مسؤول «العلاقات العامة» لدى القراصنة: نطلب المال فقط ولن نسمح لهم بمسكنا كالأغنام

استغرب السؤال عن تحصيله العلمي فرد: اتصل بي في وقت لاحق

TT

حاولت الاتصال بالقراصنة مرات عديدة، وربما كانت تلك هي المحاولة الخمسين بالنسبة لي، حتى إنني اعتقدت أن الخط ربما كان مشغولاً أو أنهم قاموا بتعليق خدمة الهاتف. لكن أحدهم ـ بعد تلك المحاولات المتكررة ـ رفع اخيراً سماعة الهاتف صباح يوم الخميس الماضي.

سألته: «هل أستطيع أن أتحدث إلى الناطق باسم القراصنة؟»، يعجب الرجل من ذكر اسم المتحدث باسم القراصنة. انه امر غريب أن يقوم شخص بإجراء مقابلة عبر الأقمار الصناعية مع مجموعة من اللصوص البحارة ينشطون في المحيط الهندي على بعد 700 كيلومتر من المقهى الصغير في نيروبي، والذي منه اجريت الاتصالَ.

هؤلاء الذين حاولت الاتصال بهم مرات عدة، هم حفنة من القراصنة الذين قاموا في الخامس والعشرين من سبتمبر(أيلول) الماضي باختطاف سفينة أوكرانية محملة بالدبابات وقاذفات القنابل وأثاروا حنق أكبر قوتين بحريتين في العالم، إذ أرسلت البحريتان الأميركية والروسية سفنًا حربية لمطاردة السفينة.

والقراصنة الصوماليون ليسوا كما قدمهم الممثل جوني ديب في فيلمه قراصنة الكاريبي يعمدون إلى التزين، بل إنهم يبدون عقلانيين، فقراصنة القرن العشرين لديهم منطق عقلاني جدًا، مثل ما قاله سوغولو علي، وهو المتحدث الرسمي باسم القراصنة: «أنت لا تموت إلا مرة واحدة»، ويضيف «نحن نرى الأشخاص الذين يلقون النفايات في مياهنا الإقليمية، كما نشاهد أولئك الذين يصيدون الأسماك بصورة غير شرعية من مياهنا أيضًا، ونرى أولئك الذين يقومون بكل الأمور غير الشرعية في مياهنا».

ويقول سوغولو الذي قيل لي من دون تأكيد أنه القرصان الوحيد المخول الحديث إلى وسائل الإعلام «لن نسمح لهم أن يمسكوا بنا كالاغنام».

ويبدو من حديث سوغولو أنه، كما تخيلته، شخص هادئ الطباع به مسحة من خشونة، وشعرت في صوته بنبرة الفرسان. ولا يتوافر الكثير من المعلومات حول ذلك الشخص المختص بمسألة «العلاقات العامة» لدى القراصنة، لكن يبدو من صوته أنه ما بين 25 و40 من العمر. والمجموعة التي يتبعها إنما هي مجموعة من الصيادين السابقين الذين تركوا مهنة صيد الأسماك وتحولوا إلى اختطاف السفن بعيدًا عن السواحل الصومالية وطلب فدية من أصحاب تلك السفن، وغالبًا ما يكون المبلغ مليون دولار فأكثر. وقال سوغولو عن نفسه إنه من الإقليم الأوسط في الصومال، ومن المعروف أن كلمة «الإقليم الأوسط» تعني قبيلة حاوي والأكثر احتمالا عشيرة هبير غدير التي تتحدر من تلك القبيلة. وقال لي مترجمي: «ربما لا يكون سوغولو متعلمًا لكنه رجل ذكي تلقى خبرته من الحياة». كان حصولي على هاتف سوغولو أمراً بالغ السرية، فقد حصلت عليه من مسؤول كبير في نيروبي كان من بين المشاركين في محاولة إنهاء تلك المأساة بصورة سلمية.

وفي حوارنا الذي استمر 45 دقيقة أعلمني سوجولو بكل الأمور المتعلقة بالقراصنة، ومنها ما تسميه المجموعة التي ينتمي إليها باسم «سواحل المنطقة الوسطى»، والتي قال عن سبب انضمامه إليها إنها «تقوم بدوريات لحراسة السواحل الصومالية». وعن مطالبهم قال: «المال فقط». وسألت سوغولو عما إذا كان قد التحق بالتعليم في بلد لا يتمتع غالبية شبابه بتلك المزية، فقد أدى سقوط الحكومة الوسطى عام 1991 إلى خروج جيل كامل إلى الشارع حيث السطوة الحقيقية للسلاح فقط، فرد سوغولو: «إن أسئلتك تزداد غرابة، اتصل بي في وقت لاحق».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»