منظر «الجماعة الإسلامية»: الطريق السياسي مغلق تماما أمام الإسلاميين.. وكلامنا لا يهدف إرضاء الحكام

الجماعة تهاجم اليسار وتعتبره يحاول تشويه نصر أكتوبر

TT

فيما بدا أن الجماعة الإسلامية تحاول بقوة الاندماج بالمجتمع المصري، هاجم إسلاميون اليسار المصري بدعوى أن الأخير يشوه حرب أكتوبر، في الوقت الذي لازالت الجماعة تخطب وَد الدولة بعد بيان أصدرته في عيد الفطر دعت فيه الإسلاميين إلى ترك السياسة والاكتفاء بالدعوة ما أثار حفيظة جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أكبر فصيل إسلامي مشارك في السياسية في البلاد وتستحوذ على حوالي خمس مقاعد البرلمان.

ودافعت الجماعة عن البيان الذي أصدرته في العيد، نافية في الوقت نفسه أن يكون البيان صادرا من أجل خطب ود الحكام، وقال منظر الجماعة الدكتور ناجح إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: هدفنا مصلحة الإسلام والبلاد والحركات الإسلامية وتابع قائلا: «لا نخطب ود الحكام».

وأوضح أن تحرك الجماعة الأخير يأتي في سياق مراحل مختلفة في التعامل مع الدولة، مشيرا إلى أنه يعد المرحلة الثالثة بعد مرحلة وقف الصدام ومرحلة تصفية ملفات المعتقلين لتأتي المرحلة الثالثة الخاصة بوضع إطار للتعامل مع الحكم.

ورفض إبراهيم كلام نائب مرشد الإخوان الدكتور محمد حبيب حول أن مشاركة الإسلاميين في السياسة واجبة، مشيرا إلى أن كلام الإمام حسن البنا نفسه عقب حادث مقتل محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء المصري في أربعينيات القرن الماضي: «لو استدبرت في أمري ما استدبرت لكنت تفرغت للدعوة».

وجدد إبراهيم تأكيده على أن الطريق السياسي أمام الإسلاميين مغلق تماما، لكنه استدرك قائلا: لكن سمح لنا بممارسة قانونية ووجود مظلة شرعية بالتأكيد سنبحث الأمر.

وتساءل قائلا: الطريق مغلق أمامنا فهل نظل نمشي فيه ونحن نعلم اننا لن نصل إلى شيء أم ننظر إلى الخيارات الأخرى.

ودافع عن الهجوم على البيان الذي انتقد عدم الإشارة إلى نجاح الإسلاميين في دول أخرى مثل تركيا، قال إبراهيم: إننا في هذا البيان نختص بالحالة المصرية ، وحتى بالنسبة للتجربة التركية فلو حكم مصر حزب العدالة والتنمية التركي فسيرفضه أبناء الحركة الإسلامية. بدوره اعتبر الباحث السياسي الدكتور عمرو الشوبكي أن البيان يفتح بابا أوسع من باب المراجعات وينقل الجماعة الإسلامية من تعبيرها عن تنظيم جهادي إلى حالة إسلامية عامة. وقال البيان الجديد يخرج بنا إلى أزمة التيار الإسلامي، فهو ينتقل من مراجعة الفكر الجهادي إلى مراجعة ممارسات التيار الإسلامي. لكن الشوبكي ينتقد بينا الجماعة في عموميته وأنه رأى فشل التجارب الإسلامية. وأكد أن هناك تجارب ناجحة للإسلاميين في تركيا والمغرب وماليزيا ونسبيا في إندونيسيا. واستبعد الشوبكي أن تترك الدولة للإسلاميين المساحة لكي ينشطوا في المساجد، مشيرا إلى أن الحكومة لازالت تتعامل مع الإسلاميين باعتبار أنهم ملف أمني. وقال ما تسمح به الدولة هو أن تتواجد الجماعة إعلاميا لكنها لن تسمح بأن يكون هناك تواجد حقيقي. ونشرت الجماعة في موقعها على شبكة الانترنت مقالات تؤيد توجهها الجديد في التعامل مع الدولة وقال سمير العركي في مقال له حمل عنوان «حاشية على متن بيان العيد» إن بيان العيد الذي أصدرته الجماعة الإسلامية بعنوان «برقيات عاجلة لمن يهمه الأمر» بمثابة منفستو تأسيسي لعقد اجتماعي مأمول ومنتظر بين الحركة الإسلامية وبين الدولة والمجتمع.

لكنه حذر من تحول البيان إلى حبر على ورق إذا لم تنته حالة الفصام بين الحركة الإسلامية والدولة المصرية، مؤكدا أن الحركة الإسلامية ستظل هي صاحبة الوجود القوى، والتأثير الملموس. ودعا إلى ضرورة الحوار مع مختلف فئات المجتمع وقال: إن أشد ما يؤلم النفس أن تسعى الحركة الإسلامية لمد جسور التعاون والتفاهم مع أصحاب الاتجاهات الفكرية الأخرى في الوقت الذي أوصدنا فيه الأبواب في وجه بعضنا البعض. وباتت جسورنا البينية مهدمة لا تجد من يحاول إصلاحها.

وكانت الجماعة الإسلامية أعلنت في العام 1997 عن مبادرة لوقف العنف مع الدولة بعد سنوات من الصراع المسلح وعمليات عنف ضربت الدولة المصرية، لكن منذ الإعلان عن المبادرة هدأت الأمور خصوصا مع إطلاق المراجعات الفكرية للجماعة التي نبذت العنف. ورغم توجس الدولة المصرية من المراجعات في البداية خصوصا مع حادث الأقصر الذي استهدف سياحا أجانب إلا أنها تبنت المراجعات وتعاملت إيجابيا مع سجناء الجماعة وأفرجت عن الآلاف منهم ولم يتبق في السجون سوى بضع مئات معظمهم من المحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد وينتظر توفيق أوضاعهم.