قيادي في «الصحوة»: أغلب عناصرنا يفضلون الشرطة على الجيش

قال لـ «الشرق الأوسط» إن عملية دمجهم مجرد كلام لم يتحقق منه شيء حتى الآن

تلميذات يمررن بالقرب من جنود أميركيين وعناصر الصحوة في منطقة الفضل ببغداد أمس (أ.ب)
TT

منطقة الطارمية أو كما يحب سكانها تسميتها «المشاهدة» نسبة إلى عشيرة المشاهدة التي تقطنها، وتعد واحدة من أجمل المناطق المحيطة بالعاصمة العراقية بغداد، وكانت متنفساً لعوائل بغداد ممن يعشقون قضاء وقت بين بساتين النخيل والفاكهة التي تنتشر بكثافة على ضفتي نهر دجلة الذي يمر من هذه المنطقة قبل وصوله لبغداد.

الطارمية التي تبعد عن بغداد 30 كم شمالا كانت والى فترة قصيرة من اخطر المناطق في العراق، ومعقلا لتنظيم «القاعدة».

وكان مجرد التفكير في زيارتها يعني الانتحار. «الشرق الأوسط» زارت اول من امس المنطقة بعد الاتفاق مع قادة «صحوة المشاهدة» الشيخ ماهر أبو سفيان. وبدا الانتشار الكثيف لعناصر الصحوة في المنطقة واضحاً. وكانت هناك نقاط تفتيش عدة كل يحمل اسم مسؤولها مثل نقاط صحوة الشيخ محمود الجمعة ونقاط صحوة الشيخ عماد. والى الجنوب من الطارمية، تقع المنطقة التي يسيطر عليها الشيخ ماهر أبو سفيان وتسمى قواته «صحوة أبو سفيان». في تقاطع ابن سيناء، كان المسلح علي عبد الله محمد ومسؤول نقطة التفتيش احمد كامل بندر. محمد أكد انه يعمل في هذه النقطة منذ ما يقرب عامين وكل ما يتقاضاه هو مبلغ زهيد جداً، وكان في السابق احد ضباط الجيش العراقي لكنه لم يتمكن من العودة للجيش الحالي رغم كثرة مراجعاته لوزارة الدفاع ولا يعلم السببَ وراء رفضها عودتهم وهكذا الحال لبندر.

من جهته، اوضح بندر أن الطارمية كانت من المناطق الخطرة جدا بسبب طبيعة تكوينها، فهي عبارة عن غابة كبيرة من البساتين التي تمتد على طول نهر دجلة من كلا الجانبين. وتضرر السكان بعد أن تحولت معقلا لـ«القاعدة»، فاغلبهم يعتمدون على الزراعة وما يجنونه من بساتينهم التي بقت منذ عام 2004 وحتى نهاية 2006 بدون رعاية، وهذا ما اثر على مستوى عيش السكان، وهناك نسبة كبيرة من السكان كانوا يعتمدون على مرتباتهم في الجيش العراقي السابق وبعد حل الجيش بقوا دون مصادر دخل. وأضاف ان منطقتهم تضم ثماني نقاط تفتيش في كل نقطة ما لا يقل عن 20 عنصرا يتناوبون بالحراسات. ويضيف يمكن القول إننا تمكنا من طرد «القاعدة» من مناطقنا بشكل نهائي، لكن لأهمية المكان لبغداد يجب الاستمرار بتأمينه ولا اعرف إلى متى سيستمر الأمر، لكننا نتمنى إنهاء كل مظاهر التسلح والعودة لأعمالنا وبدء حياة جديدة». الشيخ أبو سفيان أكد انه منذ وضع قوات الصحوة تحت إشراف الحكومة العراقية، مطلع الشهر الحالي، «يمكن القول إن التعاون أصبح أكثر وضوحا من السابق، وهناك تنسيق بين الأطراف، رغم أن التعاون كان موجودا قبل ذلك». وبين أن أفراد الصحوة يفضلون الانضمام للشرطة بنسبة ثلثين والثلث الآخر للجيش.

واوضح أن طريقة الاندماج «ليست كما فهمها البعض، أي أن أفراد الصحوة يذهبون للشرطة ويبدأون دوامهم في المديريات، فلم يحدث هذا، كل ما حدث هو أن أفراد الصحوة رشح منهم 20% وبقوا في نفس أماكنهم وبنفس ملابسهم، وكل ما حدث أن أسماءهم ألحقت بوزارتي الداخلية والدفاع وستصلهم رواتبهم من هذه الجهات، والبقية وهم النسبة الأعظم، نجد أنفسنا محتارين حيال الكيفية التي سنؤمن لهم بها عيشهم، وكنا نتمنى ضم الجميع وليس الاكتفاء بنسبة صغيرة، وهذا الأمر سيخلق مشاكل عديدة، الجميع في غنى عنها». آمر نقطة تفتيش ابن سيناء بندر، أكد انه «لم يحدث أي تغيير بهذا الاندماج حتى الآن، وكل ما تحقق هو كلام فقط والاندماج حدد بفترة ستة أشهر ولا نعلم ماذا سيحدث بعدها هل سيستدعوننا للوزارة أو سيخضعوننا لدورات تدريبية، وحتى الرواتب لم نتسلم أي مبلغ من الحكومة بعد»، مشيرا إلى أن من بين نقاط صحوته هناك 6 ضباط كانوا ضمن الجيش السابق ولم يتمكنوا من العودة لوظائفهم رغم مراجعاتهم الكثيرة لوزارة الدفاع. الشيخ ماهر قال «إن لأغلب قاعدة الصحوات شكاً في تحقيق كافة مطالبهم، وكل ما يحدث الآن هو إعطاؤنا جرعة مخدرة»، مشيرا إلى انه لم ير حتى الآن أي مكسب حقيقي، «بل على العكس من ذلك، هناك أوامر إلقاء القبض على اغلب قادة الصحوات وحتى أفرادها. في المقابل كانت شروطنا التي قدمناها للحكومة هو عدم إلقاء القبض على أيٍّ منا ولا حتى عناصرنا، ولا حتى نقوم بتسليمهم، ولماذا نقوم بتسليمهم وبأي ذنب هل لأننا قاتلنا القاعدة؟ هل لأننا حققنا الأمن في مناطق كانت خطرة».

وبسؤاله عن احتمل بقاء «القاعدة» في العراق، قال أبو سفيان انه «للأسف، نجد انه كتنظيم سيبقى في هذا البلد لان هناك جهات تقدم الدعم له ولديها مصالح بان يبقى العراق ساحة صراع، وهي نفس الجهات التي مدت تنظيمات أخرى ساهمت في عدم استقرار البلد»، مضيفا انه «في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة جديدة بين «القاعدة» سميت «فتيان الجنة» وهم فتية يأتون بهم من الشوارع وأيتام فقدوا ذويهم ولا معيل لهم، فيقومون بغسل أدمغتهم وحشوها بمعلومات تساير مخططاتهم وإغرائهم بالمال، ومن ثم إرسالهم لتفجير أنفسهم بين المواطنين الأبرياء. وقبل أيام، حصل هجوم في منطقتنا بواسطة هذا التنظيم حيث أرسل طفل لقائد صحوة الطارمية، الشيخ عماد، أدى إلى بتر احد أطرافه.