وفد رئاسي سوداني يجري محادثات في باريس حول دارفور والمحكمة الجنائية

فرنسا تواصل المشاورات على مستوى عال وتكرر نفي أي صفقة

TT

رغم استبعاد باريس بشكل متكرر وجود «مفاوضات» بينها وبين الخرطوم حول موضوع دارفور والمحكمة الدولية، إلا أن الاتصالات بين الطرفين مستمرة وعلى مستوى عال. ومثلما كان منتظرا حلَّ في باريس وفد سوداني يقوده مستشار الرئيس البشير، الدكتور نافع علي نافع، لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين على رأسهم وزير الخارجية برنار كوشنير ومستشار الرئيس ساركوزي للشؤون الأفريقية برونو جوبير.

ويتميز الموقف الفرنسي الى حد ما بالغموض والتأرجح بين نفي رسمي لأية «مساومات» مع الخرطوم لجهة قبول باريس تفعيل المادة 16 من قانون المحكمة الجنائية التي تسمح بتجميد الملاحقة بحق الرئيس السوداني عمر البشير مقابل تسليم الوزير أحمد هارون وقائد الجنجويد علي قشيب، وبين استمرار الاتصالات والمشاورات على اكثر من صعيد.

وقد قام جوبير بزيارة للخرطوم بداية الشهر الماضي كما زار قطر التي أطلقت مبادرة بالتنسيق مع فرنسا من أجل إيجاد حل متكامل لموضوع دارفور ومصالحة السودان وتشاد. وخلال الكلمة التي ألقاها في الأمم المتحدة بداية الأسبوع الماضي، ربط الرئيس ساركوزي بين قبول بلاده النظر في تجميد الملاحقة بحق الرئيس السوداني مقابل «تغيير جذري» في السياسة السودانية فصلتها الخارجية بخمسة بنود هي: وقف المعارك والمذابح في دارفور، إطلاق حوار شامل وجامع مع كل الأطراف، تنفيذ قرارت المحكمة الدولية وتسهيل انتشار القوة الهجينة، وأخيرا احترام سلامة أراضي تشاد. وحتى الآن، يقوم موقف السودان الرسمي على رفض تسليم أي مواطن سوداني للمحكمة باعتبار أن السودان لم يوقع على معاهدة إنشائها وبالتالي ليس ملزما بما يصدر عنها. غير أن باريس تقول العكس وتؤكد أن المحكمة لديها انتداب من مجلس الأمن الدولي وبالتالي يتعين احترام قراراتها.

وتسعى باريس للبحث في مخارج معينة للتغلب على هذه العقبة وإحداها أن يحاكم هارون وقشيب أمام محكمة سودانية، ولكن تحت إشراف المحكمة الجنائية الدولية. وحتى الآن التزمت باريس الصمت حول هذا الجانب لكن مصادر متابعة للملف السوداني في فرنسا أكدت أن الموضوع طرح من غير أن يحسم.

وتقول الحكومة الفرنسية إنها «لا يمكن لها أن تتدخل في شؤون المحكمة» التي تعمل بشكل مستقل. فضلا عن ذلك، تمارس منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ضغوطا على الحكومة الفرنسية التي تتهمها بالسعي الى «صفقة مع السودان على حساب المحكمة».

وكان وزير الخارجية الفرنسي قد تناول مع نظيره القطري الخميس الماضي موضوع دارفور والمبادرة القطرية التي طرحت للمرة الأولى في دمشق خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس ساركوزي الى العاصمة السورية بداية الشهر الماضي حيث نظمت قمة رباعية ضمت الى جانب ساركوزي والرئيس الأسد، رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان وأمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني. ومن بنود المبادرة القطرية جمع كل أطراف النزاع السوداني وضم الأطراف الإقليمية وأولها تشاد. وتواجه باريس، التي تحظى بدعم بريطاني في مسعاها، رفضا أميركيا مبدئيا وتحفظا أوروبيا لتجميد المادة 16. وفي أي حال، ترى المصادر الفرنسية أن تجميد المادة المذكورة، وفق نص إنشاء المحكمة، لا يصلح إلا لعام واحد يمكن بعدها معاودة توجيه اتهامات رسمية للبشير والمطالبة بتسليمه إذا ما تبين أن السودان لم يف بجدول الشروط المطلوبة منه.