيل قالت دائما انها لن تنتظر حتى تصبح القنبلة (الايرانية) جاهزة. اعتقد ان الايرانيين يعرفون ذلك والجميع يعرفون ذلك». إلا انه رأى في الوقت نفسه ان «الخيار العسكري ليس حلا». وكرر كوشنير ان «امتلاك ايران قنبلة نووية أمر مرفوض تماما»، داعيا من جديد الى مقاربة مع ايران تشمل «عقوبات يرافقها حوار». وردا على سؤال عن تجنب الوصول الى هذا الوضع، قال «يجب التحدث والتحدث والتحدث وعرض الحوار وعقوبات وعقوبات وعقوبات». وتابع ان «البعض في اسرائيل والجيش» يفكرون في اللجوء الى القوة ضد ايران، الا انه اكد ان «هذا ليس حلا برأيي».

وتبذل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين جهودا للتوصل الى حل مع ايران لتجمد نشاطاتها النووية الحساسة التي يشتبه الغرب بأنها تغطي نشاطات عسكرية رغم نفي طهران المتكرر لذلك. ونشرت المقابلة التي أجريت باللغة الانجليزية قبيل لقاء كوشنير مع رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت ووزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني المكلفة تشكيل حكومة جديدة.

من جهة أخرى، أكد الوزير الفرنسي ان اسرائيل ايضا ستشهد «فترة صعبة الى ان يستقر الوضع السياسي» فيها، معبرا في الوقت نفسه عن تقديره لنظيرته الاسرائيلية تسيبي ليفني المكلفة تشكيل حكومة جديدة خلفا لايهود اولمرت. وقال كوشنير «انني أعرفها بشكل جيد. أشعر بالسعادة لاختيارها رئيسة لحزب كاديما.. ولا أخشى ان تتخلى عن عملية السلام».

ويأتي ذلك فيما اكد وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي امس ان بلاده ستواصل عمليات تخصيب اليورانيوم حتى اذا ضمنت الحصول على إمدادات الوقود النووي من الخارج. وقال متقي في مؤتمر صحافي مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو «ان سياستنا الثابتة تسعى الى الاكتفاء الذاتي من المحروقات لمحطاتنا النووية. وتماشيا مع القانون وحقوقنا المطابقة لمعاهدة الحد من الانتشار النووي، سنواصل نشاطاتنا النووية السلمية لنصل الى الاكتفاء الذاتي». وردا على سؤال عما إذا كانت ايران توافق على تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم في حال قدمت لها الدول الغربية ضمانات لجهة تزويدها بالمحروقات النووية، أجاب متقي بالنفي. وتابع: «بمجرد أن يصبح لدينا اكتفاء ذاتي في انتاج الوقود.. نحن مستعدون لإمداده الى البلاد التي تحتاجه». وتخضع ايران لسلسلة عقوبات فرضها مجلس الامن الدولي نتيجة رفضها تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم. وتحاول ست دول (فرنسا، بريطانيا، المانيا، الولايات المتحدة، روسيا، الصين) منذ أشهر إقناع ايران ببدء محادثات حول عرض بالتعاون الاقتصادي والسياسي الموسع مقابل تعليق التخصيب. ولم تعط كل تلك المحاولات نتيجة حتى الآن.

ونقل عن علي أصغر سلطانية سفير ايران لدى وكالة الطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة، قوله في بروكسل يوم الخميس الماضي ان ايران ستنظر في أمر التخلي عن تخصيب اليورانيوم اذا تلقت ضمانات بالحصول على امدادات الوقود من الخارج، غير أنه عاد وغير كلامه، موضحا ان جملته أخرجت من سياقها. الى ذلك، شجبت ايران اتفاقا نوويا بين الولايات المتحدة والهند. وقال محمد سعيدي نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية، انه انتهك معاهدة حظر الانتشار النووي. وأضاف سعيدي أن نقل تكنولوجيا نووية للهند من شأنه أن يقوض المعاهدة. والهند مسلحة نوويا ولم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي مثل ايران. ووافق مجلس الشيوخ الاميركي على اتفاق لم يسبق له مثيل يوم الاربعاء ينهي حظرا دام ثلاثة عقود على التجارة النووية الاميركية مع الهند.

من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ما زالت تبحث إقامة بعثة دبلوماسية في ايران. وتتناقض تصريحاتها فيما يبدو مع تقرير لوكالة الاسوشييتد برس بأن الادارة خلال الاشهر القليلة المتبقية لها في السلطة تخلت عن خطط فتح «قسم رعاية مصالح» في ايران. وصرحت رايس للصحافيين الذين سألوا عن وجود «قسم رعاية مصالح» أميركي محتمل في طهران «نواصل بحث هذه الفكرة.. ونعتقد أنها فكرة مثيرة للاهتمام». وكانت تتحدث على متن طائرتها في طريقها الى كازاخستان حيث تعتزم اجراء محادثات مع الحكومة. وقالت رايس «ولكننا سنبحث الأمر في ضوء ما يمكن أن يفعله بالنسبة لعلاقاتنا مع الشعب الايراني»، ولم تسهب في تصريحاتها.

ولا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين منذ قيام الثورة الايرانية في ايران عام 1979 والاستيلاء على السفارة الاميركية في طهران. وتتولى سويسرا مباشرة المصالح الاميركية في ايران لعدم وجود علاقات دبلوماسية. وأشار بوش يوما الى ايران باعتبارها جزءا من «محور الشر» الى جانب كوريا الشمالية والعراق أثناء فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وخلال الصيف الحالي قالت وسائل اعلام أميركية ان مسؤولين أميركيين كبارا في وزارة الخارجية يبحثون اقتراحا بإقامة «قسم رعاية مصالح» في طهران، وهو يماثل ما تديره الولايات المتحدة في هافانا منذ عام 1977.

ولن يرقى هذا الى اقامة علاقات دبلوماسية كاملة، ولكن يتضمن إرسال بعض الدبلوماسيين الاميركيين الى طهران. ولم تبحث رايس قط هذه الفكرة علانية في أي مرحلة، وقالت انها لا تريد التعقيب على «مشاورات داخلية». ولكن الشهور مرت دون الإعلان عن أي قرار.

وفي الأسبوع الماضي اتخذت ادارة بوش خطوة نادرة وهي منح تصريح لمنظمة «المجلس الاميركي ـ الايراني» غير الحكومية لفتح مكتب في ايران، وفيما قالت اميركا ان سياسة واشنطن تجاه ايران بما في ذلك العقوبات الاميركية الصارمة بسبب برنامجها النووي ما زالت كما هي، أعرب محللون عن رأيهم ان خطوة واشنطن تعتبر انفتاحا نسبيا. من ناحيته، أعرب عضو بارز بالبرلمان الإيراني، امس، عن معارضته الشديدة لإنشاء فرع للمجلس الاميركي ـ الايراني؛ وهو مؤسسة بحثية ومقره ولاية نيوجيرسي، في طهران. ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «إسنا» عن علاء الدين بروجردي رئيس لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان، قوله أمس «ينبغي ألا تصدر الحكومة تصريحا لهذا المكتب». وأضاف أن رئيس المجلس «هوشانج أمير أحمدي» ليس إلا عميلا للولايات المتحدة وأن إنشاء فرع للمجلس في طهران لن يتماشى مع المصالح القومية لإيران». وقال بروجردي إن أي جهود لتحسين العلاقات يتعين أن تكون على مستوى أعلى من المجلس الأميركي ـ الإيراني.